أحبب وسر قُدما في فعل الخير وصنع السلام، هذا عنوان رسالة القيامة لعام 2018 لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو بطريرك بابل للكلدان. وتحدث في بدايتها عن القيامة والسلام والمحبة وقال: “نُعَيِّد هذه الأيام قيامة المسيح المجيدة، وهي حضورُه بيننا، حضورٌ على مستوى الإيمان وليس على المستوى البدني. حضورٌ مُمَجَّدٌ نلمس فيه حضور الله، حضورٌ يعرض علينا نوعاً آخر من الوجود يختلف عمَّا اعتدنا عليه، حضور محبّ نتفاعل معه بفرح عبر عيش الأخوّة والمحبة والتضامن، فيتطابق فيه تصميم الله مع أحلام البشر بالكرامة والسعادة والفرح. القيامة تعلمنا أن الحبَّ الذي نحمله في قلوبنا ونعيشه بجوارحنا هو الذي يغير كل شيء”. وشدد غبطته على أنه عندما يملأ الحب حياتنا مثلما ملأ حياة يسوع، حينذاك نغدو أبناء الله.
ثم ذكّر البطريرك ساكو بالسؤال الذي طرحه يسوع على مرتا في حادث موت أخيها لعازر( يوحنا 11/26)، هل تؤمنين؟، وتابع غبطته: “هذا السؤال مطروحٌ علينا اليوم وسط كلِّ نكباتِنا لنغيِّرَ طريقةَ تفكيرنا وتعاملنا وعيشنا: هل نؤمن بالله خالقا وأبا لكلِّ البشر وليس لفئة واحدة؟ هل نؤمن أننا جميعا إخْوَة بالرغم من تنوّعنا وأن الأرض أمنا؟ هل لنا الرجاء والصبر والهمة لنكون أقوى من الضربات والشتائم والروتين والإحباط؟ هل لنا القدرة على أن نغفر ونطوي الماضي ونفتح صفحة جديدة مع من نختلف معهم؟ هل نفهم بشكل صحيح رحمة الله المجانية الواسعة تجاه كلِّ البشر؟ رسالة القيامة لهذا العام هي أن نكون فاعلي الخير وجسور الحوار والمصالحة وصانعي السلام وسبيلا للنعمة والبركة. لنصغي إلى دعوة المسيح لنصير فاعلي السلام: “طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلام فإِنَّهم أَبناءَ اللهِ يُدعَون” (متى5/9)”.
تحدث غبطة البطريرك بعد ذلك عن الرجاء باعتباره خبز الحياة، فتوقف عند ما يعاني منه العراق قائلا: “بلدنا، بلد خيرات وأمجاد، لكنه بفعل الأشرار ومنهجهم القتل والسلب، غدا بلد نكبات، وفقد بالتالي الأمان والاستقرار، والكثير من أبنائه وثرواته، وانتُهكت كرامة العراقيين. الشعب العراقي ينشد الأمن والاستقرار والنمو الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، لذا يجب التصدي لهذه الويلات بحماسة، وعدم السماح لها بأن تقودنا إلى الاستسلام واليأس. علينا أن نقرأ الأحداث قراءة إيمانية وليس تاريخية أو سياسية فقط! ودعا غبطته إلى مواجهة المصاعب والآلام بتحويلها إلى دافع للتماسك والتعاضد دون التميز بين دين وعرق ولون، وغالبية وأقلية”. وأضاف: “ولننتهزها فرصة للقاء وبناء الثقة والتفكير، والعمل يدا بيد لتنتهي آلامنا إلى الأبد، ونعود إلى الحياة الحرة الكريمة واحترام الاختلاف وقبول التنوع، وهذا في صلب تصميم الله لنا”. وأكد أن “رسالتنا كبشر ومؤمنين أن نخدم الآخرين لأنهم أخوتنا ونضحي من أجلهم أيا كانوا”، مذكرا بأن “الكل يتحمل هذه المسؤولية الأخلاقية والوطنية عبر مبادرات شخصية وجماعية”.
هذا ودعا غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو بطريرك بابل للكلدان في ختام رسالة القيامة إلى المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة باعتبارها، حسب ما واصل، “فرصتنا الذهبية للتغيير وضمان مستقبل مشرق لشعبنا”. ثم قال: “العراق هويتنا وخيمتنا الوحيدة، أما الدين فهو لله ويجب صونه من التسييس والتشويه، والدين يحترم الإنسان ولا يستعبده، والله الذي نؤمن به خالقا هو محبة ورحمة، يعرف كلَّ واحدٍ منا ويُحبُّنا للغاية، ويريد أن نحب بعضنا بعضا وأن نحيا كإخوة وأخوات بعزٍّ وحريةٍ وكرامة وسعادةٍ. إنه اله الحياة والسلام والمحبة والرحمة”.
إذاعة الفاتيكان