قبل يومين، نشرت «المصري اليوم» مقالاً للصحافي أنور الهواري، بعنوان «جريمة مكتملة الأركان: المال العربي أفسد الإعلام المصري!”، يحذّر فيه من خطورة التمويل العربي لوسائل الإعلام المصرية. لم يسمّ الهواري مواقع أو وسائل إعلام بعينها، لكنّه كتب، إنّ «بعض الأنظمة العربيّة فكّرت بأن تحمي نفسها من حالة العدوى الثورية، التي انطلقت قبل أربع سنوات، فقرّرت أن تخوض المواجهة، هُنا في مصر، وبطرق ملتوية، وكان الإعلام والصحافة والنشر هو جبهة المواجهة، ودفعوا بسخاء». بحسب الهواري، فإنّ الهدف من ذلك التمويل، هو «تشويه الثورة». يقول لـ«السفير»: «أردت أن ألفت النظر إلى خطورة التمويل العربي على الإعلام، ويجب التعامل مع تلك الحقيقة على أنّها جريمة، الهدف منها العمل ضد مصالح مصر واستقرارها».
من الناحية القانونية، يقول رئيس اللجنة الثقافية في نقابة المحامين المصريين محمد كارم إن القانون المصري «لا يمنع أي شخصيات أجنبية من إطلاق شركات في مصر، وتظل الشركة مصرية إذا لم تزد أسهم المالك الأجنبي عن 49 في المئة، وهو ما يعطي الفرصة لدول لها أهداف معينة لإطلاق مشاريع إعلاميَّة، وتمويل فضائيَّات ومواقع، وصحف مطبوعة».
ويقول مراقبون إنّ هناك دولاً خليجيّة عدّة، تنفق ملايين الدولارات شهرياً على بعض المواقع الإخبارية الإلكترونية في مصر، بطريقة غير رسمية أو معلنة، ليظل الشكل النهائي للموقع مصرياً خالصاً، بعكس ما يحدث مثلاً مع قنوات مثل «ام بي سي مصر» التي يعرف الجميع أنّها جزء من شبكة سعوديّة.
ليس الأمر بجديد، ففي التسعينيات، موّلت أنظمة عربيّة صحفاً مصرية عدّة، وأصدرت تلك الصحف ملاحق تمجد تلك الأنظمة. كانت الصحف تتحايل حينها على القانون باعتبار أن التمويل «تبرع» أو «هبة» للصحيفة. اختلف الأمر بعد «ثورة يناير»، إذ تدفّقت الأموال الخليجيّة إلى ساحة الإعلام المصري بوضوح. فبينما تنفق قطر ملايين الدولارات على وسائل إعلام سواء مباشرة كـ«الجزيرة مباشر مصر»، أو غير مباشرة كتمويلها لمواقع مثل «مصر العربية»، قررت دول خليجية أخرى إنفاق ملايينها في وسائل إعلام معادية لـ«ثورة يناير».
من بين تلك المواقع «البوابة نيوز» مثلاً، أحد المواقع المصرية التي تموّل بالكامل من شخصية إماراتية. يقول أحد العاملين في الموقع لـ«السفير»: «نعلم جميعاً أنّ الموقع يتمّ تمويله من شخصية إماراتية، تربطها علاقة وثيقة برئيس التحرير عبد الرحيم علي، لكن من الناحية القانونية تظلّ الشركة التي يصدر عبرها الموقع شركة مصرية، بوسيط إماراتي نسبته أقلّ من 50 في المئة». ليس موقع «البوابة» النموذج الوحيد، بل هناك مواقع أخرى، منها «دوت مصر» الذي يعد أحدث المواقع الإخبارية المصرية، أطلقه منذ أشهر الصحافي المصري الراحل عبد الله كمال، المعروف بعلاقاته القوية بشخصيات سياسية كويتية. يرأس تحرير الموقع الآن خالد بري، والموقع مموّل بالكامل من إحدى الشخصيات الكويتية، وتبلغ ميزانيته الشهرية حوالي مليون جنيه مصري.
بالرغم من اختلاف مصادر تمويلها، تتفق تلك المواقع على اعتبار «ثورة يناير» مؤامرة على الدولة المصريّة، وتحـاول تشويه كل من شاركوا فيها.
مصطفى فتحي / السفير