قد نسيء التفكير في المطهر عندما نحاول أن نتخيّل شكل ذاك المكان ومدته
يتوق البشر الى التوحد بمن يحبون ونأمل ونؤمن اختبار مثل هذه الوحدة الكاملة مع اللّه، القادر الوحيد على تأمين ما تتوق إليه قلوبنا. نعرف، حسب ما يرويه لنا التاريخ، أن بعض الأشخاص اختبروا هذه الوحدة الكاملة في المحبة مع اللّه خلال حياتهم على هذه الأرض. ويسوع المسيح هو المثال الأول على ذلك كما ولدينا القديسين مثالاً حيّاً. اختبر كلّ منهم ذلك، دون استثناء، من خلال الألم الكبير. تألموا بأشكال مختلفة إلا أن الألم الأكبر كان في عملية اجتزاء كلّ بقايا المصلحة الذاتية والأوهام والتضليل القادرة أن تكون عقبة في وجه اللّه الذي يريد الاستحواذ على كلّ ذواتهم من خلال المحبة. إن الوحدة الكاملة مع اللّه ممكنة فقط ان فتحنا كلّ جزء من كياننا لهذه المحبة الشافية والمخلّصة.
لا يضع أغلبنا نفسه في خانة القديسين. نسعى لهذا النوع من العلاقة مع اللّه إلا أن غزيمتنا تتلاشى في بعض الأحيان فنجد الرضا في أمور أخرى. والأكيد أن البعض قرر في عمق نفسه أن لا مصلحة له في العلاقة مع اللّه فيبذلون كلّ الجهود من أجل نكرانه وتشويه سمعته. قد يصعب تصديق ذلك لكن، وبما أن اللّه جعلنا أحرار، فذلك ممكن. ويعطينا التاريخ أيضاً أمثلة عن أشخاص اختاروا هذه الطريق لكن، وبفعل نعمة اللّه، لا يضع عدد كبير منا نفسه في هذه الخانة أيضاً. إذاً ما الذي يحصل للبشر العاديين عندما يموتون؟
لن ينفينا الله في جهنم لمجرد تلاشي هزيمتنا كما اننا لم نكن جاهزين لاختبار ما حضره اللّه لنا من الحب. فيتوجب بالتالي معالجة العمى الجزئي قبل أن نستعيد القدرة على النظر بوضوح. نحتاج الى إزالة الخبث الذي فينا وهذا ما ينجح القديسون في اتمامه خلال حياتهم. تخيّل اليهود أن عملية التطهير هذه تحصل في مكان وسيط بعد الموت وتوحي الكتابات المسيحيّة بمثل هذا المكان في مثال الرجل الغني ولعازر (لوقا ١٦: ١٩ – ٣١) وفي النار المطهرة التي يتحدث عنها القديس بولس في الرسالة الأولى الى أهل كورنثوس ٣: ١٢ – ١٥، نار تحرق التماثيل والأوهام فنخلص بالكامل في اللّه.
قد نسيء التفكير في المطهر عندما نحاول أن نتخيّل شكل ذاك المكان ومدته. فمن يعرف؟ فهو بالطبع لا يشبه أي شيء رأيناه أو تخيّلناه وبما أننا لن نعيش في الزمن كما نفعل الان على الأرض، فأي فائدة من التفكير في المدة وتفاصيل المطهر؟
إن تمكنت من الوصول الى المطهر سأكون سعيداً وهذا ما يدفعنا الى الفرح في كلّ جنازة مسيحيّة. لقد غلب يسوع الموت وهذا سبب يكفينا لكن إن كنا أكيدين أن شخص ما نما ليعزز علاقته باللّه، فنحن نؤمن أنه بين يدَي اللّه حتى ولو توجب عليه الخضوع لنوع من أنواع التطهير. هل من الضروري الاستمرار في الصلاة من أجل هذا الشخص؟
نحن نؤمن بتواصلنا مع القديسين وهكذا نستمر في الإتحاد بالأصدقاء وأفراد العائلة الذين ماتوا ونستمر في السعي لرفاههم وراحتهم. ونستمر في الشعور بالامتنان لهم والفرح معهم بالمجد الذي يتمتعون به. فمهما كان معنى هذا الوضع المرحلي لأحبابنا، نريد الاستمرار متحدين بهم في المحبة فهذا معنى الصلاة من أجل الموتى.
