تحت عنوان «أرضي هويتي»، عقدت الرابطة المارونية مؤتمرها الأول في قصر المؤتمرات في ضبيه، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي ممثّلاً بالنائب البطريركي العام على منطقة جونيه المطران أنطوان نبيل العنداري، تخلّله كلمات شدّدت على ضرورة تمسّك المسيحيين بأرضهم حفاظاً على هوية لبنان.
سلّط المؤتمر، الذي دعت إليه الرابطة المارونية، الضوء على «أهمية الأرض بالنسبة الى الموارنة، في اعتبار أنها تمثّل الوطن والكيان»، بحسب ما أعلن رئيس الرابطة النقيب سمير أبي اللمع في كلمته بُعَيد افتتاح المؤتمر، لافتاً الى أنّ «الموارنة توسّعوا الى كل لبنان، وكان العيش مع غيرهم من الطوائف نابعاً من هذه المسلّمات».
وإذ رأى أنّ «كنيستنا المارونية تنظر اليوم بكثير من القلق الى ما تناهَت إليه أوضاع الأرض في بلدان الأطر البطريركي عموماً، وفي لبنان خصوصاً»، أشار أبي اللمع إلى أنّ «الإحصاءات تدلّ على أن مسيحيّي لبنان فقدوا في الأعوام الأخيرة قسماً كبيراً من أراضيهم، وهناك مناطق أصبحت شبه خالية من المسيحيين، وقد بيعت أجزاء شاسعة من أرضهم طوعاً أو إكراهاً أو إغراء».
وكشف أنه «مع وجود اللاجئين النازحين أصبح نصف السكان في الوطن من غير اللبنانيين، وتحت ضغط الحاجة والإغراءات المشبوهة، صارت الأرض عقاراً محلّلاً للبيع، ليس فقط بين اللبنانيين بل من غرباء يتفوّقون على اللبنانيين بقدرتهم الشرائية، ويجدون في أرض لبنان ما لا يجدونه في أوطانهم»، مؤكّداً أنّه «إذا كان ثمّة من يريد التبديل في طبيعة لبنان الديموغرافية عن قصد وتصميم، ولمآرب خارجة عن إطار الوطن، فإنّ من حقنا، لا بل من واجبنا، التصدّي له بكل الوسائل القانونية، انتصاراً لحقيقة لبنان ورسالته الانسانية الفريدة».
بدوره، قال الأمين العام للرابطة فارس أبي نصر إنّ «البطريرك الماروني ومجلس المطارنة أكدوا ضرورة التصدّي لكلّ اختلال في التوازنات الديموغرافية والجغرافية في لبنان»، داعياً الاحزاب اللبنانية والمسؤولين على مختلف انتماءاتهم الى التصدي لهذا المخطط.
وإذ لفت الى أنّ «أحدهم سئل ماذا فعلت الرابطة لمواجهة التعدي والبيوعات المشبوهة، فأجاب إنها تصلي»، أكد أنّ «الرابطة أنشأت منذ العام 2009 لجنة طوارئ للتصدّي لبيع الاراضي والتعدّي على الأراضي ما بين اللبنانيين، وهي تُشجّع بالتعاون مع البلديات كافة مشاريع التنمية في مختلف المناطق باعتبارها رادعاً أساسياً لبيع الارض، كما انها تُعدّ مشروع قانون للتصدي للبيوعات المشبوهة».
أمّا العنداري فشدد على أنّ «الأرض أصبحت ذاكرة حية تؤكّد هويّتنا الخاصة وتواصلنا بالتاريخ. والحفاظ عليها هو حفاظ على هذا الإرث الشخصي والجماعي والوطني»، سائلاً: «أين نحن من تجذّرنا وأمانتنا لأرضنا وقدسيتها، هل نترك الساحة لباعة الهيكل يتاجرون بها لنستفيق يوماً، وهو ليس ببعيد، ونصبح أغراباً في ديارنا؟».
إلى ذلك، توزّعت أعمال المؤتمر على أربع جلسات: أدار جهاد طربيه الجلسة الاولى تحت عنوان «التبدّل الديموغرافي والجغرافي في لبنان»، وتحدّث فيها ربيع الهبر عن الاحصائيات الديموغرافية، وبشارة قرقفي عن الحركة العقارية – الإيجابيات والسلبيات.
وتناول النائب نعمة الله أبي نصر «الواقع الديموغرافي وتملّك الأجانب»، مشيراً الى أنّ «الدستور اللبناني حَظّر ضمناً في مادته الثانية التخلي عن أراضي الوطن لصالح غير اللبنانيين، وكَفل في المادة 15 حق الملكيّة للبنانيين وحصرها بهم تطبيقاً لمبدأ السيادة».
وعدّد الأسباب الموجبة لعدم بيع أرض الوطن من غير اللبنانيين، ذاكراً بعض الضوابط المقترحة التي تحدّ من فوضى بيع الارض من غير اللبنانيين والضوابط المتداولة في لجنة الادارة والعدل.
وتناوَلت الجلسة الثانية، بإدارة فريد الخوري، «القوانين والمراسيم وتعديلاتها ومشاريع القوانين المقترحة»، وتحدّث فيها الرئيس موريس خوام عن «تملّك الاجانب وبيع الاراضي بين اللبنانيين»، والرئيس سليم سليمان عن «الارض والدستور»، والدكتور انطوان سعد عن «الاسباب الموجبة للحدّ من بيع الاراضي من الغير تِبعاً للقانون اللبناني والمقارن».
أمّا عنوان الجلسة الثالثة فكان «الإنماء المتوازن والتنمية المستدامة في المناطق» وأدارها غسان الحجار، وتناول فيها انطوان واكيم «التعاون والتوأمة بين البلديات»، والمهندسة غلوريا ابو زيد «المشروع الاخضر»، والدكتور عصام خليفة «دور الاوقاف في التنمية المستدامة»، ولوران عون «إنشاء المناطق الاقتصادية الحرة»، وعزيز طربيه «التعاونيات المتخصصة»، ومطانيوس الحلبي «التشجيع على الانخراط في المؤسّسات العامة»، فيما تناول الاب طوني خضرا «العودة الى الوظيفة العامة».
وتمحورت الجلسة الرابعة على «مصادر التمويل: هبات وقروض ميسّرة» فأدارتها كارلا شهاب، وتحدث فيها كلّ من خاطر ابي حبيب عن «دور كفالات في التنمية وفي شدّ المواطن الى أرضه»، انطوان شمعون عن «دور صندوق الاسكان في التنمية»، محمد عرابي عن «دور البلديات في التنمية المستدامة»، باتريك عتمة عن «آلية دعم صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، خليل حرفوش عن «اتحاد البلديات والتعاون بين القطاع العام والخاص»، وسيرج عويس عن «القروض الصغيرة أداة للحفاظ على الارض».
وتخلّل المؤتمر غداء، وعرض فيلم «أرضي مش للبيع» وتكريم الفرسان الاربعة والمساهمين في إنجاح هذا الفيلم، فقدّم إليهم أبي اللمع دروعاً تقديرية.
باسكال بطرس / الجمهورية