كتب بسام ابو زيد في نداء الوطن بتاريخ في 24 شباط 2022
هناك هواجس عديدة تشغل بال من يتحكمون بالعباد والبلاد.
الهاجس الأول هو قيام دولة فعلية، فهؤلاء لا يرغبون بأي وجود للدولة سوى كمصدر من أجل الزبائنية وتقاسم المغانم، ولا يريدون يوماً دولة تطبق القوانين على الجميع وتحمي حدودها وتمتلك قرارها وتتعاطى مع دول العالم من الند الند.
الهاجس الثاني لا يريد هؤلاء قضاء مستقلاً مستقيماً بل يريدون قضاء مطواعاً يستخدمونه في الترغيب والترهيب وتركيب الملفات وظلم الناس ومصادرة الحقوق.
الهاجس الثالث لا يريد هؤلاء أجهزة أمنية تعمل وفق القانون وبشفافية، بل يريدون أجهزة لقمع الناس وترهيبهم والإفتراء عليهم والتشهير بكل من يخالف توجهاتهم واستخدام الأساليب التي تتناقض وحقوق الإنسان.
الهاجس الرابع لا يريد هؤلاء اقتصاداً قوياً حراً يؤدي إلى النمو والرفاهية لأن سيطرتهم على البلاد تعتمد على إفقار الناس وإلهائها في كيفية تحصيل لقمة العيش، والاستزلام أكثر فأكثر لمن يمنّ عليهم بفتات ما يتمتع به.
الهاجس الخامس لا يريد هؤلاء نظام حكم يراقب ويحاسب، فهم بمصاف الآلهة لا يحاسبون ولا يسألون وإن تجرأ أحد على ذلك فهو بمثابة الخائن الذي تخطى الخطوط الحمر ومسّ بذواتهم المقدسة.
الهاجس السادس هو افتقاد العدو في الداخل والخارج، فهؤلاء يريدون وجوداً دائماً لأي عدو يتاجرون به وبأوهام التصدي له واجتراح البطولات من أجل أن تبقى الحاجة إليهم دائمة لدرء الخطر المزعوم.
الهاجس السابع هو هاجس حرية التعبير والرأي، فهذه الحرية تخيفهم أكثر من أي سلاح لأنها تعريهم أمام الرأي العام وتفضح كذبهم وزيف قضاياهم، وتعيد إلى مغسولي الأدمغة بعضاً من حال اليقظة ولو كانت آنية ولذلك يدفع هؤلاء ثمن هذا التوجه من أرواحهم ودمائهم.
كل هذه الهواجس وغيرها تجعل من المتحكمين بالعباد والبلاد في حال من التوتر المستمر، يخشون أن يسجل أي تقدم في غير صالحهم يبدد هذه الهواجس، لذلك تراهم يتكتلون من أجل الدفاع عن مصالحهم ومن اجل مواصلة إذلال الناس وزيادة مآسيها، ويركنون في الوقت ذاته إلى التشرذم الذي تعاني منه القوى السيادية والتغييرية عاملين على توسيعه واستغلاله في معركة مصيرية.