اكتشف الإختصاصي في الأمراض الجلدية والوراثية الدكتور مازن قربان، خللاً جينياً مسؤولاً عن إحدى حالات “السمكية”، المرض الجلدي الوراثي النادر الذي يحصل غالباً بسبب زواج القربى، وذلك في دراسة اجراها مع فريق عمل متخصص من الجامعة الأميركية في بيروت. وهذا الاكتشاف قد يحدث ثورة في عالم العلاجات التي تخفف من آلام هذا المرض وحدّته.
نشهد في لبنان العديد من الحالات الجلدية الوراثية النادرة بسبب زواج القربى كما أوضح الدكتور قربان لـ”النهار”، وقال أن لا دراسات حولها ولا علاجات لها بعد. وكان الدكتور قربان عاد من الولايات المتحدة منذ خمس سنوات وبدأ البحث عن هذه الأمراض، ولديه قاعدة معلومات كبيرة من نحو 400 عائلة من مختلف المناطق اللبنانية.
“تبين ان هناك أمراضاً أجريت عنها دراسات ولمعظمها علاجات محددة، ومعروفة، ولكن اتضح ان هناك العديد من الامراض غير المعروف سببها، بينها “السمكية” ومعدلها العالمي شخص على 350 الفاً. أما في لبنان، فالمعدل اكثر بكثير وقد زادت الارقام بسبب أعداد اللاجئين السوريين حيث يعاني بعضهم من هذه المشكلة الجلدية أيضاً بسبب انتشار زواج القربى. ومشكلة هذا المرض، تكمن في المعاناة الجسدية والنفسية خصوصاً، لأنها تعزل المريض عن محيطه، علماً أن المرض غير معد”.
وتحدث عن عمل الجلد أي حماية الاعضاء الداخلية من العوامل الخارجية وحفظ المياه الذي يشكل نحو 65 في المئة من جسم الإنسان. فالخلل الذي يحصل في وظائف الجلد تحديداً لجهة تبخر المياه يؤدي الى ما يعرف بحالات “السمكية” وهي تصيب الجلد بكامله، وأحيانا تترافق مع اختلالات في وظائف الأعضاء الداخلية مثل القلب والرئتين والرأس. ويأتي المرض بدرجات متفاوتة، وأبرز أعراضه الألم المزمن، والالتهابات الجرثومية المختلفة، وأمراض العين وما يرافقها من اضطرابات نفسية لعدم تقبل المجتمع، إلى العبء المادي والمعنوي على افراد العائلة، خصوصاً أن هذه الحالات تعرف بالحالات اليتيمة لغياب الجمعيات الاهلية التي تعنى بالمريض وأهله، وثم مشكلة عدد الأطباء المتخصصين بهذه الحالات والمراكز المجهزة لاستقبالهم، وندرة البحوث المتعلقة بأسباب هذه الحالات وعلاجها.
“خلال الاعوام الخمسة الماضية بدأنا بمركز في الجامعة الاميركية في بيروت للاهتمام بهذه الحالات، من التشخيص السريري الى المخبري والجيني، وهذه الخدمات تكون مجانية في معظم الاحيان. ومن خلال عملنا في المركز، توصلنا الى رصد أكثر من 250 حالة من “السمكية” ومعاينتها، وغالبية المصابين من اللبنانيين. أما المرضى الذين عملنا معهم، فلا يعلمون بأن السبب الأبرز لمشكلتهم هو زواج القربى. وهم على كامل الاستعداد للتعاون من خلال دراسات توفر في ما بعد معرفة أشمل عن المرض”.
“بعض من هذه الحالات لا سبب جيني معروف لها، لذلك قمنا بتحاليل جديدة معتمدين على تقنيات حديثة في قراءة الحمض النووي، بالتعاون مع زملاء في اليابان ساعدونا في التقنية. وتوصلنا الى اكتشاف خلل في احد الجينات “اس.دي. ار.9 سي 7” التي لم تكن معروفة سابقاً على الصعيد العالمي. وكان هذا البحث الأول الذي اجريناه مع فريق عمل من الجامعة بإشراف رئيس قسم الامراض الجلدية في الجامعة الاميركية البروفسور عبد الغني كبي، والمتخصص في الأمراض الجينية عند الاطفال الدكتور جورج نمر، ونائب رئيس كلية الطب في الجامعة البروفسور فادي بيطار المشرف على عدد كبير من البحوث الجينية. ونشرت نتائج هذا البحث في المجلة العلمية “هيومن موليكولر جيناتيك” في الولايات المتحدة الأميركية”.
في الوقت الحالي، ليس هناك خيارات علاجية كثيرة، وهي تقتصر على بعض المراهم المخففة للألم وترطب الجلد، وبعض الحبوب التي تساعد في تحسين حالة الجلد لكنها تترافق مع اعراض جانبية كبيرة. ويختم قربان، إن اكتشاف الجين المصاب وطريقة عمله قد يساهم في تطوير علاجات أكثر فاعلية بأقل اعراض جانبية. وسيبدأ فريق العمل في الجامعة الاميركية بتجارب سريرية لتحسين وضع المرضى.
النهار
الرئيسية | إعلام و ثقافة | اكتشاف علمي لطبيب لبناني يرسم خريطة لعلاج بعض الأمراض الجلدية الوراثية النادرة
الوسوم :اكتشاف علمي لطبيب لبناني يرسم خريطة لعلاج بعض الأمراض الجلدية الوراثية النادرة