كتب الأب طوني خضره
أحببت أن أعود بالتاريخ إلى الوراء ستّ سنوات (2016)، وتحديدا شهر أيّار، خلال عشاء العيد السنويّ الثامن للابورا، مرورًا بكلّ السنوات التالية 2017 حتّى 2019، لكي أتذكّر ما كنت قد قلته خلال هذه الفترة وكم تعرّضت لضغوط واضطهادات بسبب ما قلته من حقائق وأسرار عن الدولة والقطاع العام، ولم يكن مقبولاً من العديد من رجال الدين والسياسيين.
في 2 أيّار 2016 قلت في كلمتي السنويّة “نريد أن نرى الفاسدين داخل القضبان”، “نحذّر من ثورة الجياع والأوادم”، “الدولة منهوبة ونحذّر من كارثة كبرى قد تؤدّي إلى إنهيار القطاع العام”، وأعلنّا يومها بالأرقام كيف يتمّ نهب الدولة بانتظام وتطرّقنا إلى بعض الأسماء وهُدّدنا بواسطة رجال دين مسيحيين وسياسيين، حتّى نصمت بحجّة أنّنا نهدّد أمن الدولة والسلم الأهلي، حتى اتُّهمت بالطائفيّة ووصلني إنذار من محكمة بيروت بالتوقّف عن التحدّث عن بعض المواضيع ومنها الجامعة اللبنانيّة وأحوالها وإلا اضطرّوا لنزع صفتي الكهنوتيّة عنّي (الحصانة) ومحاكمتي.
كما وكنّا نطالب دومًا بوقف التوظيف في القطاع العام بسبب المحاصصة والتخمة فيه حتّى جاء قانون مجلس النوّاب في آب 2017 وأوقف التوظيف في كلّ قطاعات الدولة، ثمّ كشفنا بعدها عن 6000 شخص توظّفوا بطرق غير قانونيّة وقامت القيامة ولم تقعد.
وعندما أعلنت لابورا عدد الموظّفين في الدولة عُقدت المؤتمرات الصحافيّة ضدّنا لتكذيب الأرقام التي أطلقناها والتي وصلت إلى 350000 موظّف ولم يحرّك أحد ساكنًا.
غير أنّ الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعيّ ساعدتنا في تثبيت الرقم وبات مؤكّدًا ما أعلنّاه.
قمنا القيامة على سلسلة الرتب والرواتب وتحدّثت أكثر من مرّة مع أمناء عامّين للمدارس الكاثوليكيّة وغيرهم، أنّ الدولة تنصب لكم فخًّا ستدفعون الثمن غاليًا وينهار الإقتصاد ومعه الليرة اللبنانيّة.
أقول ذلك ليس للإفتخار ولا للتتبجّح، بل للحقيقة وللتاريخ، وكلّه مدوّن في ملفّاتنا مع التواريخ والأرقام لمن يريد الإطّلاع.
“إعرفوا الحقّ والحقّ يحرّركم” كان دائمًا شعارنا في إتّحاد أورا وسيبقى، ودفعنا الكثير لتحقيق هذا الشعار من القريبين والبعيدين، من طائفتنا وكلّ الطوائف. من سياسيينا وكلّ السياسيين.
وبعد ثلاث سنوات من خطابنا هذا تبنّت الثورة أرقامنا ووقائعنا وشعارات لابورا عن الفساد. ثمّ أصبحت هذه الأرقام والثوابت حقيقة لبنان المأساويّة وكان ما كان.
لم نخف مرّة ولن نخاف.
كلّ محاولات إسكاتنا جعلت صوتنا أقوى ولن نسكت.
كلّ التمنيّات بإخفاء الأرقام والحقائق لم تنجح، وأرقامنا كتبت بأحرف من ذهب.
سنتابع المسيرة وكلّ يعرف ذاته وماضيه، وما من خفيّ إلا وسيظهر وما من مكتوم إلاّ وسيُعلم. الفجر آتٍ والصبح سينبلج ولن يموت حقّ وراءه مطالب. “وما أصعب الحوار مع من يعتقد نفسه بأنّه دائمًا على صواب”، كما يقول شكسبير.
وللحديث صلة.