المصدر: (و ص ف، رويترز)
خلال استقبال ضخم في حدائق البيت الابيض أقامه الرئيس الاميركي باراك اوباما للبابا فرنسيس وحضره اكثر من عشرة آلاف شخص، عبر كلاهما عن تقارب في وجهات النظر حيال مختلف القضايا من المناخ والديبلوماسية وصولا الى ضرورة مساعدة ملايين المهمشين في انحاء العالم.
أشاد أوباما بدور البابا الحاسم في التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا لكن ايضاً بدعوته الى التعبئة الدولية من أجل مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويعول الرئيس الاميركي الذي لا يخفي اعجابه لحبر الارجنتين. وقد نوه بوضوح برؤيته وتواضعه، على دعمه في مسألتين اساسيتين قبل اقل من 500 يوم من انتهاء ولايته، هما التقارب مع كوبا ومكافحة التغير المناخي. وفي خطاب ألقاه في الحديقة الجنوبية للبيت الابيض تحدث اوباما عن رسالة “الامل” التي يحملها البابا، والتي هي مصدر “إلهام للعديد من الناس في أنحاء العالم”.
أما البابا فقال في كلمته: “كابن عائلة مهاجرة، انا مسرور بان أكون ضيفا في هذا البلد الذي بني في القسم الاكبر منه بأيدي عائلات مماثلة”. وأبرز ضرورة مكافحة ظاهرة التغير المناخي. بقوله: “نظرا الى إلحاح هذه المسألة، يبدو واضحا لي أن التغيرات المناخية مشكلة لا يمكن تركها لأجيال المستقبل… إننا نعيش مرحلة حرجة من التاريخ”. وطالب بالتغيير قائلاً: “لا يزال أمامنا الوقت الكافي لإحداث التغيرات المطلوبة من أجل تحقيق تنمية مستدامة ومتكاملة” تشمل ملايين المهمشين في العالم. واوضح “أن هذا التغيير يتطلب منا إقرارا جدياً ومسؤولاً ليس فقط بنوع العالم الذي نتركه لأطفالنا، بل أيضاً بملايين الأشخاص الذين يعيشون في ظل نظام همّشهم”.
وفي ختام الاستقبال الذي دعي اليه أكثر من عشرة آلاف شخص، توجه البابا واوباما الى المكتب البيضوي لعقد لقائهما الثنائي الثاني بعد الاول في ربيع 2014 بالفاتيكان.
أوباما
وخاطب الرئيس الاميركي البابا: “ان حجم وروحية لقاء اليوم هما مجرد انعكاس بسيط لتفاني قرابة 70 مليون كاثوليكي اميركي… وللطريقة التي ألهمت فيها رسالتك للحب والامل الكثير من ابناء امتنا ومن الاشخاص في انحاء العالم”.
وأشاد بالدور “الثمين” الذي اضطلع به الحبر الاعظم في تحقيق التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا بعد نصف قرن من التوتر الناتج من الحرب الباردة، و”نحن ممتنون لدعمكم الثمين لبدايتنا الجديدة مع الشعب الكوبي والتي تحمل وعداً بعلاقات افضل بين بلدينا”.
وكان أوباما أعلن في تموز اعادة العلاقات الديبلوماسية مع كوبا بعد نحو نصف قرن من عزلة النظام الشيوعي.
كما أشاد الرئيس الاميركي بقوة بالدعوة التي اطلقها البابا من اجل العمل والوحدة لمكافحة ظاهرة التغير المناخي.
وهذه الزيارة الثالثة لحبر أعظم للبيت الابيض. فقد استقبل جيمي كارتر يوحنا بولس الثاني في 1979 وجورج دبليو. بوش بينيديكتوس السادس عشر في 2008.
والامر النادر ان اوباما البروتستانتي، استقبل شخصيا الثلثاء على مدرج قاعدة اندروز هذا البابا الارجنتيني الذي يطأ للمرة الاولى في حياته الاراضي الاميركية.
ويؤكد البيت الابيض ان هذه الزيارة لا تنطوي على أي ابعاد سياسية. وصرح الناطق باسمه جوش إيرنست، ان “هدف هذه الزيارة هو الافساح في المجال للرجلين لتبادل الرأي في قيمهما المشتركة… ستتاح الفرصة للتحدث في الشؤون السياسية، في الايام الـ 364 الاخرى من السنة”.
وقت صعب
وتحصل هذه الزيارة في وقت صعب على الصعيد السياسي. فعندما سيتحدث اليوم امام الكونغرس في خطوة هي الاولى من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، سيلقي أول بابا أرجنتيني في التاريخ خطابا مؤثرا يدافع فيه عن التقارب بين واشنطن وهافانا ويدعو الى التزام حازم بمكافحة التغير المناخي. وهما موضوعان لا يتساهل معهما عدد من الخصوم الجمهوريين لأوباما.
وقد تسببت المواقف المنفتحة للحبر الاعظم بعداوات حادة جدا لدى المحافظين وفي الاوساط الاقتصادية الليبرالية. فمجرد وصوله من كوبا حيث تجنب توجيه الانتقاد الى الرئيس راوول كاسترو، اجج غضب الذين يعتبرون ان هذا البابا ماركسي مموّه او منحرف عن الايمان الكاثوليكي باتخاذه مواقف متساهلة جدا على صعيد العقيدة.
وفي الطائرة التي نقلته الى واشنطن، وعد البابا بألا “يتطرق” في الكونغرس الى المسألة الحساسة المتعلقة برفع الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على جزيرة كوبا الشيوعية. وقال ان “رغبة الكرسي الرسولي هي التوصل الى اتفاق يرضي الطرفين”. ويطالب البيت الابيض برفع الحصار، لكن معظم النواب الجمهوريين يعارضونه.
وفي الايام التي ستلي زيارته للبيت الابيض، سيلتقي البابا مهاجرين ومشردين ومسجونين. وسيرأس ايضا في نيويورك احتفالا يشارك فيه رجال دين من مختلف الاديان في موقع مركز التجارة العالمي، للتنديد بالارهاب وتأكيد الاحترام بين الاديان.
وسيشيد خلال احتفال آخر في فيلادلفيا مع الاميركيين من بلدان اميركا اللاتينية، بالقيم المؤسسة لأميركا مثل الحرية الدينية. وسيرأس في فيلادلفيا السبت والأحد اختتام اللقاء العالمي للعائلات الكاثوليكية الذي من المتوقع ان يحضره مليون ونصف مليون شخص، وسط تدابير أمنية مشددة ايضا.