بحزن عميق هو حزن الابناء على فقد أبيهم، وحزن التلاميذ على فقد معلمهم، يودّع اتحاد “أورا” بجمعياته الأربع: الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة- لبنان، لابورا، اصدقاء الجامعة اللبنانية، نبض الشباب، ايقونة الكنيسة المارونية والوطن اللبناني البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، الذي يغادر هذه الدنيا، بعد ان ادى رسالته كما يؤديها الرسل والرعاة الصالحون، فكان بالنسبة الينا القدوة والمثال الذي الهم اعمالنا الاعلامية والاجتماعية في حقلي الصحافة والعمل الاجتماعي في لابورا وسواها من الجمعيات الرسولية.
بفقدانه نفتقد اليوم وجها من وجوه البطاركة العظام الذين ساروا على طريق يوحنا مارون وارميا العمشيتي وسواهما ممن ارسوا قواعد الوطن الفريد بصيغته التعايشية بين الاوطان، بحيث “لا تطغى فيه اكثرية على اقلية ولا تستبد فيه اقلية باكثرية”، بل يتمتع فيه كل مواطن بما يحق له من كرامة يستمدها من الخالق. فكان له- رحمات الله عليه- من هذا المبدأ راعوية حكيمة وسياسة متوازنة عبّر عنها ودافع بقوة عندما دعته الظروف الى ذلك، بحكم مختلف مسؤولياته التربوية والكهنوتية.
– فكان لنا مثالا في حقل الاعلام والتواصل من خلال رسائله ومواعظه العديدة التي خطها او القاها في مناسبات الافراح او الاحزان ، على مدى سني خدمته الكنسية، سواء بصفته نائبا بطريركيا ثم لاحقا بطريركا وكردينالا، مطوّعا لكلماته لغة جمعت الى البلاغة سهلها الممتنع الذي شهد له بها الكثيرون من أهل الاعلام والقلم.
-وكان لنا امثولة ومثالا في جمعه بين الكلمة والعمل الاجتماعي، من خلال المشاريع الاجتماعية والخيرية التي قام بها او رافقها وحث على انشائها مثل كاريتاس والصندوق الماروني وغيرهما. من وحي هذه المشاريع رأى اتحادنا ان يقرن عمله الاعلامي بالاجتماعي فكانت لنا لابورا واتحاد اورا، وغيرهما من انشطة وبرامج انمائية.
– وكما رأى البطريرك والكاردينال ان العمل الراعوي والاعلامي ينبغي الا يتوقف عند حدود الكلمة الحسنة والموعظة الروحية فحسب، بل ينبغي ان يتكامل بفعل التواصل والتلاقي مع الآخرين، لذلك كانت برامج بكركي ومجلس البطاركة والاساقفة لجهة اللقاءات والمصالحات مع مختلف الشركاء في الوطن، ومن هنا كان لنا في اوسيب لبنان ولابورا امثولة ومثال من اجل توسيع دائرة عملنا الاعلامي والاجتماعي من خلال توسيع اطر التواصل مع مختلف المناطق والبلديات لتثبيت المواطنين في مناطقهم الريفية .
– لقد جمع البطريرك في حياته بين حنان الأب ومحبته لجميع أبنائه وبين حزم الأب وجرأته أمام المواقف والقرارات المصيرية، فقد كان رجل المواقف التي لا تتزعزع تحت اي ضغط او ظرف، ومن هنا قوله الشهير: “لقد قلنا ما قلناه… والضمير لا يتنقل بالبريد السريع والمبادئ لا تعرف صيفا وشتاء تحت سقف واحد…”.
-يمكن وصفه بقول له عن نفسه: “انا بطريرك الموارنة ضمير لبنان وحامل مجده ورسالته. سأنام في العراء، أفترش الأرض وألتحف السماء، وأهرول إلى الله بلا ضجيج. وليسمع العالم، كل العالم، لسنا عابرين في هذا الشرق، نحن قديسوه وصانعو مجده وخزان كرامته”.
– من غبطته، رحمات الله عليه، تعلمنا احد اهم مميزات وطن الرسالة ، كما كان يردد، مع البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وهو بالاضافة الى مبدأ العيش المشترك ، مبدأ الحرية والكرامة الانسانية، الذي اذا خيرنا بينهما، وجب علينا ان نختار الحرية. من وحي هذا الكلام البطريركي والانجيلي كان شعارنا ومبدأ لاهوت تحررنا : “تعرفون الحق والحق يحرركم”.
واخيرا نعاهدك بأن نواصل المسيرة ونبقى ملتزمين بالمبادئ التي استلهمناها من غبطتك حفاظا على لبنان الذي اردته وتريده لكل أبنائه، فإلى دنيا الحق يا ابانا وسيدنا، مار نصرالله بطرس بين ابائنا الابرار والقديسين، مع التمنيات لك بالرحمة نسألك مواصلة السهر على وطننا من السماء.
اتحاد “أورا”
المرصد الاعلامي