وقع البروفسور الكسندر ابي يونس كتابه اميل اده 1883 – 1949 قدّة الجمهورية اللبنانية برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وذلك خلال احتفال اقيم في القاعة التي تحمل اسمه في مدرسة راهبات القلبين الاقدسين – حبوب جبيل.
تحدث فيه كل من النائبين زياد الحواط وسيمون ابي رميا ، ممثل البطريرك الراعي راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون ، عميد كلية الاداب في الجامعة اللبنانية البروفسور احمد رباح، البروفسور منذر جابر والاعلامي وليد عبود، في حضور الوزيرة السابقة اليس شبطيني ممثلة الرئيس ميشال سليمان، النائب شوقي الدكاش ممثلا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ، منسق قضاء جبيل في التيار الوطني الحر اديب جبران ممثلا رئيس الحزب الوزير جبران باسيل ، لويس ناضر ممثلا رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل ، طانيوس الزغندي ممثلا رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط ، المحامي انطوان صهيون ممثلا رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض ، سليم سعادة ممثلا النائب نقولا الصحناوي، العقيد سمعان طراد ممثلا قائد الجيش العماد جوزف عون، الرائد ربيع الياس ممثلا المدير العام الامن الدولة اللواء الركن طوني صليبا، النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، الشيخ احمد اللقيس ممثلا امام جبيل الشيخ غسان اللقيس.
وحضر ايضا نقيب المحامين في بيروت اندريه الشدياق والنقيب السابق انطوان قليموس ، رئيس رابطة مختاري قضاء جبيل ميشال جبران، رالف صليبا ممثلا رئيس بلدية جبيل وسام زعرور، المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران، المدير العام للمكتبة الوطنية حسان العكره، الرئيسة العامة لراهبات القلبين الاقدسين الام دانيلا حروق ومديرة المعهد الام مارلين سلامة، رئيس دير سيدة المعونات الاب جان بول الحاج ، الامين العام الاسبق لحزب الكتلة الوطنية المحامي جان الحواط ، رئيس الاتحاد اللبناني لكرة الطائرة ميشال ابي رميا وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير ومدعوون.
بداية النشيد الوطني، ثم تلت عريفة الاحتفال اليسار لطيف رسالة رئيس الجمهورية الذي شكر فيها الكاتب على دعوته مقدرا جهوده في نشر المعرفة وتعزيز الثقافة والفكر والحضارة والحوار والاضاءة بمنهجية علمية على وقائع مرحلة اساسية من تاريخ لبنان متمنيا له النجاح والتوفيق.
رباح
بعد ذلك القى رباح كلمة تحدث فيها عن اميل اده المناضل من اجل استقلال لبنان والضغوطات التي عاشها واصفا اياه بالشخصية الاستثنائية في تاريخ لبنان وقال :” يرى البروفسور أبي يونس أن الحال التي وصل إليها لبنان اليومكان قد حذر منها اده، ولم تلق تحذيراته آنذاك آذانا صاغية ،واستطاع أن يقدم نظرة شاملة بانورامية ومعمقة في آن. لذلك، يمكن عد هذا الكتاب مرجعا إضافيا يبحث في حياة اده وطروحاته ومواقفه وإنجازاته . وفيه من الجهد المبذول الكثير، ويقدم معرفة أساسية بجذور عديدة لمشكلات كيانية لا تزال الجمهورية اللبنانية تتخبط فيها، ولا يزال الشعب اللبناني يتخبط فيها حتى يومنا هذا”.
أضاف: ” إنه بحق بحث في الشائك من الطروحات، ومحاولة للرد وإثبات لدور شخصية تاريخية رؤيوية ، عملت جاهدة من أجل لبنان، وناضلت على المستويات الشخصية والدبلوماسية والسياسية والقانونية كلها، مدفوعة بالشغف السياسي، مؤمنة بحقيقة بناء وطن، بغض النظر عن فاعليةالنتائج التي توصل سعيها اليها”.
