انجيل القدّيس متى 17 / 9 – 13
فيمَا (يسوع وبطرس ويعقوب ويوحنّا) نَازِلُونَ مِنَ الجَبَلِ، حيثُ تَجَلَّى يَسُوعُ، أَوْصَى يَسُوعُ تلامِيذَهُ قَائِلاً: «لا تُخْبِرُوا أَحَدًا بِهذِهِ الرُّؤْيَا إِلى أَنْ يَكُونَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات».فَسَأَلَهُ التَّلامِيذُ قَائِلِين: «إِذًا لِمَاذَا يَقُولُ الكَتَبَةُ إِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ إِيلِيَّا أَوَّلاً؟».فَأَجَابَ وقَال: «أَجَلْ، إِنَّ إِيلِيَّا آتٍ، وَسَيُصْلِحُ كُلَّ شَيء. وأَقُولُ لَكُم: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ أَتَى، ولَمْ يَعْرِفُوه، بَلْ فَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا شَاؤُوا. وكَذلِكَ ٱبْنُ الإِنسَانِ مُزْمِعٌ أَنْ يَتَأَلَّمَ على أَيدِيهِم”. حينَئِذٍ فَهِمَ التَّلامِيذُ أَنَّهُ حَدَّثَهُم عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان.
التأمل: “وكَذلِكَ ٱبْنُ الإِنسَانِ مُزْمِعٌ أَنْ يَتَأَلَّمَ على أَيدِيهِم…”
” مريضة كانت طبيعتنا تطلب الشفاء، وساقطة،تطلب أن تقال عثرتها، وميتة تسعى أن تبعث حية. كنا فقدنا امتلاك الخير، فكان لا بد من اعادته الينا. وكنا غارقين في الظلمات فكان لا بد من رفعنا الى النور، وكنا أسرى ننتظر مخلصًا، وسجناء ننتظر عونًا ، وعبيدًا ننتظر محررًا. هل كانت هذه الدواعي بدون أهمية ؟ ألم تكن تستحق أن تحرك عطف الله الى حد أن تنزله حتى طبيعتنا البشرية فيعودها، اذ أن البشرية كانت في حالة بائسة جدا وتعسة جدا؟” ( غريغوريوس النيصي، ٣٥٥-٣٩٤ ).
لكن البؤس والتعاسة لا يزالان واقعان في كل الارض، والبشرية لا زالت غارقة في الظّلمات، تنتظر انبثاق النور، فهل كان التجسد عملا في الفراغ؟ ورحمة الله التي تجلت في ولادة يسوع لا معنى لها ولم تفعل فعلها؟ هل فشل اله الرحمة أمام آلهة الظلم والتسلط واستعباد النفوس واذلالها وقتلها؟
طبعا لا، ان الله لا زال يعمل، ويشفي الكثير من الجراح، ويعالج الكثير من الأمراض، ويلهم عقول الكثيرين، وفي قلب المحن والتجارب تظهر أعمال الرحمة بأبهى تجلياتها.
حبذا لو كل منا بدوره يعمل في مجاله ومركزه وموضعه ليكون هذا العالم أفضل وأكثر انسانية..
نهار مبارك
أليتيا