تم اكتشاف قبر الشهيد استفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء، غرب مدينة “رام الله” ضمن كنيسة أثرية من العصور المبكرة ويقوم الآن معهد الآثار بجامعة القدس بتجهيز ومسح الموضع ليكون مزارًا سياحيًا عالميًا . كذلك يقوم بعض الرحّالة الذين جابوا الأراضي المقدسة لتحقيق الإنجيل على المواقع الجغرافية بالتوثيق الجيولوجي مع علماء الآثار Archeology وعلماء الكرونولوجيا “علم قياس الزمن” Chronology .
وتأتي أهمية هذا الكشف الأثري انطلاقًا من المكانة التي يحظى بها القديس استفانوس الشماس الأول بين السبعة شمامسة (أع ٦ : ٨) والذي كان مملوءًا من الإيمان والقوة؛ وصنع العجائب والآيات العظيمة، متكلمًا بحكمة وروح لا تقاوم … حَمَلاً وديعًا متقدمًا في القطيع؛ ومحاربًا بين الذئاب، لا ظفر له ولا أنياب. سائرًا في ظل القدير على درب الصليب، لكنه ما بقي إلا اليسير حتي وقت ضياء وجه كملاك منير، عندما عَوَتْ حوله الذئاب ونهشته بالحجارة؛ ورجمه أعداء الانتقام، فيما هو شاهد للحق وبريء من الغش والظلم، وقد تذلل كسيِّده ولم يفتح فاه.
شَخَصَ إلى السماء ورأى مجد الله ويسوع قائمًا عن يمين العظمة، فغطته أشعة المجد الأسنى، لا كبرقع موسى النبي في القديم بل معلنا ببهاء للجميع؛ قائلاً لكلام المسيح وشهادته، حتى قتلوه للتوّ؛ وهم ناظرين إلى لمعان وجهه الذي أضاء كملاك في نور ذوكصولوجية التمجيد والسجود… عندها رآه الحاضرون جميعًا، وهو جاثيًا على ركبتيه ناظرًا للسموات المفتوحة وابن الإنسان قائمًا عن اليمين، بينما هم حنقوا عليه بقلوبهم وصروا بأسنانهم وهجموا عليه ورجموه بنفس واحدة. لذا صرخ بصوت عظيم “أيها الرب يسوع اقبل روحي إليك.. ولا تُقِمْ لهم هذه الخطية” ثم سلم الروح ورقد بابتهاج أبدي.
إن أصالة هذا الأثر التاريخي لا تعني مجرد أحداث الماضي فقط؛ إنما تعني الإبداع لحسن إدراك شهادة الدفاع الإنجيلية حتى الدم، واكتشاف العلاقة بينها وبين الواقع الحاضر وإثرائه، ذلك هو المحك الذي به ننظر إلى رؤية خصوبة الموضع، كي نغوص في رحيق بشارة وقوة شهادة كنيسة أعمال الرسل الأولى، التي تتعانق فيها بدايات الكرازة حميميًا؛ في تبادلية انصهارية بين الإنسان والمكان والأحداث. لتستدعي هذه المواضع أزمنة المسيحية الأولى، فتكون حاضرة تكلم العالم كله من فوق أعلى السموات، عبر أرض فلسطين الببيلية “نسبة إلى ببيليا وهي الكتاب المقدس” ذلك الاسم المشتق من العبرية “فلشتا أو أرض فلشتيم” أي (أرض الفلسطييين).
إن ملامح الطرق والبنايات واللوحات والنقوش والدلالات والألوان والتاريخ والحجارة تتكلم هناك ، ممتزجة بالبخور المتصاعد من مجمرة الذكريات وعطر دم الشهادة؛ حيث تنطق الآثار بشهادة الكنيسة في العالم كمنظومة إلهية / إنسانية The Anthropicليست مفصولة عن العالم لكنها أيضًا ليست منه، فيكون كل اكتشاف أثري أركيولوجي، كمنبر لموقع لاهوتي يتكلم فيه روح الله عن حياة مخلص العالم الذي أتى إلى أرضنا لينجي الذين جبلهم بيديه الطاهرتين اللتين بلا عيب ولا دنس الطوباويتين المحيتين.
كذلك تنطق الأرض بجهاد الذين حملوا صليبهم وتبعوا مخلصهم؛ حتى يكمل فيهم المعنى والمشهد الكامل والنهائي عند نهاية التاريخ، حالما تتسجل مساهمة كل جيل في الشهادة لاسمه، من صفحة إلى صفحة؛ لتتجلى صورة المسيح مرسومة بأعمال شهدائه وخائفيه، وتبرز صورة الكنيسة كانطباق المثيل إلى المثيل في يوم الابتهاج .
لا شك أن لهذا الأثر شأن كبير؛ يشهد لبكور المسيحية الأولى؛ ناطقًا بما شاهده من برهان لحضور نور مجد السموات على الأرض، وإعلان أرقى دفاع إنجيلي لشهادة توثقت بالآلام؛ وتتحرك مع الزمان؛ خلوًا من كل زمان ومكان، متقدمة نحو ما هو فوق.
الرئيسية | أخبار الكنيسة | إكْتِشَافٌ أَثَرِيٌّ لِمَوْضِعِ دَفْنِ الشَّهِيدِ اسْتِفَانُوسَ بقلم القمص أثناسيوس چورچ
الوسوم :إكْتِشَافٌ أَثَرِيٌّ لِمَوْضِعِ دَفْنِ الشَّهِيدِ اسْتِفَانُوسَ بقلم القمص أثناسيوس چورچ