وختم: “شئنا ام ابينا ، الحلم الذي راود اده وسعى إلى تحقيقه هو نفسه الحلم الذي يراود كثيرين من أفراد الشعب اللبناني وفئاته في يومنا هذا، حلم لبنان الدولة المستقلة ذي الكيان الفريد المتشكل من تنوع فئات شعبه والاقليات التي تحيا فيه، حلم لبنان الحريات والتنوع والسلام ، ملتقى الحضارات ، حلم لبنان البلد العلماني الضامن حقوق جميع أبنائه بالتساوي.
عبود
واعتبر الاعلامي عبود في كلمته أن “كيان لا يحقق الامن والاستقرار كيان ساقط، واي كيان لا يؤمن الترقي والازدهار كيان فاشل ، واي كيان لا يسمح بان يعيش الانسان حياته محققا ما يطمح اليه ، كيان لا يستحق لا العيش ولا الحياة وتساءل هل كانت تجربتنا في لبنان الكبير ناجحة انطلاقا من هذه المعايير”.
وقال: “المؤلم اننا نتأخر بدلا من ان نتقدم نتطلع الى اليمين والى اليسار ، الى الشرق والى الغرب، الى البحر والى الصحراء ولا نتطلع الا قليلا وعند الحاجة وغب الطلب الى كيان الوطن الى قلب لبنان”. وسأل هل هكذا يصمد كيان ويتركز وطن؟”.
أضاف: “منذ مئة عام نتقلب نحن كحسكة تارة بالطول وطورا بالعرض، حينا يريد والي الشام ان يبتلعنا وطورا يريد والي عكا ان يلتهمنا وبين الواليين والبلدين والكيانيين الشر هين ، بين سوريا واسرائيل تبدد الحلم وإندثر وانهار الكيار وتبعثر.
واعتبر أن “الجمهورية في خطر وجودي من عاملين خطر وجود النازحين السوريين على ارضه من دون اي افق حل لقضيتهم والصراع في لبنان وحوله وعليه بين المحور الخليجي والمحمور الايراني، بين السنية السياسية والشيعية السياسية وحتى بين الاحلام العربية والشهوات الفارسية”.
وختم: “اقبل يا فخامة الرئيس في عليائك اعتذارنا فنحن ظلمناك وخوناك كثيرا لكنك يجب ان تدرك اننا معزورون، فنحن لم نخطئ بحقك فحسب بل بحق انفسنا، فبعد سبعين عاما على غيابك ما زلنا شعبا برسم الفساد والهدر والتقتير، برسم الفقر والبؤس والتعتير وبرسم الاقتلاع والهجرة والتهجير”.
أبي رميا
وأعرب النائب ابي رميا في مستهل كلمته عن أسفه لعدم وجود ممثل عن حزب الكتلة الوطنية في احتفال يتعلق بمؤسس الكتلة الوطنية الرئيس اميل اده في حين ان معظم الاحزاب السياسية ممثلة، واذ لفت الى ان الانتخابات النيابية في قضاء جبيل افرزت نائبين جذورهما كتلوية هو والنائب زياد الحواط، اكد انهما سيمثلان ابناء القضاء خير تمثيل في الندوة البرلمانية”.
وتحدث في كلمته عن نشأته الكتلوية وتاريخ عائلته مع هذا الحزب الوطني تعبيرا عن انتماء لا يتبدل والتزام لا يتغير وقال: “أبوح، كمواطن وكنائب في آن، بامثولات ثلاث علمتني اياها قراءة هذا الكتاب: الاولى اهمية الرؤية السياسية العامة، التي تنطلق من مصلحة الوطن العليا، والتي تفرض نفسها بوضوح مقوماتها، وقوة براهينها المستمدة من خصوصيات الوطن الجغرافية، والتاريخية والاجتماعية، وهكذا كانت رؤية اميل اده، ترتكز على اختيارات ثلاثة: استقلال لبنان الكبير، وانتماؤه الى محيطه العربي، وضمان استقلاله بمعاهدة الند للند مع فرنسة الدولة العظمى والصديقة في آن. اما الثانية فالالتزام بتلك الرؤية السياسية العامة وعدم الابتعاد عنها قيد انملة، والعمل على نشرها، وعلى اقناع الفرقاء جميعا بصوابيتها، وعلى تهيئة الظروف لتطبيقها وإنجازها. وهكذا التزم اميل إده برؤيته واستمات في الدفاع عنها، الى حد اتخاذ قرارات جريئة مفاجئة، تخرج عن المألوف، كقبوله باستلام مقاليد الحكم بالتوافق مع الفرنسيين، في عز الازمة بينهم وبين حكومة الاستقلال، مما سبب له المتاعب، الى حد اتهامه بالخيانة. وها هو كتاب الكسندر جرجي ابي يونس يضع هذا القرار في سياق رؤية اميل اده وهدفها الاوحد استقلال لبنان الكبير وصونه بمعاهدة مع فرنسا، بعيدا كل البعد عن اي نية في بناء وطن قومي مسيحي يتخلى عن نسيجه المختلط وعن محيطه العربي”.
