إنجيل القدّيس لوقا ١٠ / ١ – ٧
“بَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ ٱلرَّبُّ ٱثْنَينِ وَسَبْعِينَ آخَرِين، وَأَرْسَلَهُمُ ٱثْنَيْنِ ٱثْنَيْنِ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلى كُلِّ مَدِينَةٍ وَمَوْضِعٍ كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَذْهَبَ إِلَيه.
وَقالَ لَهُم: «إِنَّ ٱلحِصَادَ كَثِير، أَمَّا ٱلفَعَلةُ فَقَلِيلُون. أُطْلُبُوا إِذًا مِنْ رَبِّ ٱلحِصَادِ أَنْ يُخْرِجَ فَعَلةً إِلى حِصَادِهِ.
إِذْهَبُوا. هَا إِنِّي أُرْسِلُكُم كَالحُمْلانِ بَيْنَ الذِّئَاب.
لا تَحْمِلُوا كِيسًا، وَلا زَادًا، وَلا حِذَاءً، وَلا تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ في الطَّرِيق.
وأَيَّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوه، قُولُوا أَوَّلاً: أَلسَّلامُ لِهذَا البَيْت.
فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ ٱبْنُ سَلامٍ فَسَلامُكُم يَسْتَقِرُّ عَلَيه، وَإِلاَّ فَيَرْجِعُ إِلَيْكُم.
وَأَقيمُوا في ذلِكَ البَيْتِ تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مِمَّا عِنْدَهُم، لأَنَّ الفَاعِلَ يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ. وَلا تَنْتَقِلوا مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْت.”
التأمل: “إِنَّ ٱلحِصَادَ كَثِير، أَمَّا ٱلفَعَلةُ فَقَلِيلُون..”
كل “فاعل” في حقل الرب هو شريك وليس أجيراً. الشريك لا يأخذ أجراً بل ربحاً. لا يعمل لديه بل معه. لا ينتظر أن يدفع له بل يدفع معه.لا يعمل مقابل المال بل حباً بالعمل وبالحقل. لا يحتسب الربح والخسارة فهو بكل الأحوال يعمل. وبكل الظروف يربح.
كل ذلك اختبرته مع والدي، المزارع، الذي يستشيط غضباً اذا قلت له: “لقد تعبتَ كثيراً حان وقت الراحة”.. يغضب لأن الراحة بالنسبة له هي الاستقالة، والاستقالة هي موتٌ له ولثمار الحقل. وإذا سألته عن نتيجة العمل والمردود المتواضع!!! أيضاً يغضب، لأن الحقل أصبح منه وفيه… حياته ومماته… فرحه وسعادته.. ربحه الدائم الذي لا يعرف الخسارة.. يقيس الربح والخسارة حسب مقياس الحب.. الذي هو عطاء دائم وبذلٌ مستمرٌ للذات لا ينقطع..
لا أحد يهتم بالزرع أكثر من الزارع. ولا بالحصاد أكثر من صاحب الحقل. فلماذا لا يُرسل الرب فعلة لحصاده من تلقاء نفسه؟ لأنه يريد أن يشركنا في مشروعه. يريد أن نتواصل معه، أن نبقى في “وجهه” وبالقرب منه، فنحن أحباء قلبه.
يدعونا الرب لتبني قضية الحصاد. أي أن نصبح مثله أصحاب الحقل. أن نشترك معه في الملكية. لقد أصبحنا شركاءه منذ ذبيحة الصليب نساهم بنِسَب متفاوتة، كلٌ حسب قدرته وموهبته، في الحصاد.
الحقل الذي نضج ، بحاجة الى من يهتم به. الحقل الذي يرمز الى العالم بحاجة الى يسوع والى فعلة يعملون مثله، يحققون معه آمال الناس وانتظاراتهم.
حقل الرب هو حقلك وحصاده حصادك وثماره ثمارك، أنت المالك معه والفاعل لديه…
أرسل لنا يا رب فعلةً لا موظفين، رسلاً لا أمراء، تلاميذ حبٍ لا قضاة تفتيش، آباءً أتقياء لا ملافنة أصحاب شهادات وامتيازات، شهداء وقت الشدة يفدون الكرم والثمار بدمائهم لا غرباء يبيعون الناس كلاماً معسولاً على المنابر ويتنكرون لسيد الكرم حين تأتي الساعة…
أرسل لنا يا رب فعلةً حملاناً بين الذئاب، يحولون الذئاب حملاناً لا ذئاباً بأثواب حملان يحولون الحملان ذئاباً…
أرسل لنا يا رب فعلةً يحملون أكياساً لجمع الثمار، وتوزيع الخيرات على محتاجيها، لا حملة أكياس لتكديس الثروات من محتاجيها وهدرها على موائد المنتفعين وفِي خفايا الحسابات السوداء وتبييض الوجوه الزائفة والزائلة…
أرسل لنا يا رب فعلةً لا يقيمون وزناً لأي زاد باطل، لا يهتمون سوى لزادك النازل من السماء الذي يأكل منه الاباعد والأقارب فيحيون ولا يموتون…
أرسل لنا يا رب فعلةً حفاة يمشون على دروب الفقراء، يشعرون بأوجاعهم بعد طول معاناة، يسيرون بأقدامهم العارية دروب الاطفال والرضع الذين قبض عليهم تجار البشر فتاجروا بأجسادهم النحيلة وبطونهم الفارغة لإشباع نزواتهم التي لا تشبع…
أنظر يا رب إلى كرمك تأمل في الحصاد، لقد حان وقته ولا يحتمل تأخيراً وإلا ضاع هدراً في الارض، ها إني أتوسل إليك يا رب الحصاد أن ترسل فعلة متمرسين على العمل بجد وجهد منذ الصباح حتى المساء، محتملين ثقل النهار من تعب العمل وشدة الحر، يجمعون الثمار في الوقت المناسب، دون أي تأخير، لئلا تفسد أو تُسرق أو تحرق…آمين
اليتيا