يقول القديس البابا يوحنّا بولس الثاني في رسالة إنجيل الحياة، بأن أول جريمة في التاريخ هي عندما قتل قاين أخيه هابيل، فبعد الجريمة، ردَّ قاين على سؤال الرب: “أين أخوكَ هابيل؟”: “لا أعلم! ألعلي حارس لأخي!” (تك 4/ 9). أجل كل إنسان هو “حارس لأخيه”، لأن الله إنما يكِل الإنسان إلى الإنسان. (E.V.# 19)
بالتوازي مع أزمة الإجهاض في عصرنا الحالي يذكرنا البابا بأنّ الدفاع عن قدسية الحياة هو واجب كل إنسان، لسبب بسيط أنّ الحياة هي هدية من الله، وكل إنسان حصل على هذه الهدية، وأصبح موكل بالخدمة والحماية والدفاع عن قدسية الحياة.
الله يطرح السؤال على ضمير كل إنسان “أين أخوك المعرض للقتل بالإجهاض؟ فالذي حصل على إجهاض، والذي إشترك وساهم ودعم وموّل وعزز وسمح وشرع وسكت واهمل تطبيق القوانين التي تحمي حياة الطفل المشرف على الولادة في الرحم، هذا السؤال مطروح عليهم.
أين أخوكَ؟ هو أكثر من سؤال لانه صوت الضمير، لان الله يتابع كلامه فيقول: “ماذا صَنَعتَ؟ إِنَّ صَوتَ دِماءِ أَخيكَ صارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرض. والآن فَمَلْعونٌ أَنتَ مِنَ الأَرضِ الَّتي فَتَحَت فاها لِتَقبَلَ دِماءَ أَخيكَ مِن يَدِك”. (تك 4)
هكذا دماء الأطفال التي تُقتل بالإجهاض تصرخ من التراب إلى ضمائر جميع الناس في المجتمع:
أولاً صرخة للأب والأم الذين حصلوا على إجهاض: أين أخوكَ أي أين طفلكما؟ أنتما أول من يسمع صراخه الصامة، كيف خرج من رحم الأم؟ بصحة كاملة أو جثة مقطع إلى قطع؟ وكيف فتحت الأرض فاها لتقبل دماءه؟ هل رميت جثته في نفايات المواد الطبّية؟ هل أُحرقت؟ هل دفنت دفنًا لائقًا؟
إنّ الأب والأم مشاركان في خلق الطفل، ومسؤولان عن حياته، وهو ليس ملكهما ولا يحق لهما اتخاذ قرار قتله؟ لان الله هو الخالق وليس الإنسان.
ثانياً دماء الأطفال تصرخ للطبيب الذي خان القسم الطبّي وقتل الطفل المشرف على الولادة بالإجهاض الكيميائي أو الجراحي، لادخال مال ملطخ بدماء الأم والجنين. أين أخوك أيها الطبيب؟ أنت من يسبب له صراخ صامة، في عيادتك، عندما تنفّذ عملية الإعدام، مسؤوليتك هي من المفروض ان تشفي المرضى من الأمراض وتعتني بالحياة، لا ان تنهي حياة الأبرياء في الرحم.
ثالثاً، دماؤهم تصرخ من التراب إلى الصيدلاني الذي باع الأهل حبوب إجهاض، مثل حبّة اليوم التالي وحبة الأر يو 486 وحبوب قرحة المعدة سايتوتاك التي تسبب إجهاض كيميائي في اول 12 أسبوعًا من الحمل بطفل.
رابعاً دماء الأطفال تصرخ من التراب للنائب ممثل الشعب، الذي شرّع الإجهاض أو أهمل تطبيق قانون حماية الضعيف في الرحم.
خامساً دماء الأطفال تصرخ من التراب إلى القضاة والمحاكم من أجل العدالة والحقّ بالحياة لجميع الأطفال في بطن أمهاتها، لان أكثر مكانًا يقتل به بشر في عصرنا هو رحم الأم، حيث يموت في العالم- أكثر من 50 مليون طفل بالإجهاض كل سنة.
سادساً تصرخ من التراب إلى الذين شاركوا من بعيد أو من قريب بقتل الطفل في الرحم، إما بتشجيع الأم ان تقتل طفلها بالإجهاض أو الذهاب معها إلى المجهضة (أي عيادة الطبيب الذي يصنع الإجهاض).
سابعاً تصرخ من التراب إلى الذين يمولون الإجهاض من دول الغنية التي تشترط المساعدات الغذائية بتوزيع الإجهاض الكيميائي والجراحي وحبوب منع الحمل، دماء الأطفال تصرخ من التراب إلى المنظمات التي تعزز وتنشر حضارة الموت مثل منظمة تنظيم الأسرة.
ثامناً، دماؤهم تصرخ إلى رجال الدين الساكتين عن المجازر اليومية على حياة الأبرياء الأطفال المشرفة على الولادة، ارفعوا الصوت ضد الظلم.
تاسعاً إلى وسائل الإعلام التي تعزز وتنشر ثقافة الموت في العالم، من سياسة تحديد النسل التي تعني طرق منع حمل وإجهاض إلى تعزيز العهر والزنى ومصطلحات ضد الحياة العائلة.
أين أخوك؟ هو صوت الله في ضمير كل إنسان، فعندما يسمع جميع الناس هذا الصوت ويعملون على خدمة ورعاية وحماية الأخ والأخت في المجتمع يعم السلام في العالم.
إنّ الكنيسة والدولة معًا مسؤولان عن حماية الحياة والعائلة في المجتمع وعلى المجتمع المدني ان يكون محتضنًا للحياة والعائلة وتشجيع الناس على رعاية وخدمة والدفاع عن قدسية الحياة من لحظة الحمل إلى ساعة الموت الطبيعي.
شربل الشعّار / زينيت