صلت أبرشية بيروت المارونية على نية رئيس أساقفتها المطران بولس مطر في عيد مار بطرس وبولس، وفي مناسبة يوبيله الكهنوتي الذهبي.
وللمناسبة ترأس راعي الأبرشية القداس الإلهي في كنيسة مار يوسف- الحكمة في الأشرفية، عاونه فيه نائبه العام المونسنيور جوزف مرهج والنائب الأسقفي للشؤون الإدارية والمالية في الأبرشية المونسنيور بولس عبد الساتر ورئيس مدرسة الحكمة في برازيليا الخوري بيار أبي صالح والخوري بيار أبي عبدلله. وشارك فيه المطران يوسف أنيس أبي عاد ورؤساء جامعة الحكمة ومدارسها وكهنة الأبرشية ورهبان وراهبات ورئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن وأعضاء المجلس الأبرشي.
المطران مطر
بعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران مطر عظة تحدث فيها عن الرسولين بطرس وبولس وحياتهما في خدمة الكنيسة والمسيح، وقال: “عيد القديسين الرسولين بطرس وبولس هو عيد كبير في الكنيسة، لأنهما عمودا البيعة، كما نقول في إيماننا وفي تقليدنا الكنسي.على بطرس أسس يسوع كنيسته، بعدما اعترف بطرس بإيمانه بالرب، لا بقوة منه، بل بإلهام من الروح القدس، عندما قال أنت هو المسيح إبن الله الحي.
بطرس عرف بمحبته المطلقة للرب ولو كان على ضعف بشري، ومن منا يخلو من ضعف بشري؟ إلا أن الرب يسوع أحبه حبا شديدا، واهتم به اهتماما خاصا وعلمه ورأسه التلاميذ وهيأه ليكون من بعد عمود البيعة وأساسها. الرب أحب بطرس حتى النهاية. وقال له إرع خرافي. إرع نعاجي. لم يسأله سؤالا في اللاهوت ولا في معرفته الجديدة. طرح عليه سؤالا واحدا ثلاث مرات: يا بطرس، يا سمعان بن يونا، أتحبني؟ فأدركنا من ذلك السؤال، أن الصفة الخاصة لكل رسول هي أن يحب المسيح ويحب شعبه. هذه الصفة الأولى المطلوبة منا. وهذا صياد السمك وصل إلى أنطاكيا ورأس كنيستها، ثم وصل إلى روما حيث أمبراطورية العالم وهناك، زرع الكنيسة ومات شهيدا، هو وبولس من أجل هذه الكنيسة، تمجد اسمه له فيه، له نعيد اليوم ونسأل نعم الله بشفاعته على الكنيسة وعلى أبنائها وبناتها”.
أضاف: “أما بولس فهو أيضا، الرسول الذي لا يسبر غوره، من أكبر أدمغة البشر، الذين عرفوا يسوع المسيح. لم يلتقِ به بالجسد يوما واحدا ،لأنه كان يعيش في منطقة طرسوس في تركيا. كان فريسيا مطلعا بالأسفار المقدسة، متزمتا متشددا. وعندما عرف بالمسيحية المنطلقة صعد إلى أورشليم ليقضي عليها في المهد، لئلا يعطل شعب الله، كما تصوره هو. لكن يسوع كان ينتظره. هذا الرسول مع بطرس، قادا الكنيسة معا، في الظروف الأولى ولم تكن ظروفا سهلة، وكان عليهما أن يتخذا قرارات أساسية. وتعرفون تاريخ الكنيسة الأولى في هذا المضمار”.
