“إن لم تعد أوروبا تملك القدرة على الانفتاح على البعد المتسامي للحياة فستخسر تدريجيًا نفسها أي بمعنى آخر، هذه “الروح الإنسانية” التي تحبها وتدافع عنها” هذا ما صرّح به البابا فرنسيس في أثناء زيارته الخاطفة إلى البرلمان الأوروبي حاثًا أوروبا “الوحيدة” لكي تستعيد دورها وهويتها كمدافعة عن كرامة الإنسان والفقير والمهجّر والمضطهد والمسنّ والشاب، أن تعيد اكتشاف روحها: المسيحية.
أخبر البابا فرنسيس في أقصر زيارة إلى وسط أوروبا، أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بأنّ تاريخًا عمره ألفي سنة يربط أوروبا بالمسيحية، “لا يخلو من الصراعات أو الأخطاء إنما مندفع للعمل من أجل خير الجميع” وقال: “هذا هو حاضرنا ومستقبلنا. إنها هويتنا”. كما حثّ البابا 500 مليون مواطن أوروبي لكي يعتبروا مشاكل الركود الاقتصادي والبطالة والهجرة والفقر المتزايد كقوة من أجل الاتحاد وتخطي المخاوف وقلة الثقة المتبادلة.
“الكرامة” هي المفهوم المحوري في عملية إعادة البناء التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وأدت إلى تأسيس المشروع الأوروبي. واليوم لا تزال مركز التزام الاتحاد الأوروبي إنما حذّر البابا فرنسيس من إساءة فهم واستخدام هذا المفهوم لحقوق الإنسان. وأشار إلى الميل إلى احترام حقوق الفرد من دون الأخذ بعين الاعتبار إلى أنّ كل فرد هو جزء من المجتمع يتمتّع بالحقوق والواجبات وهي مرتبطة ببعضها البعض مع الآخرين ومع الخير المشترك للمجتمع نفسه.
ثم أشار البابا في خطابه إلى أعضاء البرلمان إلى الكرامة المتسامية التي يتمتّع بها الإنسان بطبيعته لذا من الضروري النظر إلى الإنسان قبل أي شيء ككائن علائقي بينما ينتشر مرض الوحدة في أوروبا. ولفت البابا إلى أنّ أوروبا تبدو هرمة وفاقدة للحيوية والخصوبة وأصبحت للأسف القضايا التقنية والاقتصادية تطغى على النقاشات السياسية. كما وعبّر البابا عن استعداد الكرسي الرسولي والكنيسة الكاثوليكية للمشاركة في حوار شفّاف ومثمر مع المؤسسات الأوروبية من خلال اتحاد المجالس الأسقفية الأوروبية.
كذلك، أشار البابا إلى حالات الظلم والاضطهاد التي تعاني منها الأقليات الدينية في العالم ولاسيما المسيحية منها وذكّر بالجماعات والأشخاص الذين تعرّضوا للعنف وطُردوا من ديارهم وأوطانهم وبيعوا وقتلوا وصلوبا وقُطعت رؤوسهم وأُحرقوا أحياء وسط صمت مخزٍ وتواطؤ من قبل الكثيرين.
وفي الختام، دعا البابا أوروبا إلى عدم الانغلاق على ذاتها بل أن تنظر إلى الإنسان وتحميه وتدافع عنه بالإضافة إلى اشتهارها بالعلم والفن والموسيقى والقيم البشرية والإيمان.
زينيت