انجيل القدّيس متّى ٥ / ١٧ – ٢٠
قالَ الربُّ يَسوع: «لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُبْطِلَ التَّوْرَاةَ أَوِ الأَنْبِياء. مَا جِئْتُ لأُبْطِل، بَلْ لأُكَمِّل.فَالحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ والأَرض، لَنْ يَزُولَ مِنَ التَّوْرَاةِ يَاءٌ أَو نُقْطَة، حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيء.مَنْ أَبْطَلَ واحِدَةً مِنْ تِلْكَ الوَصَايا الصُّغْرى، وعَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يَفْعَلُوا هكَذا، يُدْعَى الأَصْغَرَ في مَلَكُوتِ السَّمَاوات. وأَمَّا مَنْ يَعْمَلُ بِهَا ويُعَلِّمُها فهُوَ يُدْعى كَبِيرًا في مَلَكُوتِ السَّمَاوات.فَإِنِّي أَقُولُ لَكُم: إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُم على بِرِّ الكَتَبَةِ والفَرِّيسيِّين، فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوات.
التأمل: “إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُم على بِرِّ الكَتَبَةِ والفَرِّيسيِّين… فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوات…”
في كل مرة يُفتح باب النقاش والحوار الجاد حول الزواج المدني في لبنان تقوم الدنيا ولا تقعد بين مؤيد ومعارض، والأمر المستغرب تلك الانتقادات والسهام الجارحة من أبناء الكنيسة للزواج المسيحي.. لست هنا في وارد الدفاع أو الانتقاد بل التأمل والصلاة..
هل نعلم أن الزواج هو سرّ من أسرار الكنيسة السبعة؟ والسر يعني أن عمل الله وعمل الإنسان يلتقيان لخير الإنسان وسعادته.
واذا تخلى المؤمن عن سر من أسرار الكنيسة فهو يتخلى عن الاسرار كلها. فالزواج يساوي بقية الاسرار من حيث الاهمية، فاذا تخلى المؤمن عن سر الزواج كأنه تخلى عن سر المعمودية أو الافخارستيا…
هل نعلم أن جوهر الزواج المسيحي هو عهدُ بين شخصين ناضجين جسديا وفكريا ونفسيا وروحيا، وشتّان ما بين العهد والعقد؟!!
هل نعلم أن الزوجين في المسيحية هما خادمي سر الزواج وليس أحد سواهما؟!!
هل نعلم أن العهد يساوي بين الرجل والمرأة في المجد والكرامة والحقوق والواجبات؟!!
هل نعلم أن الحب في المسيحية مقدس يصل حتى بذل النفس في سبيل الأحباء؟!!
هل نعلم أن ركائز الزواج المسيحي هي الأمانة والوحدة والديمومة؟!!
هل المشكلة هي في الزواج المسيحي؟ أظن أن المشكلة هي في النفوس.. من لا يحترم مبادىء الزواج المسيحي يريد أن يغيره، من يريد الزواج ليطلق فيما بعد، من لا يؤمن بوحدانية الزواج يشرع لنفسه الخيانة الزوجية، من لا يستطيع الثبات والصبر والبذل والعطاء في الحب والتفاني في التربية يريد أن يغير الى نظام أسهل يستطيع الهروب منه ساعة يشاء… من لا يؤمن بالحياة يشرع ثقافة الموت!!!
من يتزوج خارج الكنيسة يكون خارج الكنيسة ونقطة عالسطر. الكنيسة تحترم حرية الشخص البشري ولا تجبر أحداً على الإيمان بعقيدتها ولكنها لا تقبل أن يُمس هذا الإيمان لأنه الأسمى والاكمل والاقدس وقد اختبر على مر العصور، وعبره الملايين باتجاه القداسة والكمال.
الزواج هو دعوة مقدسة ورسالة سامية اذ يشارك الإنسان الله في الخلق فقَبْلَ أَنْ “تَزُولَ السَّمَاءُ والأَرض، لَنْ يَزُولَ مِنَ التَّوْرَاةِ يَاءٌ أَو نُقْطَة، حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيء”
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح لم يكمّل الناموس في نفسه فحسب، وإنما يكمّله أيضًا فينا، قائلًا: هذا هو العجب ليس أنه هو حقّق الناموس، بل وهبنا نحن أيضًا أن نكون مثله، الأمر الذي أعلنه بولس بقوله: “لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن” (رو 10: 4)
ما أحوجنا الْيَوْمَ إلى الهدوء والتروي في وقت العاصفة…ما أحوجنا الى التفكير والتعقل والابتعاد عن الفعل وردات الفعل الغرائزية… ما أحوجنا إلى اقتلاع الغضب من جذوره والعيش بسلام.
أعطنا ربي نعمة التروي والهدوء في لحظاتنا الحاسمة كي لا نندم فيما بعد. آمين.
نهار مبارك