هكذا في كنيستنا نسمّي الأحد الأول من الصوم الذي نحن فيه ويعني أحد استقامة الرأي. تسمية قديمة جداً سابقة للانفصال القائم بيننا وبين المسيحيين الآخرين. أنت لست مستكبراً اذا آمنت انك في الحق. أنت تشهد ليس لنفسك ولكن للإيمان الذي ورثته من الله. بهذا تعود إلى الله لا إلى كبرياء جماعة إن وجدت الكبرياء.
أنت لا تستصغر أحداً اذا قلت إنك في الحق. في ذلك أنت شاهد لله فقط الذي هو وحده جعلك ما أنت. لعلها مناسبة لأقول إننا ندعو الله ألا يجعلنا في استكبار. أنت لست كبيرا في نفسك. أنت كبير بالنعمة. هذه مناسبة لأقول إن ايمانك بأنك موفور النعمة لا يستدعي شعور عظمة قائمة فيك. العظمة التي نزلت عليك ليس لك فيها فضل. وأنت لا تلازمك عظمة إذا تواضعت. البشر من لحم ودم وليس فيهم شيء. العظمة في ما ورثوا.
فإذا استكبر فريق منا نحن المسيحيين في ما أخذ يكون شكوراً. أما اذا استعظم نفسه يكون قد سقط. الله عدو المستكبرين لأنهم استكبروا ولكنه ليس عدو من افتخر بالحقيقة التي نزلت عليه.
فإذا استعظم أهل الأرثوذكسية أنفسهم يضربهم الله. أما اذا شكروا العظمة النازلة عليهم يعليهم. أنت لا تمتلك الايمان المستقيم الرأي لتتعظم به. هو يملكك اذا شئت وتواضعت. دائماً كان همّ الكنيسة بقاءها في استقامة الرأي لأنه هو استقامة الإيمان والقلب. هذا افتخار بالله وليس استكباراَ على أحد. أنت لا تدين الذين ليسوا على الإيمان القويم. لم يصل إليهم. هم في سرّ الله وهو يتدبر مصيرهم. وليس عليك حرج إن افتخرت بإيمانك لأنه أعطي لك. هذا يزيدك إصراراً عليه وأنت لا تدخل السماء بفضلك بل بفضل النعمة عليك.
ويل للمستقيم رأيه اذا ادعى أو استكبر. هذا ليس له. انه أعطيه. أما لماذا هو حبيب الله فالجواب عند الله. والله لا يعطي أحداً حساباً. أنت تشكره إن عرفت أنك له والشكر أيضاً من نعمته عليك.
نحن الأرثوذكسيين لا ندعي شيئاً إن كنا فاهمين. لا نقول إننا أفضل من الآخرين. ما عندنا ليس منا، ورثناه من الله وهو في ذلك حرّ. لا نسأله لماذا أعطانا، لا نعرف. وأنت لا تسأله اذا لم يعطك. هو يعرف.
ليس أحد يعرف لماذا هو في استقامة الرأي. هذا فضل الله عليه. وليس أحد يعرف لماذا لم يرث هذا الفضل. هذا شأن ربي. وليس من حق أحد ان ينسب إلى نفسه جمال انتسابه إلى الإيمان. هذه نعمة لا يملك ان يسبر غورها.
إذا دعاك الله إلى استقامة الرأي فلا شأن لك في ذلك. أنت تتقبل النعمة وتشكر. سر الله وحده إذا أقامك في بيته. مصير الذين لا يظهرون انهم في بيته لا تعرفه. هؤلاء ليسوا في معرفتك. انهم في الرحمة. لماذا نزلت عليك استقامة الرأي وعلى ذويك من قبلك. لن تعلم شيئاً عن هذا. أنت فقط تشكر.
هنا أود ان أبدد سوء فهم قائماً. أهل الإيمان المستقيم لم يقولوا يوماً إنهم أفضل من سواهم أو أقرب إلى الله. قالوا إن ما يؤمنون به هو ما انزله الله عليهم. هذا شأنه وليس شأن أحد. هم ليسوا في حالة ادعاء. هم في حالة شكر. أما لماذا أدخل المسيح إلى حظيرته قوماً ولم يدخل آخرين فهو وحده يعلم. في كنيستي نميز بين المستقيمي الرأي والذين هم على رأي آخر ولا نقول غير المستقيمي الرأي. ولا نقول إن الذين ليسوا على استقامة الرأي ذاهبون إلى الجحيم. الله وحده يعرف هؤلاء.
النهار