خلال أعمال الجمعية العامة لسينودس الأساقفة في أسبوعها الأخير أهدى قداسة البابا فرنسيس الشباب المشاركين كمستمعين ملخص العقيدة الاجتماعية للكنيسة “دوكات”، بينما بدأ آباء السينودس مناقشة كل من مشروع الوثيقة الختامية ومسودة الرسالة الموجهة من السينودس إلى شباب العالم بأسره.
تتواصل في الفاتيكان أعمال الجمعية العامة العادية الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة، وموضوعها “الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات”، والتي ستُختتم الأحد 28 تشرين الأول أكتوبر. وفي الجلسة الصباحية تم تقديم مشروع الوثيقة الختامية للسينودس والذي هو نتيجة عمل شاق ومتنبه ومفعم بالحماسة للجنة صياغة الوثيقة. وحول هذه المسودة تحدث المقرر العام للسينودس الكاردينال سيرجو دا روشا فأكد أن المرجع الأساسي لمشروع الوثيقة الختامية هو أداة العمل. وتابع أنه وبينما كانت أداة العمل ثمرة سنتين من الإصغاء إلى عالم الشباب، فإن الوثيقة الختامية هي نتاج التمييز الذي قام به آباء السينودس خلال الجمعية العامة، ما يجعل الوثيقتين مختلفتين ومتكاملتين، تقدمان معا رؤية للمواضيع المركبة التي تم التطرق إليها ولآليات مسيرة التعامل معها حسب ما ذكر المقرر العام. أكد من جهة أخرى ضرورة قراءة الوثيقتين معا نظرا للارتباط والتداخل بينهما، وأضاف أن مشروع الوثيقة هو ثمرة فريق عمل، أي آباء السينودس والمشاركين في السينودس وبشكل خاص الشباب. هذا وذكر الكاردينال دا روشا أن هذه الوثيقة قد سُلمت لآباء السينودس ليتمكنوا من قراءتها واقتراح إضافات أو تعديلات، لكنه ذكَّر بأن الوثيقة الختامية موجهة أولا وبشكل أساسي للبابا، وبموافقته عليها ستقدَّم للكنيسة وللشباب ولجميع الملتزمين في رعوية الشباب والدعوات. هذا وتحاكي الوثيقة الختامية أداة العمل في كونها مؤلفة من ثلاثة أقسام مخصصة للأفعال الثلاثة: التعرف والتفسير والاختيار. وتعكس الوثيقة من جهة أخرى سرد الإنجيل لقصة تلميذَي عماوس، حيث دنا يسوع منهما “وأخذ يسير معهما”، ثم “انفتحت أعينهما”، و”قاما في تلك الساعة”.
وفي الجلسة التاسعة عشرة انطلق تأمل آباء السينودس في مشروع الوثيقة الختامية، وتم تقديم المقترحات الأولى على النص الذي وصفه آباء السينودس بالمتناغم في تركيبته. تم من جهة أخرى تقديم مسودة الرسالة الموجهة من سينودس الأساقفة إلى شباب العالم بأسره. وقرأ النص المقترح للرسالة المطران إيمانويل غوبيار أسقف ليون المعاون أحد أعضاء اللجنة التي شُكلت خصيصا لصياغتها، ويهدف النص إلى مخاطبة كل شاب مقدِّما له الرجاء والتشجيع واليقين بأن الكنيسة تسير معه. وواصلت الجلسة التاسعة عشرة أعمالها بعد ظهر الأربعاء وواصل آباء السينودس مناقشة مشروع الوثيقة الختامية وتقديم المقترحات التي ستسلَّم كتابيا إلى الأمانة العامة للسينودس.
هذا وقد تخللت جلسة بعد الظهر لحظة احتفال وفرح حين أهدى البابا فرنسيس جميع الشباب المشاركين كمستمعين نسخة من “دوكات”، ملخص العقيدة الاجتماعية للكنيسة الذي هو ثمرة مشروع أراده البابا فرنسيس كدليل للالتزام الاجتماعي معد خصيصا للشباب وموجه إليهم. وثيقة، وحسب ما كتب قداسة البابا في تقديمه لهذا الإصدار، تساعدنا بعون الإنجيل على تغيير أنفسنا أولا، ثم محيطنا، ومن ثم العالم بكامله.