اين يذكر الكتاب المقدس المطهر؟
سفر صموئيل الثاني 12: 13 – 18، فقال داوود لناثان: «قد أخطأت إلى الرب». فقال ناثان لداود: «الرب أيضا قد نقل عنك خطيتك. لا تموت. غير أنه من أجل أنك قد جعلت بهذا الأمر أعداء الرب يشمتون، فالابن المولود لك يموت». فموض الصبي… “وكان في اليوم السابع أن الولد مات”. المبدأ الكاثوليكي الأول المستند الى الكتاب: هناك عقابٌ على الخطيئة حتى بعد ان يُصفح للمرء.
سفر الرؤيا 21: 27، ” ولن يدخلها شيء دنس” أورشليم الجديدة – الملكوت – المبدأ الكاثوليكي الثاني المستند الى الكتاب – لا شيء قد دنسته الخطيئة يدخل الملكوت.
متى 5: 48، ” فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل.” ويرتبط ذلك بالمبدأ الثاني – لن يدخل الملكوت شيء نجس.
رسالة القديس بولس الى العبرانيين 12: 22 – 23، ” بل قد أتيتم إلى جبل صهيون، وإلى مدينة الله الحي، أورشليم السماوية… وإلى الله ديان الجميع، وإلى أرواح أبرار مكملين…” المبدأ الكاثوليكي الثالث المستند الى الكتاب: هناك مسار، عملية تصبح من خلالها أرواح الأبرار كاملة.
الرسالة الأولى الى أهل كورنثوس 3: 13 – 15، “…. فعمل كل واحد سيصير ظاهرا لأن اليوم سيبينه. لأنه بنار يستعلن، وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو. إن بقي عمل أحد قد بناه عليه فسيأخذ أجرة. إن احترق عمل أحد فسيخسر، وأما هو فسيخلص، ولكن كما بنار.” فأين هو ذاك المكان الذي يعاني فيه المرء بعد مماته الخسارة من خلال النار إلا أنه يخلص على الرغم من ذلك. الجحيم؟ كلا، فان دخلت الجحيم، لا تخرج منه. الملكوت؟ كلا، لا تعاني الخسارة في الملكوت.
متى 12: 32، ” ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له، لا في هذا العالم ولا في الآتي.” ويعني ذلك المغفرة في العالم الآتي. فإلى أين تتوجه للحصول على المغفرة في العالم الآتي؟ الملكوت؟ لا تحتاج الى المغفرة هناك! جهنم؟ ما من مغفرة هناك! المبدأ الكاثوليكي الرابع المستند الى الكتاب– هناك مكان أو حالة وجود أخرى تُضاف الى الملكوت وجهنم.
فلنلخص المبادئ الأربعة: هناك عقاب على الخطيئة حتى بعد ان يُغفر للمرء. علينا أن نكون كاملين كما أن أبانا كامل لأن ما من شيء دنس سيدخل الملكوت وهناك طريق أو مسار قد تصبح من خلاله الأرواح كاملة وهناك مكان الى جانب الملكوت أو جهنم حيث يُعاني المرء الخسارة إلا أنه يخلص أيضاً لكن فقط من خلال النار وحيث قد تُغفر له خطاياه التي اقترفها في عالمٍ سابق. ونصل بذلك الى خلاصة واضحة مفادها ان التعاليم الكاثوليكية حول المطهر مستندة بالفعل الى الكتابات المقدسة.
أليتيا