انجيل القدّيس لوقا ١١ / ٣٣ – ٣٦
قالَ الربُّ يَسوعُ: «لا أَحَدَ يَشْعَلُ سِرَاجًا، وَيَضَعُهُ في مَكانٍ مَخْفِيّ، وَلا تَحْتَ المِكْيَال، بَلْ عَلَى المنَارَة، لِيَرَى الدَّاخِلُونَ النُّور.
سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العَين. عِنْدَمَا تَكُونُ عَيْنُكَ سَلِيمَة، يَكُونُ جَسَدُكَ أَيْضًا كُلُّهُ نَيِّرًا. وَإِنْ كَانَتْ سَقِيمَة، فَجَسَدُكَ أَيْضًا يَكُونُ مُظْلِمًا.
تَنَبَّهْ إِذًا لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذي فِيكَ ظَلامًا.
إِذاً، إِنْ كانَ جَسَدُكَ كَلُّهُ نَيِّرًا، وَلَيْسَ فِيهِ جِزْءٌ مُظْلِم، يِكُونُ كُلُّهُ نَيِّرًا، كَمَا لَوْ أَنَّ السِّراجَ بِضَوئِهِ يُنيرُ لَكَ».
التأمل: تَنَبَّهْ إِذًا… لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذي فِيكَ ظَلامًا…”
كان للسراج “بلّورة” من الزجاج الشفاف تحمي شعلة الفتيل من الهواء كي لا تنطفىء، وتكون واسعة من الأسفل وضيقة من الأعلى كي ينساب النور منها ويكسر ظلام الليل، وكانت سيدة المنزل وبناتها يبزلن جهداً خاصاً كي تبقى “البلّورة” نظيفة… وعندما تزور والدة أحد المرشحين للزواج بيت إحدى الفتيات المرشحات للزواج أيضاً كانت تنتبه إلى نظافة تلك “البلورة” كدليلٍ واضحٍ على نظافة الفتاة… فإذا اتسخت “البلّورة” يخفت نور السراج ويضمحلّ شيئاً فشيئاً حتى يختفي!!!!
اذا كانت العين هي سراج الجسد فهل نحافظ على نظافتها؟ هل نحميها من الصور العنيفة والقبيحة، والمشاهدات الشاذة والبشعة من صور وأفلام تدمر الأخلاق وتحطم الأحلام وتشل فينا روعة الإبداع؟ هل نركز في نظراتنا على جمال الخالق في الخليقة ونكتشف روعة الارض والسماء؟ هل نسعى إلى تضييق “بلّورة” عيوننا من الأعلى لنمنع دخول “الأوساخ” الى الداخل؟ هل نسعى الى توسيع “بلورتنا” من الداخل لتشعّ نور المسيح الى من هم في دائرة إهتمامنا؟!!
يسوع هو نور العالم، هو الشعلة التي تضيء كل ظلام فينا، طلب منا أن تبقى هذه الشعلة مضاءة لتنير من في الارض. هو الذي صارع الشيطان، انتصر عيله دون أن يمسنا بشره، فتح لنا أبواب السماء بقدرته على مغفرة الخطايا، حررنا من قيود التسلط والجوع الى التملك من خلال الطاعة لمشيئة الاب، استخدم العلية للاحتفال بالفصح، لا ليعتلي ممالك زائلة، بل تقدم طائعا مسلما يديه ورجليه للمسامير، سار في المقدمة كالراعي الصالح، واجه الذئاب الخاطفة مضحيا بحياته بدل الاخرين، الذين تباركوا بدمه وأصبحوا بركة معدية للخليقة جمعاء على مر الاجيال.
يسوع بحث عن الخاطئ والمريض، عن المتعثر والتائه، عن الغريب والمنبوذ والمشرد، عن الجائع والمتعطش الى الخير والسلام، عن السالك في الظلمة مشرعا له أبواب الرحمة، غامرا اياه بنوره العجيب، مدافعا ومحاميا عن كل مساكين الارض لا قاضيا ولا ديانا بل مشجعا ومحفزا قائلا :”قم وامش، اذهب وعمد، اطلب تجد، ألق الشباك ثانية، لا أحكم عليك، لكن اذهب ولا تعود للخطيئة ثانية”.
أرادنا أن نكون كنيسة لكل العصور، مبينة على الايمان والرجاء والمحبة، “نارها مشتعلة أبدًا لمن يرتجفون بردًا، وخـبزها حاضر أبدًا لكل جائع، وبابها مشرّع، ونورها مضئ، وسريرها جاهـز للذين يسيرون في عتمة الليل تعـبين, باحثين عـن حقيقة وحب لم يُعط لهم من قبل”.(من كتاب لا أؤمن بهذا الاله).
اليتيا