سألت عنه في ساحات بشرّي البيضاء قالوا لي إنّه في غابة الارز : هيكل الآلهة…رحتُ راكضاً إليه… كان جبران هناك… كان جبران جالساً على تراب رائحته بخور يسنُدُ ظهره على حائط كنيسة الرب. سألتُه: أيها النبي الثائر وأجنحتك متكسرة من هو يسوع؟
نظر جبران الى أغصان الأرز ورعَدَ: ” كان يعيشُ حرّا لا يعرف الواجب كطيور السماء، لذلك أنزَلهُ الصيادون بسهامهم الى الارض.”
ثم خطف الضباب جبران وتركني وحيدا تحت أفياء الارز المحترق
في الغد ذهبت الى قرية عين كفاع. أطرق الابواب الخشبية الملوّنة العتيقة أسألُ عن مارون عبود. أخبرتني عجوز قديمة وفي يدها قنديل الزمن: إنّه في مروج الزهر يبحث عن المعنى… قادَني العطرُ إليه… كان يتكئُ على العشب الاخضر ويبتسم للملائكة، فسألته: اخبرني أيها “الامير الاحمر” عن السنديانة؟
قال: ” أيتها الناسكة الأزليّة، يا بنت الغابة، كيف عشت وحيدة كل هذا العمر؟ يا طويلة العمر، السلام عليك…يا ناسكة الدهر، أحسن الله جزاءك والأجر”. ثم أمسكت الجذور مارون وسرقته …وتركني وحيداً في سهول سوداء….
في الغد رحتُ أبحثُ عن مخائيل نعيمه… سيد ” الأكابر” قال لي طفلٌ أنّه يشربُ من نبع الصقيع في أسفل الجبل…فقصدته … سألتَه أن يخبرني عن الانسان. فقال: “ما أكثر الناس وما أندر الانسان” وابتلعه النبع وتركني وحيدا عطشانا في جبال مهجورة…
وحدّهم الشعراء يملكون الحقيقة، لأن الحقيقة لا تُلمس…وحدَهم ذاقوا طعم الالوهة وسكبوها على اوراق خائنة…وحدهم يتكلمون لغتها… وحدهم كانوا عند مولدها… إنهم عرّابو الحقيقة…أحرار… أليست صلواتنا ممزوجة بالشعر والنثر؟ أليست تراتيلنا ممسوحة بالشعر؟ وحدَه الشعر يخاطب لاهوت الوجود.
لندخل عالم الأدباء والشعراء فهناك مسرح الله.
أليتيا