«لا وزارة للإعلام». هكذا أعلنها رئيس الحكومة المصري إبراهيم محلب، مُنهياً الجدل الذي استمر أياماً حول مصير هذه الوزارة في الحكومة، ومشكّلاً «المجلس الوطني للإعلام» لإدارة شؤون التلفزيون الرسمي. إذاً، لم يعد «ماسبيرو» تحت إدارة وزير. هذه المرة التزم محلب بالدستور، وألغى وزارة الاعلام، وأسّس مجلساً وطنياً لتنظيم عمل الصحافة واﻹعلام كما نصّ عليه دستور كانون الثاني (يناير) الماضي.
حتى الآن، لا تبدو صيغة المجلس واضحة. المؤكد أنّ درية شرف الدين أصبحت آخر مَن تسلّم وزارة الإعلام في تاريخ مصر الحديث. هذه الوزارة التي دُشِّنت بعد «ثورة 1952» تحت اسم «وزارة الإرشاد القومي» قبل أن يخرج الثوار في «25 يناير» للمطالبة بإلغائها، على اعتبار أنّه لا ينبغي على الدولة التحكّم في وسائل الإعلام القومية التي يتم الإنفاق عليها من أموال الضرائب وميزانية الدولة. رئيس الحكومة لم يحدد صيغة المجلس وطريقة اختيار أعضائه، لكن يتوقع أن تكون الاسماء المرشحة مثاراً للجدل، خصوصاً مع غياب القانون المنظم لعمله. التلفزيون الرسمي الذي يعتبره كثيرون منحازاً إلى الدولة في أخباره وتغطياته، تولى متابعة الانتخابات الرئاسية الأخيرة بطريقة اعتبرها الخبراء محايدة بدرجة كبيرة. إلا أنّه يعاني من مشاكل متعددة، أبرزها العدد الكبير في العاملين، وأجورهم التي تصل إلى 700 مليون دولار تقريباً والمديونية التي تتجاوز 3 مليارات دولار، فضلاً عن الخسائر في إنتاج البرامج والعائد الإعلاني الضعيف على مختلف شاشاته. ورغم أنّ إلغاء وزارة الاعلام كان منصوصاً عليه في دستور 2013، كان قرار إلغائها يؤجّل بسبب الظروف السياسية وصعوبة اختيار شخصيات إعلامية يمكن إسناد المهمة إليها، في ظل سعي الأنظمة المتعاقبة إلى فرض توجّهها على التلفزيون الرسمي.
كانت «الإعلام» من أولى الوزارات التي سيطرت عليها جماعة الإخوان وأسندتها إلى صلاح عبد المقصود الهارب من قضايا فساد عدة. واستخدم حسني مبارك الوزارة لتوجيه المواطنين في «25 يناير» وبث أخبار خاطئة عمّا يحدث في الشوارع. أيضاً، لم يحسم رئيس الحكومة اسم الشخصية التي ستتولى إدارة المجلس، بينما تميل الكفة إلى رئيس التلفزيون عصام الأمير، على أن يتسلّم المجلس مؤقتاً. ووفقاً للمقترحات التي ناقشتها لجنة إعداد الدستور، فإّن مهمات «المجلس الوطني للإعلام» ستكون إدارة التلفزيون وخلق إعلام مهني محايد بعيد عن الانحياز إلى الدولة، ويسعى إلى تغطية نفقاته والتعامل وفقاً لمعايير السوق الاعلامية من دون التقيد بتوجهات الدولة السياسية، ويقف على مسافة واحدة من الاطراف كافة. صحيح أنّ إلغاء الوزارة كان مطلباً لـ«ثورة 25 يناير»، إلا أنّ أسئلة تُطرح في هذا الإطار: هل ينجح المجلس في تغيير سياسات التلفزيون الراسخة منذ 50 عاماً في الإشادة بمواقف الرئيس؟ هل يمكن أن نشاهد باسم يوسف على تلفزيون الدولة أم أنّ الحرية الاعلامية حلم بعيد المنال في مصر اليوم؟
أحمد جمال الدين / الأخبار