أضاف: “الامثولة الثالثة والأخيرة فربط اي مشروع سياسي باحترام لا متناه بالتعددية على انواعها كافة، والعمل السلمي والممارسة الديمقراطية، وهو احترام بين الكتاب ان اميل اده لم يحد عنه، حتى في اوج قوة حزبه الشعبيةفكانت الثوره على عهد بشارة الخوري ثورة بيضاء نجحت بدون ضربة كف. ولعل النجاح الاكبر في ممارسة اميل اده العمل السياسي مرده الى كفه النظيفة البيضاء ومحاربته الفساد السياسي منذ ترسيخ مؤسسات الدولة الطرية العود، وهذا ما طبع شخصيته ومساره الحقوقي والإداريوالسياسي، فشكل ارثا تناقلته الاجيال من محازبيه وخصومه على حد سواء”.
وختم :كم نحن اليوم بحاجة الى ترسيخ هذا الإرث الثمين وتفعيله لتستقيم الدولة ويبقى لبنان”.
جابر
ورأى البروفسور جابر في كلمته ان ابي يونس في كتابه “يعاود فتح صفحة من تاريخ لبنان من خلال سيرة واحد من قادته الكبار، كان على ائتلاف ووفاق او على اختلاف ونفرة مع غير قادة، يبدو اميل اده، وكأنه لا يحتاج تاريخا، فتاريخه على امتداد تواريخ غيره من حلفاء واخصام، لبنة اولى من كل حدث في تاريخ لبنان حتى سنوات الاستقلال الاولى”.
واعتبر “ان خطوة الكتابة بإميل اده، تدفع بالثقافات في لبنان لان تكون ثقافات متحاورة وليست متجاورة فقط ، ولان تصبح ما تطرحه ثقافة من اسئلة واجوبة وقضايا ، هي في حقل مشترك مع ما تطرحه ثقافة ثانية من اسئلة واجوبة وقضايا ، وهذا هو في لبنان تصويب للحوار الثقافي والسياسي والاجتماعي، الخافت حينا، والمتفجر حينا، والذي ظل ملتويا كل الاحيان”.
الحواط
النائب الحواط توجه في مستهل كلمته لزميله ابي رميا بالقول : “صحيح حزب الكتلة الوطنية غير ممثل في هذا اللقاء، لكن الكتلة الوطنية هي مدرسة بالاخلاق والوطنية والحياة السياسية النظيفة ، وكثر من ابناء قضاء جبيل لعبوا هذا الدور”.
وقال: “ان ما يجمعنا اليوم اسم كبير من الزمن السياسي الجميل في لبنان هو الرئيس اميل اده، نعم كان في لبنان زمن سياسي جميل، ورجالات كبار صنعوا تاريخ لبنان واميل اده الذي عمل باخلاص في خدمة مصلحة لبنان، على رأس هؤلاء”. وسأل: “اين نحن اليوم من هذه القامة السياسية ، وقد صار الحكم عندنا عبارة عن مصالح خاصة ، فئوية ، وحزبية، تتناغم مع رغبات الخارج؟”.
