لا تتفاجأوا اذا اتصل البابا بكم
رغم الاستراحة الصيفية، يتمسّك البابا فرنسيس بعادة الاتصال مباشرةً بالمؤمنين.
ففي عام 2017، راسل البابا فتىً إيطالياً وهاتف عاملاً أرجنتينياً.
كان الأول البالغ تسعة أعوام يطلب من الحبر الأعظم الصلاة عن نيته ونية أصدقائه والحجّ إلى مزار لوريتو الإيطالي. فردّ البابا عليه شخصياً، مطمئناً إياه بشأن النقطة الأولى. أما بشأن الثانية، فذكّره بقول مأثور هو “لا تقل لا أبداً”.
الحكاية الثانية متعلقة بماكسيميليانو أكونا عامل أرجنتيني في الثالثة والثلاثين من عمره. بُترت ساقا هذا الشاب المتحدر من ضواحي بوينس آيرس بعد إصابته بجروح من جراء شفرات شاحنة قمامة.
عبر الهاتف، قال البابا فرنسيس للجريح بعد أن علم بوضعه من خلال أحد أصدقاء الأخير: “إلى الأمام دوماً، أنت قدوة للجميع”. فلم يطلب الجريح مساعدة من الدولة، بل فقط إمكانية متابعة العمل. وكتب صديقه لخليفة بطرس: “هو قدوة في الكرامة وحب الحياة”.
تجدر الإشارة إلى أن البابا فرنسيس يحبّ منذ بداية حبريته أن يتصل شخصياً بـ “بسطاء” أو أصدقاء. وبما أنه يُعرّف فوراً عن نفسه، يظن محادثوه أحياناً أنها مزحة هاتفية.
عام 2016 أجرى الأب الأقدس اتصالاً غير متوقع بأحد مرافقي المطلّقين المتزوجين ثانية
مرحباً! أنا البابا فرنسيس… أجل أنا البابا ولست شبحاً…”. هذا الاتصال فاجأ باولو تاسيناري، الشماس الإيطالي المتحدّر من فوسانو في منطقة بييمونتي. ففي 25 يناير، كان قد بعث برسالة إلى البابا طالباً منه مقابلة في الفاتيكان باسم مجموعة مرافقة وتنشئة المنفصلين أو المطلقين التي يديرها. وبعد خمسة أيام، في 30 يناير 2016، اتصل به الأب الأقدس مباشرة لـ “معرفة المزيد عن هذه الحركة” التي تستقبل أيضاً أشخاصاً بدأوا “اتحاداً جديداً”، حسبما أوضح الشماس لإذاعة الفاتيكان.
استعادة مكانهم في الكنيسة
الاتحاد المفقود هو اسم مجموعة الاستقبال والمساعدة التي تعمل منذ سنة 2009 بمساعدة لاهوتيين وعلماء نفس من أجل تقديم التعزية والدعم لجميع الأشخاص الذين يشعرون بأنهم “فاشلون، خاسرون” و”مهمشون من الجماعة المسيحية” بغض النظر عن القصص التي أدت إلى الفشل المحزن لزواجهم
.
بعد اللامبالاة والعدائية…
لم يدم الاتصال بين البابا والشماس سوى ثلاث دقائق. لكن هؤلاء الأشخاص يمتلئون فرحاً لامتناهياً عندما يعلمون أن البابا فكر بهم ولو للحظة، حسبما ذكر باولو تاسيناري. فهم يرون في ذلك باعثاً كبيراً على الرجاء و”محفزاً إضافياً” لـ “استعادة مكانهم” في الكنيسة. وقد عبّر ثلاثون عضواً من مجموعة “الاتحاد المفقود” في رسالتهم إلى البابا عن فرحهم وحماستهم الجديدة للعيش وسط الجماعة المسيحية. فبعد أن شاهدوا “وجه كنيسة لامبالية وحتى عدائية تجاه وضعهم”، على حد قولهم، فرحوا بإمكانية “إعطاء معنى من جديد” لحياتهم المسيحية.
وأكد البابا للشماس الإيطالي أنه سيستقبلهم قريباً في الفاتيكان ، بمناسبة إحدى المقابلات العامة المقبلة.
زوجان من الباراغواي يتلقيان الاتصال المفاجئ من فرنسيس عام 2015
إن سماع صوت البابا فرنسيس متحدثاً عبر الهاتف من روما هو “معجزة إيمان”، حسبما قال الزوجان كارلوس ونوويمي، من حي إيرارا دي أسونسيون في الباراغواي.
أدلى الزوجان بشهادتهما في البرنامج التلفزيوني “فرنسيس، بابا الجميع” الذي يبثّ عبر تيلي فوتورو، القناة التي تنقل على صعيد وطني.