عُقد من جهة أخرى بعد ظهر الأربعاء المؤتمر الصحفي الخاص بأعمال الجمعية العامة لسينودس الأساقفة، وشارك فيه إلى جانب السيد باولو روفيني رئيس اللجنة الإعلامية للسينودس وعميد الدائرة الفاتيكانية للاتصالات، الكاردينال رينهارد ماركس رئيس مجلس أساقفة ألمانيا، المطران أندريو نكيا فوانيا أسقف مامفي في الكاميرون، المطران غرجيغورج ريش أسقف وودج ورئيس لجنة الكرازة الجديدة في مجلس أساقفة بولندا، والمونسينيور توفيق بو هدير مُنسق المكتب البطريركي لراعوية الشباب في لبنان.
تحدث رئيس مجلس أساقفة المانيا الكاردينال رينهارد ماركس عن دور المرأة في الكنيسة، وأكد أنه من الغباء الاستغناء عن إمكانيات النساء مشددا على ضرورة إشراكهن في مسيرات اتخاذ القرارات. وأضاف في سياق حديثه أنه بدون تغيير لا يمكن أن يكون هنا تقدم، كما أنه من الضروري فهم الأزمنة. دعا من جهة أخرى إلى محاكاة مثَل ألمانيا حيي يشترك الكثير من النساء في تنظيم العمل الرعوي. تطرق حديث رئيس المجلس أيضا، وردا على أسئلة الصحافيين، إلى قضايا الجنس، وهو أيضا ما تحدث عنه المطران أندريو نكيا فوانيا أسقف مامفي في الكاميرون مؤكدا رفض استغلال هذه القضايا، وتحدث عن محاولات ما وصفها بلوبي للتأثير، إلا أن على الكنيسة، حسب ما تابع، التوصل إلى طريق يمكن فهمها. وفي حديثه عن أعمال الجمعية العامة لسينودس الأساقفة قال أسقف مامفي إن الأساقفة يواجهون الواقع المختلف على الأصعدة المحلية بشكل جماعي، ولا يسعى السينودس بالتالي إلى حل مشاكل محلية. وأعطى هنا مثلا على الاختلاف متحدثا، في إشارة إلى الواقع الأفريقي، عن عدم وجود مشكلة الكنائس الفارغة من المصلين، حيث يتوجه الشباب دائما للمشاركة في القداس لكنهم في الخارج يفتقدون إلى العمل والعلاج في حال إصابتهم بالأمراض، ويبحثون عن أماكن يمكنهم فيها أن يكونوا أكثر سعادة حسب ما ذكر. وعن توجه الشباب إلى الكنائس قال أسقف مامفي في الكاميرون إن هذا يعود إلى أن القيم التقليدية ما زالت متماشية مع قيم الكنيسة، وتحدث هنا عن نقل التقاليد بأمانة وبدون أي غموض.
امتلاء الكنائس بالشباب هو واقع في بولندا أيضا حسب ما ذكر خلال المؤتمر الصحفي المطران غرجيغورج ريش أسقف وودج ورئيس لجنة الكرازة الجديدة في مجلس أساقفة بولندا، إلا أن الشباب ليسوا دائما على معرفة حقيقية بيسوع حسب ما ذكر. وتابع أن الشباب يؤمنون بالقيم لكنهم لا يخوضون دائما خبرة إيمان حقيقية. أكد من جهة خرى أنه وللكرازة بين الشباب يجب الابتعاد عن الإدانة، بل من الضروري فهم ما يؤمنون به من قيم لقيادتهم إلى لقاء يسوع.
أما مداخلة المونسينيور توفيق بو هدير مُنسق المكتب البطريركي لراعوية الشباب في لبنان فتمحورت حول التواجد في الضواحي، والذي يعني اتباع يسوع دائما وفي أي مكان. تحدث من جهة أخرى عن الشباب باعتبارهم حمَلة البشرى السارة ورواد الحوار بين الأديان، وأضاف أنهم يرغبون في أن يكونون أبطال عالم جديد. هذا وأشار المونسينيور توفيق بو هدير إلى انعقاد لقاء مسكوني دولي للشباب في لبنان من 22 حتى 26 آذار مارس 2019.
فاتيكان نيوز