وتابع مطر: “بولس أطلق في الدنيا، فكر المسيح بالوحدة البشرية بكرامة جميع الناس، بكاثوليكية الكنيسة المنفتحة على كل الشعوب، بحقوق الإنسان منذ ذلك الزمان. حبذا لو أدركنا اليوم أكثر، ولو أدركت الشعوب الجديدة في أوروبا وغيرها أن حقوق الإنسان تنبع من إنجيل ربنا يسوع المسيح. هم اليوم، يتجرأون ويتحدثون في أوروبا والعالم الغربي عن المرحلة التاريخية التي هي، ما بعد المسيحية. المسيح أمس واليوم وإلى الأبد، قمة التاريخ هو، قمة الخلاص، جامع الكل بدمه ليكون إخوة عائلة بشرية واحدة. ويتكلمون عن مرحلة هي ما بعد المسيحية، كأن المسيحية صارت لزمن انطوى. بولس اجترح تلك الأعجوبة، فأطلق المسيحية في العالم كله، خميرة من أجل هذا العالم. وعندما وصلنا إلى نتائج هذه الخميرة، ترانا اليوم نعود عن كلام بولس إلى وثنية جديدة، لا تعترف بقيمة الإنسان كإبن لله وكإنسان مخلوق ليكون إلى الأبد مع ربه في ملكوت السماء.
نعود اليوم مع الباباوات القديس يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس وفرانسيس، إلى نشر الإنجيل من جديد. أنجلة جديدة لا تعني، أننا نخلق إنجيلا جديدا، بل طرقا جديدة لنشر الإنجيل الذي هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد، حتى يتم الخلاص ويعطى للكون فرصة جديدة لكي لا يضيع إنسانيته”.
وقال: “إذا طبقنا كلام بولس على ما يجري في بلادنا ومنطقتنا، وفي زماننا كله في العالم، نرى أننا أمام خطر تفكك الناس شيعا شيعا، وأحزابا أحزابا يقتلون بعضهم بعضا ويرفضون بعضهم بعضا. هناك أناس فوق واناس تحت، أناس مختارون وأناس مرزولون، عدنا إلى اليهودية العتيقة، بينما المطلوب أن نستلهم بولس وتعليمه وبطرس لننطلق في إنسانية متجددة منفتحة بأبنائها بعضهم على بعض. لذلك نطلب من الله، أن يلهم كنيسته وكلنا أبناء هذه الكنيسة، حتى تتوجه إلى العالم بنبرة جديدة، بقوة الروح القدس لتعلن للناس طريق خلاصهم، بكل محبة وكل صدق وكل أمانة وتضحية، حتى لا يضيع الإنسان إنسانيته والإنسانية طريقها. بولس هو رجل الساعة اليوم، كما منذ ألفي سنة وبطرس رجل الإيمان اليوم، كما منذ ألفي سنة والكنيسة هي هي تكمل طريقها باسم الرب يسوع المسيح، خميرة صالحة في عجين هذا العالم كله. نحن المسيحيين لسنا مدعووين لأن ندافع عن أنفسنا فقط، ولا عن حقوقنا فقط. سلمنا يسوع مسؤولية الدفاع عن إنسانية الإنسان أينما كان وأن ندخل في كل الحضارات ومنها الحضارة المحيطة بنا، لنضع فيها روح الرب، روح المحبة الإلهية، روح القوة الحقيقية والخدمة. الغلبة التي نبحث عنها، هي غلبة المسيح من أجل كل الناس على الشر والأشرار جميعا”.
وختم مطر: “مبارك هذا العيد على الكنيسة كلها ونصلي من أجل بطرس قداسة البابا فرنسيس الذي يلهم الدنيا اليوم، بعودته إلى روح التعاطي مع فقر الفقراء وضعف الضعفاء ليكون كل إنسان، من أهل الكون محضونا من قبل الكنيسة، فتحتضن الكبار والصغار، البعيدين والقريبين. على نيته نصلي وعلى نية بطريركنا الذي يحمل اسم بطرس، وعلى نية أبرشيتنا في بيروت وعلى نية كهنتها جميعا ولا سيما الذين يحملون اسم بطرس وبولس. على نية كل المؤمنين نصلي لنكون مطواعين لنعمة الرب. كما أطلب أن تصلوا من أجلي لأكون بينكم راعيا صالحا ومدبرا حكيما باسم الرب يسوع المسيح”.
وطنية