شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | كيف ساهم التعتيم الإعلامي في تصاعد أزمة تركيا؟
كيف ساهم التعتيم الإعلامي في تصاعد أزمة تركيا؟
تركيا

كيف ساهم التعتيم الإعلامي في تصاعد أزمة تركيا؟

في ظل تسارع وتيرة الأحداث السياسية في تركيا والتي تنذر بحتمية وقوع الدولة في براثن الحرب الأهلية وتفتتها، إلا أن هذا المشهد ليس بجديد أو مفاجئ بل هو نتيجة لبعض الأحداث المتسلسلة التي تغاضى عنها الإعلام الدولي حتى اصطدم بالوضع الذي وصلت إليه تركيا في غضون الأشهر القليلة الماضية.

ففي وقت سابق، 8 مايو 2016، أصدرت وزارة الدفاع التركية بياناً تؤكد فيه أنها تولت زمام السيطرة على البلاد في الوقت الذي انتشرت فيه تقارير توضح تردي الحالة الأمنية في تركيا تزامناً مع وقوع بعض الانفجارات وحوادث إطلاق نار.

أما في 15 يوليو 2016، قطع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إجازته عائداً إلى إسطنبول يطلب من أنصاره عبر سكايب الاحتشاد في الشوارع لتأييده بعد تقرير أذاعته القناة الرسمية في التليفزيون التركي معلنة عن محاولة انقلاب جارية .
في غضون الفترة من مايو إلى يوليو تطور المشهد التركي بشكل مخيف ليصل إلى الوضع الحالي في ظل تجاهل متعمد من وسائل الإعلام الدولية وتجنبها التركيز على ما يحدث في تركيا حفاظاً على صورتها كدولة قوية ثابتة الأركان.

الإطاحة بأحمد داوود أوغلو

في 5 مايو 2016 سعى أردوغان للاستيلاء على السلطة كاملة دون منازع، فدفع برئيس الوزراء آنذاك أحمد داوود أوغلو إلى تقديم استقالته في محاولة للتحايل على الدستور وخلق سلطة تنفيذية يكون للرئيس فيها اليد العليا بالإضافة إلى نقل سلطات البرلمان إلى مؤسسة الرئاسة.
مؤشرات إقالة داوود أوغلو تنامت مع ظهور مدونة مجهولة المصدر على الإنترنت تحمل اسم Pelican Brief حيث ادعى مالك المدونة أنه لا يمانع في التضحية بروحه من أجل القائد -ويقصد به أردوغان- وقام بنشر خطبة طويلة معادية لداوود أوغلو وسياساته، ليكتشف الجميع بعد إقالة رئيس الوزراء أن صاحب المدونة هو صحفي من حاشية أردوغان المقربين بشدة مما جعل الجميع يستنتج أن داوود أوغلو أقيل من قبل الرئيس.

تجاهلت وسائل الإعلام الدولية أكبر علامات انزلاق تركيا إلى وضع كارثي محقق عند الإطاحة بداوود أوغلو الذي كان في ذلك التوقيت يدير مفاوضات متقدمة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الحصول على تأشيرة السفر الموحدة “شنجن” والتي تسمح للمواطنين الأتراك بالتنقل بين دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة حيث اشترط الاتحاد على داوود أوغلو أن تستوفي تركيا شروط الحصول على شنجن وتسيطر على الهجرة الغير شرعية من تركيا لدول أوروبا، الأمر الذي أزعج دول الاتحاد الأوروبي واعتبروا أن إقالة داوود أوغلو عكست تراجع إهتمام تركيا فيما يتعلق بانضمامها للاتحاد من عدمه.

يذكر أنه قبل مفاوضات داوود أوغلو مع الاتحاد الأوروبي، لم تكن الدول الأعضاء متقبلة لفكرة انضمام تركيا للاتحاد خاصة وأنها تعتبر دولة محتلة لأخرى أوروبية، حيث إن تركيا لها تواجد عسكري في قبرص وتحتل حوالي 37% من الجزيرة بقوات قوامها أربعون ألف جندي، في حين أن ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية كانتا الوحيدتين اللتين أيدتا موقف تركيا في قبرص وحاول ثلاثتهم التحايل على الوضع بضم قبرص إلى حلف الناتو حتى يصبح تواجد القوات التركية مبرراً وليس احتلالاً، ولكن، باءت المحاولات بالفشل بعد رحيل داوود أوغلو وساءت الأوضاع أكثر مع تجاهل أكبر من وسائل الإعلام الدولية.

