تشكل سجلات الرعايا في الكنيسة المارونية أهم المراجع الإحصائية الموثقة لتاريخ لبنان الديني والاجتماعي والبشري. ورعية وادي قنوبين هي واحدة من الرعايا المارونية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبطريركية، والمشمولة بهذا التنظيم الرعوي الدقيق محفوظاً في سجلاتها. وعلى غرار السجلات الأخرى من الرعايا، تعرضت سجلات رعية وادي قنوبين للتلف، وبعضها ضاع، وبعضها الآخر حفظ. وفي هذا السياق حفظ سجلات وادي قنوبين الكهنة الذين خدموا الرعية. وتناقلوها إلى عهد الأب حنا لحود الذي سافر إلى أوستراليا في عام 1973 حاملاً معه تلك السجلات. تولى بعده خدمة الرعية الاب حبيب صعب، ولا يزال، وكوّن سجلات جديدة بدل تلك القديمة التي انتقلت إلى أوستراليا.
وتوالت محاولات الحصول على سجلات قنوبين واستعادتها من أوستراليا، ولكن من دون نتيجة. وفيما بوشر بجمع أوراق بطاركة قنوبين وتحقيقها من رابطة قنوبين للرسالة والتراث بدعم رئيسها نوفل الشدراوي، راحت الحاجة إلى تلك السجلات تتضاعف. وخلال زيارة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى أوستراليا في خريف 2014، أعاد أمين النشر والإعلام في رابطة قنوبين للرسالة والتراث، الزميل جورج عرب، تحريك عملية استعادة سجلات وادي قنوبين. وتحقق الأمر بتجاوب كلي من ولدي الاب حنا لحود حسيب وجو. والسجلات باتت في الكرسي البطريركي في الديمان، مع خادم رعية قنوبين الخوري حبيب صعب، ومع مختارها طوني خطار.
وتؤرخ السجلات 118 عاماً من تاريخ الوادي الديني والبشري. أوائل أوراقها مدونة باللغة السريانية. وفي إحصاء تقريبي وفق السجلات، بلغ عدد العمادات خلال 118 عاماً 950 عمادة، وعدد عقود الزواج 250 عقداً، فيما سجلت 30 خطبة كنسية.
وفي عام 1900 كان عدد سكان القرية 1346 شخصاً. أما عام 1932 فقد تراجع العدد إلى 841.
ووفق هذه السجلات تعود مدرسة قنوبين الأولى في دير سيدة الكرم إلى عام 1913 حين أسـسها البطريرك الياس الحويك. وعام 1932 كان عدد تلامذتها 41 تلميذاً منهم 10 بنات.
أما مدرسة قنوبين الثانية فتأسـست بمرسوم حكومي عام 1961. وبلغ فيها عدد التلامذة في السبعينات من القرن الماضي 76 تلميذاً. إلى ذلك تضيء السجلات على واقع كنائس وادي قنوبين وأديارها ومزاراتها، وعلى موجوداتها من لوحات وصور ولوازم كنسية هي بمثابة كنوز غالية ضاعت غالبيتها وتبعثرت وسرقت.
واعتبر المشرف على رابطة قنوبين للرسالة والتراث النائب البطريركي المطران مارون العمّار “استعادة سجلات وادي قنوبين عملاً ثقافياً كبيراً”.
النهار