واردف :” تأتي المناسبة اليوم في الذكرى ال 44 للحرب اللبنانية المشؤومة ، التي كان العميد ريمون اده اول من سعى الى تفاديها ومنع وقوعها ، عندما رفض في العام 1969 اتفاق القاهرة الذي شرع العمل الفلسطيني المسلح ، لأنه كان يدرك آنذاك مخاطر سقوط الدولة وانتهاك السيادة، وما اشبه اليوم بالبارحة ، لجهة تراجع دور الدولة في ممارسة مسؤولياتها السيادية والأمنية على كامل التراب اللبناني ، وما احوجنا الى حلول مشابهة لما كان يفكر به ريمون اده قبل خمسين سنة”.
ورأى أن ” اميل اده مغبون ومظلوم وضعت نضالاته في العتمة، وشطب ما قدمه للبنان، من تاريخ لبنان الحديث، تركت له مساحة صغيرة يذكر فيها رئيسا بين رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا قبل الاستقلال ، في حين انه الرئيس الذي اعاد قبل ان يتبوأ الرئاسة ، الأراضي الطبيعية التي كانت سلخت عن لبنان وفي هذا الاطار شارك في الوفدين الأول والثالث الى مؤتمر الصلح في قصر فرساي في باريس سنة 1919 وبفضل جهوده وجهود القيادات الوطنية الأخرى عاد لبنان كبيرا، كما كان على مر التاريخ ، وكما نتمناه اليوم في ان يكون كبيرا بسيادته وبرجالاته ، وبذلك يكون اميل اده احد صانعي حدود لبنان الكبير . وهذه الحقيقة مغيبة او مجهولة”.
وأكد أن “تجربة اميل اده في السياسة اللبنانية رائدة ومميزة ، كان الرجل وطنياً تجاوز الحدود الطائفية ، وأسس حزب الكتلة الوطنية الذي كان وطنياً بالفعل عابراً للطوائف ، وشكلت بلاد جبيل الخزان البشري الاساسي له كما انتسب اليه الكثيرون من مختلف المذاهب والمناطق ، وقدم مع الكتلة الدستورية برئاسة الرئيس بشارة الخوري تجربة غير مسبوقة ، لم ولن تتكرر، عن العمل السياسي القائم على ثنائية غير طائفية ، كان يمكن لو تطورت ان تجنب لبنان الكثير من الويلات”.
وقال: “ينتابني شخصيا الكثير من الفخر لنشأتي في بيت تشربت فيه الشعور الوطني والمبادئ اللبنانية القائمة على سيادة حكم القانون ، وقيام الدولة العادلة والقوية ، وكان لعائلتي دور كبير في تأسيس حزب الكتلة الوطنية اللبنانية ،فجدي نسيب كان واحدا من المؤسسين الأوائل الى جانب اميل اده وآخرين ، وعمل مستشارا اقتصاديا له طوال سنوات عديدة ، مثله مثل سائر افراد عائلتي ، واليوم ، انا زياد حليم الحواط اكمل السير على هذا الخط الوطني، ملتزما في تحالفي مع القوات اللبنانية المبادئ الوطنية الهادفة الى قيام الجمهورية القوية ، من حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها ، الى تحقيق الاصلاح الحقيقي ، وتطبيق القوانين”.
أضاف: “ساهم الرئيس اميل اده في ادائه في ارساء قاعدة الشراكة الحقيقية في الحكم ، والتي ما زلنا نشكو من غيابها حتى اليوم، كان اول من عين مسلما سنيا في رئاسة الحكومة عام 1937، قبل ان يتكرس الأمر في ميثاق العام 1943، وهو صاحب الفضل في تضمين المعاهدة اللبنانية – الفرنسية عام 1936مبدأ 6و6 مكرر ، تطبيقاً لمبدأ الشراكة ، عندما كان المسيحيون محظيين عند سلطات الانتداب الفرنسي ، وقادرين على فرض ما يريدون ، وفي العام 1943 سعى الى انقاذ لبنان والحفاظ على الدولة ومؤسساتها في لحظة سياسية خطيرة واستثنائية ، ومع كل ذلك ، لم ينصف اميل اده ، انطلق في مسيرته الوطنية من ايمانه بدور القانون وقيام الدولة القادرة ، طبق ذلك طوال سنوات طويلة في خلال ممارسته المحاماة والسياسة ، وتدرج في مكتب المحاماة الخاص به ثلاثة رؤساء للجمهورية هم الى اده، بشارة الخوري، وكميل شمعون، ومعهم العديد من الوزراء والنواب وكبار الشخصيات، زرع اميل اده في نجله العميد وفي مؤيديه، ضرورة الالتزام بحكم القانون، وكان يردد امامهم: “القانون قاس، لكنه القانون. هذا هو لبنان اميل اده ، ولاحقا لبنان ريمون اده”.