القضاء على المعارضين

بدأ أردوغان سلسلة من حبس وإقصاء للصحفيين المعارضين لسياساته وكذلك ما أسماه تطهير السلك القضائي بعزل عدد ضخم من القضاة بحجة الفساد، وزجهم في السجون بالإضافة إلى استيلائه على بعض الكنائس في محيط تركيا وسيطرته على دور العبادة المسيحية في إطار تعتيم إعلامي دولي مثير للتساؤلات.

يذكر أن تركيا احتلت المركز الثاني لأكثر الدول قمعاً لحرية الصحافة في تقرير أوروبي صدر في 2012 عن أحد اللجان المعنية بتقييم التزام الدول بمعايير حرية الصحافة في العالم.

إبادة الأكراد

بعد أن أصبح جنوب تركيا، والذي يعتبر موطناً أساسياً للأكراد، يشبه الثكنة العسكرية، بات واضحاً أن السبب ليس تأمين الحدود التركية السورية وإنما السيطرة على الأكراد و محاولة إقصائهم من المشهد السياسي والاجتماعي أيضاً حتى لو عنى ذلك إبادتهم.

ففي 26 أبريل 2016 وبعد وقف إطلاق النار في سوريا، قامت مجموعات مسلحة من الجهاديين الأتراك بقصف بعض المناطق التي يقطنها الأكراد، سقط على إثره العديد من القتلى في الوقت الذي استمرت فيه القوات التركىة في ضرب مناطق كردية داخل سوريا وقريبة من الحدود التركية مثل أفرين وقامشلي.

في 27 أبريل اتّهم عضو البرلمان التركي عن الأكراد “فرحات إنشو” القيادة التركية بشن حرب إبادة شاملة ضد الأكراد، مما دفع عضو البرلمان عن حزب العدالة والتنمية إلى إهدار دم فرحات والمطالبة بقتله، كما قام رئيس البرلمان بتهديده بالحبس 10 سنوات.

ورغم قوة الخطاب الذي أدلى به فرحات والتأزم الشديد في البرلمان التركي، إلا أن وسائل الإعلام الدولية لم تلتفت لتلك النار المتأججة بين مواطني البلد الواحد والتي تطورت في 2 مايو إلى التشابك بالأيدي بين نواب الأرمن والأكراد من جهة ونواب حزب العدالة والتنمية من جهة أخرى.

بعد هذه الأحداث، اتحدت الأقليات القومية والدينية في تركيا كالأرمن، الأكراد والعلويين تحت مظلة الحزب الكردي الذي يحتل 59 مقعدًا في الجمعية الوطنية التركية، معلنة رفضها لسياسات أردوغان تجاههم.

في 4 مايو أعلنت الصحيفة الحكومية التركية “حريات” عن مقتل قيادي بارز في حزب العمال الكردستاني على يد فرقة من القوات الخاصة التركية بزعم أنه ينتمي إلى حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سوريا وأنه أحد عناصر الحركة الميدانية المسلحة بمدينة ديار بكر الكردية الأمر الذي تم نفيه بعد ساعات قليلة، واكتفت الصحيفة بالتأكيد على كونه عضو الحزب السابق ذكره في سوريا.

عند ربط الأحداث السابقة في تسلسل استراتيجي، يظهر أنه مع القبضة الحديدية التي فرضها أردوغان على مؤسسات ومفاصل تركيا مدعومة بتعتيم إعلامي دولي ظهرت في سياق آخر محاولة القضاء عليه وإقصائه من السلطة والتي تمثلت في محاولة الانقلاب التي حظيت بتغطية إعلامية دولية مكثفة، صورت الرئيس التركي كالضحية المغدورة دون الالتفات إلى خطايا النظام التركي بقيادة أردوغان في حق الدولة ومواطنيها والذي تشير جميع مؤشراته إلى أن الحرب الأهلية في تركيا قادمة لا محالة.. فهل تلتزم وسائل الإعلام العالمية الصمت تجاه ما هو قادم، أم ستتفاوت التغطية تبعاً لاتجاهات كل دولة على حدا؟؟
نانسي محمود
موقع إعلام

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).