في لحظة البشارة ، كُشف النقاب عن حقيقتين رائعتين عن مريم العذراء : أولا، أنها كانت ممتلئة نعمة ، و ثانياً ، أنه تم اختيارها لتلقي أعظم دعوة و هي أن تصبح الأم العذراء للمسيح ابن الله .
وما قد يكون بمفهوم البشر مستحيل هو حقيقة ممكنة بقوة الروح القدس. وهكذا تحولت الإستحالة البشرية و الممكن الإلهي الى دعوة موجهة الى عذراء الناصرة للإنفتاح على دعوة الإيمان – و في ذاك اليوم المبارك أعربت الصغيرة العملاقة عن ايمانها في الله القدير القادر على الإنحناء على تواضع أمته.
يقول القديس أوغسطينوس أن ” مريم بالإيمان حملت في قلبها قبل أحشائها ” واستجابة مريم ” ليكن لي حسب قولك ” ( لوقا 1:38) ، تبقى علامة المطابقة الكاملة بين إرادتها و مشيئة الله.
وحده قلب ملؤه الإيمان يمكن أن يعطي هذا النوع من الموافقة على مثل هذا النوع من الدعوات و ما يرافقها من أحداث غير متوقعة أبعد من الذكاء البشري أو حسابات الإنسان…
وهنا تكمن عظمة مريم : كم من المرات كانت الظروف الخارجية لتكذب إيمانها و لكنها في تلك اللحظات كانت “تحفظ جميع الأمور في قلبها”
(لو 2:51)، وتسمح للروح القدس بتنوير، تعزيز وتعميق مسيرتها الإيمانية.
رائعة هذه الأم السماوية، من يوم البشارة ذاك حتى أقدام الصليب إستبقت بإيمانها أنوار القيامة فلم يختلط عليها الصغر بالضعف، وبراءة الطفولة بالسذاجة، والتواضع بعقدة النقص. أدركت أن قوة قدرة الله تستطيع أن تحتجب وراء ستار الضعف الجسدي فلم تخفت ثقة الأم المتقدة لكلي القدرة ذاك المقمط بلفائف الولادة حيناً وبلفائف كفنه المقدس حيناً آخر.
نحييكي أمنا السماوية يا قدوة المؤمنين… مدركين أنك لا تحتفظين بثناء بل كما المرآة تعكس النور تقومين بإرسال صلوات نفوسنا الى الله بطريقة فريدة لا تعرف سرها إلاّ أقدس الأمهات!!
زينيت