كتبت الطالبتان مريـــم موسى ولمـى حمود من كلية السياحة وادارة الفنادق في الجامعة اللبنانية عما تعرضت له آثار صور، بعد جولة لهما في القلعة، وعثورهما على بقايا قطع أثرية مرمية بين حجارة القلعة. وقالتا:
عذرًا مدينتنا، رأينا بالأمس ما تركه أبناؤك العظام من آثار تحكي قصّة مجدك الغابر بعين ملؤها الفخر والأسى في آن. فما ضجَّ به تاريخك العريق، ما زال ينبعث من أسوارك ونواويسك، ويرتسم بصماتٍ في قوس النصر، وميدان سباق الخيل، وفي بقايا الفسيفساء التي كانت تزيِّن جدرانك وقاعات معبدك. هذه الآثار هي جزء ممّا أبقت عليه يد الزمن وعوامل الطبيعة، من مناخ وزلازل وغيرهما، لكنَّ يد الإنسان، ويا للأسف! كانت أشد وطأة عليك، من خلال ما سلبه لصوص الآثار، وما سرقته الجيوش التي تعاقبت على غزو لبنان، والتي كان آخرها الاحتلال الإسرائيلي. ولكن أكثر ما آلمنا، عندما قمنا بزيارة تلك الآثار، ذلك الإهمال المتمادي من المسؤولين، سواء في مديريّة الآثار، أو وزارة الثقافة، أو المجتمع المحلّي. فالموقع موضوع على لائحة التراث العالميّ من منظّمة الأونيسكو، لكنَّ يد العابثين واستهتارهم بتلك الأمانة التاريخيّة الموصوفة، جعلت المكان عرضة لتعدٍّ غير مسبوق! فهو متاح ومباح لكلِّ آتٍ من كلّ حدب وصوب، فلا رقابة صارمة على الوافدين، أو على ما يقومون به! وكيف يتسنّى ذلك وليس هناك سوى عدد قليل من الحرَّاس؟! وقد فوجئنا عندما تقاضى منّا أحدهم رسم دخول بسيط من دون إيصال رسميّ، في الوقت الذي كان فيه بعض الأشخاص يبيعون بعض القطع الأثريّة في شكل علنيّ. ولا عجب أن ترى لاعبي كرة قدم، وراكبي الدرّاجات الناريّة، والنراجيل وهم يشغلون ما كان من قبل مضمارًا لسباق الخيل، ولعشَّاق الألعاب الرياضيّة الرومانيّة. أمَّا اليوم، فقد تحوَّل ذلك الموقع الذي صُبغ بألوان البطولة والاستبسال، إلى ساحة تسودها الفوضى والأذى، فهل من حسيب؟!
فيا أيَّها المسؤولون، هي صرخة من مدينة “صور” نطلقها: آثارنا ملك لنا، للأجيال الآتية بعدنا، بل هي ملك للبشرية جمعاء، فلماذا هذا الإهمال وهذه اللامبالاة؟! وآثارنا في أيّ بقعة لبنانية كانت، هي ذاكرتنا وعماد سياحتنا. فلا تمحوا هذه الذاكرة.
النهار