وتابع: “كان اميل اده رؤيويا، ادرك منذ عشرينات القرن الماضي خطر الصهيونية ، فرفض التخلي عن القرى السبع عند رسم الحدود بين لبنان وفلسطين في سنة 1923 بعد تقاسم الانتدابين الفرنسي والبريطاني دول المنطقة . وحتى اليوم فان ترسيم الحدود لا سيما بين لبنان وسوريا ، ما يزال قضية عالقة من دون حل ، ومن الضروري العمل على اعتراف سوريا بالحقوق اللبنانية في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ، حتى نتمكن من تثبيت الحقوق واسترجاعها”.
وقال: “كان الرئيس اميل اده مختلفا عن الفاعليات السياسية الأخرى في الممارسة والدفاع عن مصلحة لبنان . ويوم رحيله قال فيه المطران بولس عقل : ايها الرئيس الدائم . نعشك عرشك . عروشهم نعوشهم . انت ميت حي ، وهم احياء اموات ”
وتابع :” ترك اميل اده للبنانيين ارثا سياسيا ووطنيا كبيرا، وترك لهم العميد، الذي حمل المشعل على مدى اكثر من ستة عقود، وقدم للبنانيين نموذجا عن السياسة كما يجب ان تكون ، وترك لنا الوزير والنائب بيار اده الاقتصادي اللامع وصاحب الافكار الخلاقة وصاحب المسيرة المميزة حزبياً في الكتلة الوطنية ، ترك للبنانيين حزب الكتلة الوطنية اللبنانية التي كانت له الرؤية الثاقبة التي تطرح الحلول للازمات وللمشاكل قبل حصولها”.
وذكر الحواط بما قام به العميد اده في ستينيات القرن الماضي عندما طالب بالبوليس الدولي على الحدود بين لبنان واسرائيل، تفاديا لأي اعتداءات من الأخيرة ومطالبته ايضا في عز الحرب المشؤومة لسن قانون يمنع بيع الأراضي لاناس من غير طائفة اصحابها، لمنع التغيير الديموغرافي، الذي وقع فيه لبنان لاحقا”.
وقال: “المفارقة اننا نلتقي اليوم وقد مر على اعلان لبنان الكبير 99 عاما، وكلنا نشعر ان ما بني مع هذا الاعلان ، مهدد جديا نتيجة الحرائق والتصدعات الحاصلة في المنطقة من جهة، وانعدام المسؤولية الوطنية عند قسم من اللبنانيين من جهة اخرى. ما صنعه اميل اده والقيادات اللبنانية الوطنية الأخرى، قبل حوالى القرن، في خطر . ويقيني ان خلاص لبنان يكون اليوم بالعودة الى جمهورية اميل اده، وافكاره الوطنية. ظلم المؤرخون اميل اده كثيرا. واليوم ينصفه البروفسور الكسندر ابي يونس في كتابه القيم. وهو مشكور لأنه اعطى هذا الرجل الوطني حقه ، واضاء على مسيرة سياسي كبير”.
وختم معلنا انه ” سيعمل على تكريم هذه القامة الوطنية الكبيرة مع زميله النائب ابي رميا، من خلال احتفال وطني يقام في جبيل في الذكرى المئوية لاعلان دولة لبنان الكبير، لان لاميل اده دور لايمحى مشيرا الى ان ” الرابط بين جبيل والرئيس اميل اده وثيق، وعميق وراسخ ، والتكريم هو لتذكير الأجيال الحاضرة والمقبلة، بكبير من جبيل صنع الكثير للبنان ، وارسى مفهوم الضمير في العمل السياسي”.
