شهد الفاتيكان خلال الأيام القليلة الماضية جلسات من الحوار بين الكرسي الرسولي ودولة المكسيك تمحورت حول قضايا مرتبطة بالهجرة. وجاء هذا الحوار بمثابة متابعة للجلسات التي عُقدت بين الطرفين في المكسيك في العام 2014، وعبر في ختامه الممثلون عن الجانبين عن امتنانهم للرسالة التي وجهها إليهم البابا فرنسيس حاثا إياهم على عدم توفير أي جهد كي ترتكز مسؤولية إدارة الهجرة على الصعيد العالمي إلى قيم العدالة والتضامن والرأفة. وذكّر المشاركون في جلسات الحوار بأن البابا فرنسيس سلط الضوء في أكثر من مناسبة على ضرورة الخروج من الذات من أجل اللقاء مع الآخر واستضافته والتعرف عليه والإقرار به. من جانبه أكد وفد الحكومة المكسيكية أن هذا البلد ملتزم في احترام الاتفاق العالمي بشأن الهجرة، كي تكون هذه الهجرة آمنة ومنظمة وشرعية، هذا في وقت عبرت فيه الكنيسة الكاثوليكية في المكسيك عن التزامها لصالح المهاجرين، مسلطة الضوء على الكلمات الأربع التي تمحورت حولها رسالة البابا فرنسيس لمناسبة اليوم العالمي للمهاجر واللاجئ 2018 ألا وهي: ضيافة، حماية، تعزيز واندماج. كما لفتت الكنيسة إلى أنها تعمل بجهد في مجال تعزيز ثقافة اللقاء في المكسيك.
هذا واتفق المشاركون في جلسات الحوار على أهمية السعي إلى فهم ظاهرة الهجرة المعقدة والتي تكمن وراءها مسببات عدة، في طليعتها الصراعات المسلحة والحروب، الكوارث الطبيعية، الفقر والأوضاع التي تحمل أشخاصا كثيرين على الهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل وفرص للعمل. كما شدد الجانبان على ضرورة التعامل مع التحديات التي تطرحها هذه الظاهرة العالمية والسعي في الوقت نفسه إلى التوفيق بين مبادئ التعاضد والمساعدة والمسؤولية المشتركة. ولم تخلُ النقاشات بين وفدي الكرسي الرسولي وحكومة المكسيك من التشديد على مركزية الكائن البشري خلال التعامل مع هذه الظاهرة من وجهة النظر السياسية، مع التأكيد في الوقت نفسه على الحقوق الإنسانية غير القابلة للتصرف، والدفاع عن كرامة كل كائن بشري يقرر أن يهاجر.
واتفق الجانبان أيضا على ضرورة التأكيد على إدارة سيول الهجرة على الصعيد العالمي وينبغي أن تشارك في هذه العملية المؤسسات الدولية والجهات الحكومية والخاصة، وهذا يتطلب الإسهام بشكل فاعل في الجهود التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن هجرة آمنة، منظمة وشرعية، قبل نهاية العام الجاري. في ختام جلسات الحوار التي عُقدت في الفاتيكان جدد وفدا الكرسي الرسولي ودولة المكسيك التزامهما في توفير الظروف اللازمة التي تسمح لجميع المهاجرين بإغناء المجتمعات التي تستضيفهم من خلال مهاراتهم وقدراتهم وبهذه الطريقة يساهم هؤلاء في التنمية المستدامة على الصعيد المحلي والوطني والإقليمي والدولي. وطالب الجانبان وسائل الإعلام بالإسهام في نشر الأنباء الأكيدة والسليمة حول الهجرة كل بحسب قدراته وطاقاته والعمل في الآن معا على التصدي لكل ما من شأنه أن يولّد نظرة سلبية حيال المهاجرين.
إذاعة الفاتيكان