قالت نوويمي: “لم أتمكن من التواصل معه خلال رحلته، فكتبت له رسالة بإيمان كبير…”. وسلّمت الرسالة إلى فرنسيس من قبل مبعوث هو الأستاذ لويس ألفونسو ريسك، المدافع عن حقوق الإنسان الذي مُنح مؤخراً وساماً من الفاتيكان وألقى التحية شخصياً على فرنسيس في 12 يوليو الجاري.
بعد بضعة أيام من عودة البابا من أسونسيون إلى روما، رفع سماعة الهاتف واتصل بنوويمي ومن ثم بكارلوس. وطلب الزوجان عدم الكشف عن هويتهما للابتعاد عن الأضواء. ولم يظهر وجههما أمام الكاميرات. مع ذلك، رغبا في مشاركة الرسالة التي تلقياها والفرح الذي شعرا به.
“تحلّ بالإيمان، تحلّ بالإيمان، وأحبّ الحياة، أحبّها”، قال كارلوس مكرراً الرسالة التي وجهها له فرنسيس. كذلك، قال له فرنسيس: “مرحباً، أنا البابا فرنسيس… أعرف أنك كنت مريضاً وتتلقى العلاج، تحلّ بالإيمان يا كارلوس…”.
كتبت نوويمي الرسالة بخط يدها، بداية على دفتر لحفيدتها في ليلة سُهادٍ، ومن ثم نسختها على ورقة “نظيفة”. في الرسالة، كتبت المرأة: “أنا امرأة تماثلية في عصر رقمي، اعذرني أيها الأب الأقدس”.
وفي يوم أربعاء، كانت نوويمي تزور طبيب الأسنان عندما رنّ هاتفها الخليوي. “المتكلم معك هو البابا فرنسيس”. على غرار جميع سكان الباراغواي، كانت ترجو أن تتمكن من قضاء لحظات مع البابا “وأن تتمكن من لمسه ومعانقته”.
وعبّرت نوويمي عن تحقق رغبتها في التواصل مع خليفة بطرس قائلة: “أريد أن أقول للناس كمربية وجدّة وأمّ: تحلوا بالإيمان بأن كل شيء يحدث”.
“لماذا تتصلون بي أنا؟ كنت أرغب في أن تتصلوا بزوجي”. هذا ما قالته بحنان المرأة التي كانت قلقة جداً حيال زوجها المريض. فأجابها فرنسيس أنه لم يكن متأكداً إذا كان زوج نوويمي يعلم بأنها كتبت رسالة.
وقبل إنهاء المكالمة، باركها فرنسيس هي وأولادها وأحفادها، طالباً منها الصلاة من أجله.
ونظراً إلى أن نوويمي وكارلوس لم يكونا سوياً، اتصل البابا فرنسيس في وقت لاحق بالرجل. ومن جهته، وصف كارلوس الانفعال الناتج عن اتصال الأب الأقدس.
البابا يفاجىء اكليريكي
لقد أصبح ميل البابا فرنسيس للاتصال بأشخاص بشكل مفاجئ أمراً أسطورياً، و قد عاد البابا إلى هذا مؤخراً ليفاجئ إكليريكياً إيطالياً مريضاً، فكان اتصالاً ليعده بالصلاة لأجله و يشجعه على عدم فقدان الأمل.
أجرى البابا اتصاله مع أنطونيو إسبوزيتو ي الساعة الرابعة بعد الظهر. و أفاد التقرير أن إسبوزيتو أجاب على هاتفه و صدم لسماعه صوت البابا.
و قال إسبيزيتو إن البابا قال له:”مرحباً أنطونيو، مساء الخير. أعتذر على إزعاجك، أنا البابا فرنسيس. كيف حالك؟”.
و كالعادة في مثل هذه الحالات، ظن أنطونيو أن الاتصال كان خدعة. لكنه أدرك بسرعة أن عدداً قليلاً من الناس كان لديهم رقم البابا فرنسيس، هذا بالإضافة إلى الصوت المألوف، مؤكداً أن المتصل هو البابا.
اسبيزيتو يبلغ من العمر 22 عاماً يدرس الكهنوت لأبرشية كونفرسانو- مونوبولي، و يرتاد معهد اللاهوت البابوي الإقليمي في مدينة مالفيتا الإيطالية. و هو في السنة الأخيرة الآن، و قد ارتسم شماساً بالفعل، و يحارب الآن مرضاً مجهولاً.
علم البابا بمرضه بعد ذهاب اسبيزيتو إلى صيدلية الفاتيكان لشراء الدواء اللازم لعلاجه. وصل خبر مرض أحد الإكليريكيين إلى البابا بطريقة ما، و قرر أن يتصل به ليعبر عن دعمه له.
وفي حديثه قال البابا له:”أعرف أنك إكليريكي جيد، ملتزم بدراستك و تحارب هذا المرض”.
“ما أريد قوله لك هو أن تبقي رأسك مرفوعاً، فالرب معك دائماً و سأرفع صلاتي لأجلك دائماً”.
أليتيا