عون
ونقل المطران عون تحيات البطريرك الراعي للحاضرين واصفا الكتاب بـ “القيم لأن الكاتب أراده بحثا عن حقيقة إميل إده لإظهار ما مدى صحة التهم التي سيقت ضده، بعد الجدل الكبير الذي برز بين المؤرخين ورجال السياسة والاقتصاد حول القرارات السياسية والاقتصادية التي اتخذها في أثناء وجوده في الحكم”.
وقال: “نعم، أراد الكاتب إنصاف الرئيس إميل إده من خلال دحض آراء ونظريات الصقت به واعتبرها مغرضة ومهينة لشخصه، هو الذي نذر عقله وقلبه وجهاد عمره في العمل السياسي مدافعا عن مواقفه الوطنية في سبيل تحقيق سيادة لبنان واستقلاله ، وهو الذي آمن بالحرية عقيدة إنسانية واجتماعية وسياسية سامية واعتنق الديموقراطية أسلوبا حضاريا، فمارسهما في عمله السياسي من أجل خير لبنان وأبنائه، بتجرد كبير في النفس، ونظافة في الكف لا مثيل لها، وترفع عن أية مصلحة خاصة جعلته لا يساوم ولو مرة واحدة على المبادئ التي التزم بها”.
أضاف: “هذا الكتاب، الذي يغطي حقبة مهمة وتأسيسية في تاريخ لبنان الحديث منذ سنة 1909، بداية نشاط إميل إده السياسي، حتى سنة 1949، تاريخ وفاته، يشكل مرجعا تاريخيا لتلك الحقبة التي شهدت ولادة دولة لبنان الكبير، ويظهر مدى تأثير القرارات والخيارات التي اتخذت في ذلك الوقت على التطورات السياسية وتداعياتها إلى يومنا هذا.
يأسرك الكتاب بينما تطالعه من فصل إلى آخر، وأنت تتعرف إلى شخصية هذا الرئيس الذي أثر في كل من تعرف إليه وإلى فكره وذكائه ومصداقيته في العمل السياسي. عمل وناضل حتى النهاية في سبيل وطن أحبه وحلم به. وبلغ به صدقه في العمل السياسي إلى التنحي عندما كان يعجز عن القيام بواجبه. هذا ما عبر عنه المثلث الرحمة المطران اغناطيوس مبارك في خطاب وداعه الأخير عندما قال: “يكفي أن أردد ما قاله المثلث الرحمة المطران شكرالله الخوري، رئيس أساقفة صور، في عهده الأول (أي رئاسة الحكومة عامي 1929 و1930). قال لنا، أنتم الذين في العاصمة لا تعرفون قيمة الحكام. أما نحن في الأطراف، فنشعر عندما يكون الحاكم عادلا. وحتى الآن لم نشعر بوجود حكومة إلا برئاسة الرئيس إده، حيث ساد العدل والأمن، وعمت الراحة. ولكن أيها الإخوان الأعزاء، عندما استولت الغايات الشخصية على النفوس، وعندما رأى الرئيس إده نفسه غير قادر على إتمام مهمته بروح الضمير، استقال. وعندما سألناه، قال: لا أقدر على البقاء في منصب أعجز فيه عن القيام بواجبي، لذلك فضلت الاستقالة على عدم القيام بالواجب في سبيل لبنان. وهكذا خرج من الحكم رافع الرأس. ولكننا عرفناه عظيما بمحبة لبنان”. (انتهى كلام المطران مبارك)
واردف :” تميز نهجه بالصدق والصراحة، وكان صاحب فكر مستقبلي يدعو إلى الإصلاح ومواكبة التطور، فأثبت أن السياسة فن شريف يعتمد الصراحة والشفافية عملا بقول الرب يسوع: “ليكن كلامكم نعم، نعم! ولا، لا! وما زاد على ذلك فهو من الشرير. وقد حافظ على هذه القيم التي أخذها عن والده المرحوم ابراهيم إده، ثم أورثها لابنه العميد ريمون الذي تابع العمل السياسي باستقامته المعهودة وبوحي من هذه القناعات”.
