انجيل يوحنا 16 / 20 – 24
“الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُم ستَبكونَ وتَندُبونَ، وأمَّا العالَمُ فسَيَفرَحُ. ستَحزَنونَ، ولكِنَّ حُزنَكُم يَصيرُ فرَحًا. فالمَرأةُ تَحزَنُ وهيَ تَلِدُ، لأنَّ ساعتَها جاءَت. فإذا وَلَدَت تَنسى أوجاعَها، لِفَرَحِها بِولادَةِ إنسان في العالَمِ. وكذلِكَ أنتُم تَحزَنونَ الآنَ، ولكنِّي سأعودُ فأراكُم، فتَفرَحُ قُلوبُكُم فرَحًا لا يَنتَزِعُهُ مِنكُم أحَدٌ. في ذلِكَ اليومِ لا تَطلُبونَ مِنِّي شَيئًا. الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُم كُلُّ ما تَطلُبونَهُ مِنَ الآبِ باسمي تَنالونَهُ. وما طَلَبتُم شَيئًا باسمي حتى الآنَ. أُطلُبوا تَنالوا، فيكتَمِلَ فرَحُكُم. ”
التأمل: ” ستَحزَنونَ، ولكِنَّ حُزنَكُم يَصيرُ فرَحًا ”
من اختبرت ألم الولادة تعرف حتما فرح الولادة.
هل هناك فرق بين ألم وألم؟ بين فرح وفرح؟
تدرك الام أن أوجاع الولادة لا تحتمل الا اذا اجتاحتها صورة طفل رضيع ينظر اليها بلهف ويلاحقها بنظراته، ويلامس وجهها بيديه الصغيرتين الناعمتين، حينها فقط تستطيع تحمل كل الالم رغبة منها ان ترى تلك الصورة البديعة حقيقة بين يديها.
تدرك الام أن هذا الطفل سيكلفها الكثير من التعب والسهر والرعاية والمتابعة، وهي لا تنتظر منه شيئا، وربما لا يكون مرضيا حسب توقعاتها، رغم ذلك تحبه دون شروط ودون حدود.
تدرك الام أن ولدها لن يعرف الخطأ من الصواب الا من تجاربه الخاصة وأخطائه التي سوف تدمي قلبها ولكنها ستفرح كثيرا عندما تتذكر تلك الهفوات لأنها علمته الكثير.
تدرك الام أنه ليس من السهل عليها أن تفهم ولدها طوال الوقت، وليست قادرة على الاجابة على جميع أسئلته، وستكون مكرسة له متخلية عن أحلامها المهنية، اذا اضطرت، ألامر الذي يؤلمها جدا، لكن ستكون فرحتها كبيرة عندما تؤمن له حياة أفضل.
تدرك الام أنها ستسهر الليالي على طفلها ليشفى من مرض، أو لتهيء له الطعام الشهي، أو لترتب له ثيابه دون تذمر حتى لو كانت تصرفاته معها غير ناضجة، فهي لن تعايره بتضحيتها لاجله ولن تثور غاضبة عليه لانه لا يسمع كلامها، بل ستصبر عليه حتى ينضج مهما تمرد، فهي تؤمن به وتنتظر اليوم الذي سينضج فيه ويكون بمثابة النور لعيونها والفرح لقلبها.
تدرك الام أن ولدها سيأتي يوم ينسى فيه تعبها وسهرها، سينسى طعم طبخها وريحة جسدها الذي ذاب لينمو هو، مفضلا الرفاق والالعاب والاكل خارجا، لكنها تترجى أن يكبر ويكون محبا للاخرين مثلما أحبته صغيرا، هكذا ستبقى صورتها حية في ذاكرته وقلبه الى الابد, وهكذا يكون فرحها كاملا.. باسمك يا رب نطلب أن يكون فرحنا كاملا… آمين.
Aleteia