لينا غانم / مجلة المسيرة
الأب خضره : الانخراط في الدولة ينمي شعور التجذّر في الوطن ويشكل مساهمة فعلية وعملية وحلاً لمشكلة هجرة الشباب اللبناني الى الخارج
عدد مياومي الكهرباء المعتصمين 2730 وعدد المسيحيين بينهم 460 فقط ونسبة الموظفين المثبتين في كادر الدولة هي 35 في المئة، ونسبة الأساتذة المسيحيين في التعليم المهني والتقني 11,5 في المئة.
لماذا يحجم المسيحيون عن الانخراط في المؤسسات والإدارات العامة مفضلين وظائف القطاع الخاص أو حتى الهجرة؟ لماذا يبتعدون عن الدخول في الأسلاك العسكرية مفضلين البطالة والغبن؟ لماذا لا تغريهم التقديمات والحوافز في وظائف القطاع العام؟ والسؤال الأهم هل تبنى الأوطان من دون مشاركة حقيقية في إداراتها؟ وإذا كان المسيحيون اتخذوا قرارهم ألا وهو الدولة والشرعية، فلماذا لا تتعدى نسبة الذين يعملون منهم في القطاع العام الثلاثين في المئة؟
مؤسس ورئيس جمعية “لابورا” الأب طوني خضره صوت صارخ في برية غياب الحضور المسيحي عن الإدارات والمؤسسات العامة. منذ ما يقارب الشهر أطلق حملة تدعو الشباب المسيحي للانخراط في أجهزة الدولة معتبرًا أنه واجب وطني. عندما تسأله عن مدى قناعته بمبدأ ثقافة البقاء في الأرض والانخراط في الدولة في ظل الأوضاع الطارئة وغير الطبيعية التي تمر بها البلاد، يجيب بسؤال مدوٍ “ألا يستحق وطننا أن نضحي من أجله”؟ مستغربًا “لا نستطيع أن نطالب بأي حق إذا كنا لا نريد أن نضحي”؟ بالنسبة إليه “علينا أن نتربى على روح التضحية وأن نؤمن بدورنا في تأسيس كيان لبنان وعندما نحافظ على دورنا نقطف ثمار وخيرات بلادنا”.
أبونا طوني يرفع بقناعة مطلقة شعار نعم لسلاح الشرعية وحده يحمينا ولا للأمن الذاتي: “الانخراط في الدولة ينمي شعور التجذّر في الوطن ويشكل مساهمة فعلية وعملية وحلاً لمشكلة هجرة الشباب اللبناني الى الخارج. هو يؤكد أن بقاء الشباب المسيحي في وطنه وبين أهله يحافظ على الشراكة المسيحية ـ الإسلامية في ركائز الدولة، فيحافظ لبنان بالتالي على جميع مكوّناته كي يستمر في التنوّع والرسالة”.
مجموع الوظائف العسكرية التي تحدث عنها الأب خضره خلال مؤتمر صحفي في آب الماضي هو 16,000 وظيفة لها الكثير من المنافع. هو يملك الكثير من الإحصائيات والأرقام المتعلقة بالتوزيع الطائفي في الوظائف العامة، لكنه يتحفظ في الإفصاح عنها لأن البعض منها قد يكون صادمًا لناحية الفوارق بين المسلمين والمسيحيين، مشيرًا الى ارتفاع معدل البطالة في لبنان الى ما يقارب الـ 31 في المئة، وبين الشباب تحديدًا الى 60 في المئة.
يعدّد الأب خضره المنافع الكثيرة للوظيفة في السلك العسكري: “الحقوق المالية وساعات العمل والإجازات، الراتب الشهري الثابت مع الملحقات، تعويض نهاية الخدمة، معاش التقاعد، طبابة 100 في المئة للعائلة في جميع المستشفيات، طبابة للأهل إذا كان الأب فوق الـ 64 عامًا، منح مدرسية تصل الى 70 في المئة، قروض إسكان بفائدة قليلة من 1 الى 1,5 في المئة، قروض شخصية وإمكانية التقاعد بعد 18 سنة من الخدمة. ويضيف: “يجب خلق حوافز للدخول الى المؤسسة العسكرية، الجيش وقوى الأمن الداخلي تحديدًا”.
الأب خضره يشير الى أن نسبة المسيحيين في قوى الأمن الداخلي ارتفعت من 29,5 في المئة في العام 2000 الى 34 في المئة في العام 2005، وصولاً الى 41 في المئة، وهي نسبة تقارب المناصفة من دون بلوغها. ويعطي مثلاً آخر أكثر إجحافاً، فعدد مياومي الكهرباء المعتصمين منذ فترة هو 2730 وعدد المسيحيين بينهم 460 فقط. تتوالى الأرقام مع الأب خضرا فيورد أن نسبة الموظفين المثبتين في كادر الدولة هي 35 في المئة، ونسبة الأساتذة المسيحيين في التعليم المهني والتقني على سبيل المثال لا الحصر 11,5 في المئة، مع الإشارة الى أنه مع مبدأ التعاقد بهدف التثبيت لاحقاً.
في عتمة هذه الأرقام المقلقة يرى الأب خضره بصيص نور يلوح لأول مرة منذ 25 عامًا حيث أدخلت المديرية العامة للأمن العام، وعلى رأسها اللواء عباس ابراهيم، الى ملاكها 1000 لبناني هم 505 مسيحيين و 495 مسلمًا عاكسة بذلك المعدلات السائدة في باقي الأسلاك والإدارات.
