أنا تينة زرعتها في كرمك، غرستها في قلبك يا رب، أنا تلك النفس التي تعبت عليها أيها الكرّام السماوي، أطعمتها جسدك فلم تشبع وأسقيتها دمك فلم تمتلء منك، انتظرت منها ثمراً ناضجاً في حينه لسنين وسنين ولم تثمر!!!…
انتظرتَ مني أن أثمر المحبة فأجهضتُها في المهد، رغم ذلك لا زِلتَ تنتظرني لانك عظيم في محبتك…
انتظرتني طويلاً كي أثمر الفرح في داخلي فاختنق من كثرة الأشواك التي حشرت نفسي وسطها، رغم ذلك لا زلت تنتظر بسمتي لأنك أحببتني الى الغاية…
انتظرتَ مني أن أثمر ما أعطيتني من سلام لا كما يعطيه العالم، فحوّلتُ مناجِلِكَ إلى سيوف وأشعلتُ حروباً وهمية باسمك رغم أنك طلبتَ مني مراراً أن أردّ سيف الموت الى قبره!!!! رغم ذلك لا زلت تنتظر منّي أن أطلق حمامة السلام من سجنها الذي بين أضلعي…
إنتظرتَ مني أن أثمر الصبر في الشدائد، وطول البال زمن التجارب، فكم شدّة كادت تقتلني لو لم تمسك يميني، وكم تجربة كادت تغلبني لو لم تسرع لنجدتي… رغم ذلك لا زلت تصبر على ضعفي وتُشفق على فقري…
إنتظرتني طويلاً كي أثمر اللطف والصلاح، فما كان مني سوى الادعاء الفارغ أني لطيفٌ وصالح…فكم كانت أعمالي بعيدة عن إيماني؟؟رغم ذلك لا زلت تنتظر ولادة الحياة من إيماني العقيم ، لا زلت تنتظر ثماراً طَيِّبَة من روحي اليابسة…
أعترف لك يا رب أني أوهمت ذاتي بأنّ بعض الزهور تكفي لأكون غرسة في كرمك، لكن تلك الزهور سرعان ما ذبلت فأخذتها الريح دون أن تثمر..
اعترف لك مع ابراهيم أني لست إلاّ :”ترابًا ورمادًا” (تك 18: 27)، أعترف لك مع أيوب أني جالس في الرماد (أي 2: 8)، وأطمح أن أستعيد كل ما فقدته لأنك أنت الله: “المقيم المسكين من التراب، الرافع البائس من المزبلة” (مز 113: 7)
من شدّة محبتك لي ستتركني لسنةٍ قادمة، تنقب حولي فتحطم بحنانك قسوة قلبي، وتفتح بطيبتك نفسي فتحيا، فتصير بنعمتك أرضي الجرداء جنائن على مجرى مياه وأزهاري اليابسة ذات ثمار تتغذى من مائدتك. آمين.
اليتيا