كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
أسهل الأمور في لبنان هو أن تعلن الأطراف السياسية عن انتصاراتٍ في مختلف المجالات، وأبرز جهةٍ بارعةٍ في ذلك هي قوى محور الممانعة التي لا تعترف في قاموسها بالهزيمة أو الخسارة، فالإنتصارات متواصلة ولا حدود لها.
المفارقة في انتصارات هذا الفريق أنّها لا تحقق الهدف المنشود، فالإنتصارات العسكرية لم تؤدِ إلى زوال إسرائيل، والإنتصارات السياسية وآخرها الجلسة الإنتخابية لم تؤد إلى قيام دولة في لبنان بل دمرتها ولم تؤد لوصول مرشح هذه القوى إلى قصر بعبدا.
ففي الحديث عن «الانتصارات الداخلية» إذا صحّ التعبير، فهي لم تحصل إلا بعد معاناة سياسية وأمنية عاشها اللبنانيون، وهذا ما حصل في 7 أيار من العام 2008 الذي كان نتيجة توترٍ سياسي ورفض هذا المحور استمرار بقاء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، ولم يكن إسقاطها بالوسائل الديمقراطية والدستورية ممكناً فأسقطت وقتها بالقوة مع رئاسة الجمهورية التي عانت من الشغور قبل أن يأتي اتفاق الدوحة بالعماد ميشال سليمان رئيساً، وقد وصف كل ذلك باليوم المجيد.
انتصار آخر حصل في العام 2011 عندما أُسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري وهو في واشنطن عند باب البيت الأبيض وتشكلت حكومة سبقها انتشار لعناصر ترتدي القمصان السود في مؤشر لما كان يفترض أن تكون عليه الحكومة، وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور وهكذا كان.
في العام 2016 وصل مرشح الممانعة العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، بعد شغورٍ في موقع رئاسة الجمهورية إستمر سنتين ونصف السنة، وصل بتسوية مع سعد الحريري وتفاهم مع سمير جعجع، فالرجلان اختارا أهون الشرين وفضّلا أن يكون عون في موقع رئاسة الجمهورية على أن يبقى الفراغ فربما كانت الأمور ستتغير.
اليوم ترغب قوى هذا المحور في أن تحقق انتصاراً جديداً من انتصاراتها وهذا في السياسة حق لها، فإن كانت قادرة على إيصال مرشحها إلى بعبدا في شكل ديمقراطي فلا يحق لأحدٍ الإعتراض. ولكن وللعلم ففي الوسائل الديمقراطية لا وجود لتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية تحت عنوان أنّ التعطيل يجيزه الدستور، والخطير في هذه المسألة أنّ هذه الثقافة التعطيلية تمكن محور الممانعة من جعلها قاعدة وهي رأس الشواذ، ونقل العدوى إلى قوى تحترم الدستور وتعتبره وسيلةً للبناء والاستقرار وليس للهدم والتوتر، ولكن هؤلاء لم يجدوا سبيلاً سوى مواجهة هذا المحور بسلاحه.
في المفهوم المنطقي يفترض أن تؤدي الانتصارات إلى تحسين أوضاع المنتصرين وأوضاع بيئتهم وبلادهم وأحوالهم، فهل أدّت الانتصارات المتتالية إلى هذا التحسّن؟ إسألوا المنتصرين.