أطلقت المرحلة التنفيذية لتطوير منهج مادتي التربية الوطنية والتنشئة المدنية والفلسفة والحضارات، في سياق مشروع الاستراتيجية الوطنية للتربية على المواطنة والعيش معا الذي تنفذه مؤسسة “أديان”، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء، وبدعم من السفارة البريطانية في لبنان.
رحب منسق المشروع في المركز التربوي جوزف يونس بالحضور، وهنأ الخبراء على اختيارهم لهذه المهمة، ثم قدم آليات العمل المطلوبة والنتائج المتوقعة ضمن عملية تطوير المناهج المتكاملة التي أصبحت في طريقها إلى التنفيذ.
وألقى رئيس مؤسسة “أديان” البروفسور فادي ضو كلمة أكد فيها “أهمية هذه اللحظة التاريخية التي تدخل العملية التربوية في لبنان في مسار جديد، في زمن يراهن فيه الجميع على المستوى الإقليمي والعالمي، على دور التربية في تعزيز مناعة المجتمعات في مواجهة التحديات الراهنة”.
وأشار ضو إلى أن “العملية التربوية بأهدافها ومضامينها ترتبط جذريا بالسياق الزمني والثقافي الذي توضع فيه، لذلك أصبحت هذه الخطوة ملحة لتطوير المناهج التي وضعت في تسعينيات القرن الماضي لتأتي موائمة لواقعنا الحاضر. وما أكثر المراهنين على التربية لتكون المنقذ الرئيسي من هذا الانزلاق الحاصل في منطقتنا نحو التطرف والعنف والتشنج الطائفي والمذهبي، الذي يؤدي بالإضافة إلى الصراعات المسلحة، إلى ما يشبه تفكك المجتمعات وتراجع ثقة الأفراد بأوطانهم وبدورهم المواطني”.
وعن المخاطر التي تواجه العملية التربوية المرتبطة بمسألة المواطنة والفلسفة والحضارات، قال ضو إنها “تتمثل في ثلاثة مخاطر رئيسية: التطرف والطائفية التي تضعف وعي الفرد وقدرته على التفكير النقدي والحر وعلى بناء علاقات سليمة مع الآخرين من ناحية، واختلال علاقة المواطن بوطنه، وتراجع ثقته بقدرته على التغيير وثقته بالمستقبل من ناحية أخرى”.
وأكد ضو أن “لبنان لا يزال يتمتع بالكفاءات العالية الممثلة بالخبراء المشاركين في هذه الورشة لتقديم الأفضل تربويا لأبنائنا وأجيالنا الصاعدة”.
وأضاف: “التربية على العيش معا في سياق المواطنة تحمل رسالة إخراج العيش المشترك من دائرة الشعار إلى مساحة الحيز العام، مساحة للتلاقي وحمل المسؤولية المشتركة بين جميع اللبنانيين”.
وختم ضو بأن “هذه المبادرة تعطي بصيص أمل للمواطنين وخصوصا للتربويين، بحيث تؤكد قدرة لبنان على التجدد والتطوير وحتى الإبداع، وعلى أن يكون نموذجا يحتذى من الدول الأخرى”، موضحا أن “مفهوم المواطنة الحاضنة للتنوع الثقافي والديني الذي تم تطويره في سياق هذا المشروع، تبنته أكثر من مؤسسة عربية، وهو اليوم يشكل مادة للحوار ضمن حملة لتجديد المناهج التربوية في العراق”.
ثم كانت كلمة لرئيسة المركز التربوي ندى عويجان قالت فيها: “بالتربية نبني معا، هو شعار المركز التربوي الذي يؤمن بأن التربية هي السلاح الأقوى الذي يجب أن نتملك وأن نعمل على أساسه. وعبارة “معا” التي ترمز الى مفهوم الشراكة هي من أهم الأهداف التي أسعى الى تحقيقها منذ تسلمي رئاسة المركز التربوي”.
وأضافت: “أنا أفتخر بتحقيق الشراكة مع مؤسسة أديان، كما مع القطاعين العام والخاص، فمهوم الشراكة أساسي في عملية تطوير المناهج التربوية الوطنية، ومن خلال هذا التنوع في الشراكة سنستطيع تلبية حاجات القطاع التربوي في لبنان وإيصال هذه المناهج إلى الجميع. أنا والمركز والقطاع التربوي والوطن نحمل أملا كبيرا بهذه اللجان التي تعمل على تعديل المناهج. وشهد المركز التربوي على أكثر من 500 مقابلة لاختيار اللجان لتطوير مناهج المواد كافة، والتي سينطلق عملها ابتداء من هذا الأسبوع”.
وفي الختام شددت عويجان على أنه “آن الآوان لنتطلع إلى حاجات المتعلم وحاجات المجتمع والعالم ككل، وأن يكون لدينا مناهج تلبي طموحات كبيرة ذات صبغة عالمية يفتخر بها لبنان. فعملنا لا يقف عند تعديل المناهج بل نطمح إلى تعديل الكتب أيضا وصولا إلى الكتاب الرقمي حتى تكون التكنولوجيا في خدمة التعليم”.
بعدها انطلقت ورشة العمل التي تضمنت عرضا لتقنيات وضع المناهج من قبل الدكتور هاشم عواضة، وعرضا آخر عن بناء المنهج عبر المقاربة بالكفايات التي تبناها المركز التربوي للمناهج الجديدة من قبل الدكتور حسان قبيسي. كما كانت حلقات متخصصة لكل مادة تم فيها عرض الدراسات التمهيدية التي وضعت للتحضير للمنهج الجديد في مادة التربية الوطنية وشملت التقرير التوثيقي عن الدراسات السابقة في هذا المجال من قبل الدكتور أنطوان طعمه، والدراسة الميدانية التي شملت التلامذة والمعلمين والأهل من قبل الدكتورة سوزان أبو رجيلي، ودراسة مقارنة للمنهج اللبناني مع مناهج أخرى من مثل فرنسا والولايات المتحدة وسويسرا والهند وإيرلبدا الشمالية من قبل الدكتورة وديعة خوري، ثم قدم الدكتور محمد فاعور الإطار المفاهيمي للتربية على المواطنة.
أما على صعيد مادة الفلسفة والحضارات، فقد اطلعت اللجنة من الدكتور جوزف معلوف على العمل المنجز في تطوير المادة للسنة الثانية من المرحلة الثانوية مع المقاربة الجديدة التي وضعت المسألة الحضارية في منظار فلسفي، يهيئ الطالب لربط المسائل الفلسفية بالواقع المعاش.
وطنية