العمل كثير والفعلة قليلون بحسب الأب خضره. فجمعية “لابورا” يديرها 25 موظفاً في حين نحتاج الى 250 كي نستطيع تحقيق الأهداف المرسومة. لكن ما هي “لابورا” وما هي الآلية التي تعمل من خلالها؟
الجمعية تأسست في نيسان 2008 بموجب علم وخبر رقم 421 مهمتها الحد من هجرة اللبنانيين المسيحيين والإسهام في إيجاد حلول ملائمة لمشكلة البطالة وتفعيل الدور المسيحي العلمي والأخلاقي في مؤسسات الدولة من خلال أربعة محاور رئيسية متكاملة: التوجيه المهني، التدريب والتطوير، تأمين وظائف في القطاع العام والخاص وحضانة المشاريع.
“لابورا” (الكلمة إيطالية وتعني العمل) تشكل صلة وصل بين طالب العمل والشركات الخاصة ومؤسسات الدولة وتؤمن بأهمية عيش القيم الوطنية المستوحاة من رسالة لبنان النموذجية في العيش معًا. المستفيد المباشر من خدمات “لابورا” هم اللبنانيون المسيحيون بمختلف طوائفهم، والمستفيد المباشر هو المجتمع اللبناني بكل طوائفه. مساعدة المسيحيين فقط ليست من باب العنصرية إنما إنطلاقاً من الإيمان بأنهم في حاجة اليوم الى مساعدة ومساندة من أجل تفعيل دورهم في القطاع العام بعد تغييبهم قسرًا منذ العام 1990.
آلية العمل التي تعتمدها الجمعية تركز على توجيه الشباب المتخرج الذي يطلب مركزًا وراتبًا عاليين فيما لا خبرة مهنية لديه بعد، فتقوم بتنمية ثقافته وإخضاعه لدورات تدريبية تمكنه من الانخراط في سوق العمل بشكل أفضل. على كل باحث عن وظيفة أن يزوّد الجمعية بكل المعلومات اللازمة لتتمكن من إرسال ملفه كاملاً الى الشواغر التي قد تناسب اختصاصه، وعندما يقبل طلبه في إحدى الشركات يتم الاتصال به لتحديد موعد مع الشركة. الجمعية تساعد الشباب المسيحي إذا كانوا بصدد العمل في القطاع العام من خلال ورش عمل أو تدريبات نظرية وتقنية بحسب الحاجة ليدخلوا الى الوظيفة متمكنين منها.
للجمعية موقع إلكتروني مخصص لسوق العمل وهو www.laboraonline.com. الدخول الى الموقع يتيح الاطلاع على إعلانات عن الوظائف في القطاعين العام والخاص، وأيضًا يمكن للشركات الخاصة وأرباب العمل أن يعلنوا عن حاجاتهم لليد العاملة في المجالات كافة. الموقع يتضمن أيضًا إعلانات مجلس الخدمة المدنية ويحتوي أبوابًا أخرى منها تأهيل الشباب لتدريبهم على كيفية البحث عن عمل. ويمكن للراغب أن يطلع على نماذج امتحانات لا سيما تلك التي تجري في المباراة، كما يحتوي على مواد للدرس ونصائح وظيفية بما فيها الاستعداد لمقابلة عمل وكيفية إجرائها بنجاح ونصائح لسيرة ذاتية، خصوصًا أن الشباب اللبناني يجهل أصول البحث عن وظيفة. وما يزيد الأمر تعقيدًا هو غياب مكاتب التوجيه والمؤسسات التي من شأنها أن تساعده في هذا الإطار.
الجمعية التي تنتشر على الأراضي اللبنانية كافة من خلال مراكزها في أنطلياس ولبعا وزغرتا وصغبين وراشيا وزحلة تتعاون مع كل الأحزاب المسيحية ومع الرعايا والأبرشيات، إضافة الى البلديات والمؤسسات الاجتماعية. لكل حزب ومذهب مسيحي مندوب لديها، وهم يجتمعون دائمًا حول طاولة واحدة للتحاور والتشاور في موضوع تأمين الوظائف للمسيحيين ضمن إطار المحافظة على الوجود المسيحي في لبنان وتدعيمه.
فهل يدرك المسيحيون أن بلد الأرز يستأهل التضحيات مهما عظمت؟
15496 وظيفة
16 ألف وظيفة تقريبًا هو مجموع فرص العمل في الأسلاك العسكرية التي تتوزع على الشكل الآتي:
قوى الأمن الداخلي: 4 آلاف وظيفة حاليًا و 4 آلاف لاحقاً.
الأمن العام: 1000.
أمن الدولة: 500.
الجمارك: 400.
الجيش: 5200.
تلميذ ضابط في الجيش: 369.
فيكون المجموع 15469 وظيفة.
أقوى جيوش المنطقة قتاليًا
صنف موقع globalfirepower المهتم بالشؤون العسكرية أقوى عشر جيوش عربية محددًا مكانتها بين جيوش العالم في العام 2014 وفق معايير عدة منها عدد سكان كل بلد وعدد الجنود والآليات الموضوعة في الخدمة الفعلية. وبحسب هذا التصنيف تصدّر الجيش المصري القائمة بين الجيوش العربية، أما الجيش اللبناني، وعلى الرغم من الإمكانيات المادية المعدومة والعتاد المنقوص، فصنِّف من أقوى جيوش المنطقة من الناحية القتالية والقدرة البشرية لعناصره الذين يتلقون دورات تدريبية عالية، وقد برهنوا عن قوة قتالية كبيرة في معارك عدة ضد الإرهاب لا سيما في نهر البارد وعبرا وعرسال، وذلك على الرغم من الافتقار للسلاح المتطوّر، مع الإشارة الى أن عديد الجيش هو 65 ألفا مع امتناع القيادة عن إصدار نسب التوزيع الطائفي لعناصره.