وتابع: “كما يبين الكاتب في أكثر من مكان العلاقة الوطيدة التي ربطت الرئيس إميل إده بالبطريركية المارونية وبسيد الصرح الساهر الأول على لبنان وكيانه. فهو يضيء بالفعل على دور بطريركين عظيمين كان لكل منهما دور أساس في قيام الجمهورية اللبنانية. فالبطريرك الياس الحويك هو أبو لبنان الكبير والدستور الأول، والبطريرك أنطون عريضة هو أبو الاستقلال الناجز والميثاق الوطني. وكان الرئيس إده في مختلف مسؤولياته السياسية والوطنية إلى جانبهما في التعاون وتوحيد النظرة والكلمة”.
وقال: “إن وطننا يحتاج اليوم أيضا إلى مسؤولين يتفانون في خدمته وفي خدمة الإنسان فيه. المواطن اللبناني يستحق وطنا ينعم فيه بأبسط مقومات الحياة اللائقة وبالكرامة التي تليق بكل إنسان، و نحن بحاجة إلى سياسيين يقومون بواجباتهم في سبيل مصلحة الوطن وليس لحساباتهم الشخصية والحزبية، لأن الأوطان لا تقوم ولا تبنى إلا بعمل قادة وسياسيين يعلون الحق ويستجلون المستقبل ببصيرة نافذة وبمسؤولية وطنية لا غبار عليها.فأمام التحديات التي تواجهها منطقتنا وأمام الأخطار التي تحيق بوطننا لبنان، آن لنا، مسلمين ومسيحيين، أن نقف وقفة شجاعة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخنا،فنعقد العزم على بنيان وطن يليق بأبنائنا، مستنيرين بروح ميثاقنا الوطني وبإرادة العيش معا لما فيه خير لبنان”.
وختم: “إن لبنان الذي عمل له الرئيس إميل إده، والذي نتطلع إليه اليوم وطنا يضمن لجميع أبنائه الكرامة والعدالة والسلام،هو وطن الرسالة كما وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني. هذا الوطن وجد، منذ تأسيسه الحديث مع ولادة دولة لبنان الكبير، ليكون علامة للشرق والغرب بأن التعايش في الأوطان ممكن بين أبناء الديانات السماوية، وبين مختلف الحضارات. ورسالة لبنان هذه تتحقق فعلا، إن أحسن أبناؤه وبناته الحفاظ على القيم التي تبني السلام، وإن أحسنوا العمل متضامنين لأجل الخير العام، ساعين إلى بناءدولة المؤسسات التي تضمن العدالة وتؤمن العيش الكريم لكل إنسان”.
أبي يونس
وفي الختام ألقى المؤلف كلمة شكر فيها البطريرك الراعي على رعايته هذا الاحتفال وكل من ساهم في انجاحه والجامعة اللبنانية على توثيق الكتاب وقال: “إميل إده هو ملك الشعب اللبناني، فهو من مؤسسي دولة لبنان الكبير، أخطأ التقدير في العام 1943 ولو كان محقا في خلفيات قبوله الرئاسة بالتعيين، فهاجسه كان توقيع معاهدة دفاعية مع فرنسا تحمي لبنان من سوريا ومن الحركة الصهيونية وقد أدرك ذلك منذ العام 1920 من خلال مشاركته في مؤتمر الصلح.”
أضاف: “فلنفرح بصدور أول كتاب أكاديمي وموثق عن الرئيس إميل إده، برعاية بكركي وبدعم من الجامعة اللبنانية، فهذا كاف بالنسبة لي وشهادة أعتز بها وتكفيني فخرا ، ومن هنا اقترح على وزارة التربية تعديل المناهج فيما يختص بمواقف إميل إده من الكيان، والهوية، والاستقلال والعيش المشترك”.
وختم : “اليوم، ونحن على مشارف مئوية دولة لبنان الكبير، وبذكرى الحرب اللبنانية المشؤومة، وبذكرى السبعين على وفاة إميل إده، صدر الحكم بحق هذا الرجل: “باسم التاريخ أعلن، إميل إده لبنانيا في الصميم”.
وطنية