أمس، صادفت الذكرى السنوية الثانية لغياب المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي وبذلك يكونان قد تخطّيا اليوم عتبة السنة الثالثة ليصبح مجموع الأيام التي قضياها في الأسر 731 يوماً. فيما تساءلت أوساط قريبة من المطرانين عن السبب الفعلي لإعادة تسليط الضوء على ملفهما في الوقت الراهن، وعن المُرتجى من التذكير بإنجازاتهما، وذلك من خلال بيان مطوّل لكنيستي الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس خلال قداس احتفالي خصّصه البطريرك يوحنا العاشر اليازجي للصلاة على نيّتهما، متسائلة ما اذا كان السبب الحقيقي هو فقط إحياء الذكرى السنوية الثانية لاختطافهما؟ أم هو تحرّك مقصود إزاء الصمت الدولي؟ أم بسبب بروز معلومات جديدة خفيت على البعض وعلِمها آخرون؟ إلّا أنّ قريبين من أحد المطرانين كشف لـ«الجمهورية» أنّ البيان أكثرَ من الصلاة والابتهال والرجاء والتذكير بمآثر المطرانين، لكنه لم يجب عن التساؤلات.
بعدما نَشرَت «الجمهورية» منذ نحو شهر، معلومات جديدة مفاجئة ومشجِّعة، عن قضية المطرانين، بعد زيارة أبناء شقيق المطران يوحنا ابراهيم، المديرَ العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، آتين من أميركا، حيث زاروا عدداً من المسؤولين السياسيين والروحيين الكبار وأطلعوهم على آخر المستجدّات المتعلّقة بالملفّ، علمَت «الجمهورية» أنّ «المعلومات التي أدلى بها أقرباء المطران يوحنا ابراهيم، مشَجّعة، وترَجِّح بنسبةٍ مرتفعة بقاءَهما على قيد الحياة، وأنّ وسطاءَ تأكّدوا من سلامتِهما بعد مفاوضات سِرّية مستمرّة منذ اليوم الأوّل بعيداً من الإعلام».
الأب صاموئيل
وللاطّلاع أكثر على تفاصيل هذه القضية، تحدَّثنا مع الأب صاموئيل كوموش، كاهن رعية مار بطرس وبولس للسريان الأرثوذكس في ألمانيا، وهو صديقٌ قريب من عائلة المطران ابراهيم، ومنه شخصيّاً، ومتابِعٌ تفاصيلَ قضية المطرانين منذ اليوم الأوّل لاختطافهما.
وعلمَت «الجمهورية» في هذا السياق، أنّ معلومات الأب صاموئيل «لا يعرفها حتى أقربُ المقرّبين من المطرانين، والمسؤولون والمفاوضون اللبنانيّون وغيرُ اللبنانيين».
وقد كشفَ الأب صاموئيل أنّه يملك معطياتٍ مثيرةً وإيجابية، مشيراً إلى أنّه «ملاحَق من الإعلام منذ اليوم الأوّل وحتى في المانيا، لكنّه يرفض تسريبَ أيّ معلومة يملكها، لأنّه يفضّل العملَ بسِرّية».
وأضاف في اتصال معه من ألمانيا: «لن أقول إلى أين ذهبنا، ولكنّ معلوماتِنا إيجابية وحِسّية، ونتيجة اتّصالاتنا بمختلف الأطراف تأكّدنا مِن أنّهما ما زالا على قيد الحياة»، مؤكّداً «أنّنا لا نكذب ولا نلعب، وأنا جاهزٌ شخصياً لأضَحّي بحياتي من أجل تحرير المطران يوحنا».
وعمّا إذا كان أبلغَ معلوماتِه إلى المسؤولين اللبنانيين والقيِّمين والبطريرك اليازجي، شدّدَ على أنّ «الإجابة على هذا السؤال مستحيلة، لأنّنا لا نريد التسريبَ ولا أن يتاجرَ الإعلام في كلّ نقطة، فكلُّ خبر نعلِن عنه يمكن أن يُعرقِلَ فكَّ أسرهما»، مؤكّداً أنّ «المطران يوحنا لديه صبرُ أيّوب وصبر القدّيسين».
ووصفَ علاقتَه المتينة به، قائلاً: «أنا مِن أصلٍ تركيّ ودرستُ اللغة العربية، ولا قرابةَ تَجمعني بالمطران يوحنا، تعرّفتُ إليه منذ 35 عاماً، وهو إنسانٌ نادر، والعالم بأجمعِه اكتسَب من حكمتِه وعقله، والكنيسةُ السريانية اغتنَت بانتمائه إليها وكسبَت جوهرةً نادرة».
وشدَّدَ الأب صاموئيل على أنّه «ضحَّى بأمور كثيرة ليحصلَ على معلومات حِسّية أفادته بأنّ المطران يوحنا ما زال على قيد الحياة، وتأكَّدَ مِن ذلك بعد حصوله على معطيات ولكن «لا أستطيع التكلّمَ عنها»، مشيراً إلى أنّه يعمل «على الأرض وعبر خطوط كثيرة لن يعلنَ عنها لا اليوم ولا غداً، إنّما سيُعلِن عنها قريباً عند فكِّ أسرِهما».
ودعا الأب صاموئيل المتاجرين بقضية المطرانين إلى «وقف الكذِب، وتجنُّب اللعب على عواطف الناس، والإدلاء فقط بما هو إيجابيّ وحقيقي»، واعِداً «الجمهورية» التي تابعَت قضية المطرانين منذ البداية بكلّ شفافية، وحملَت قضيتهما وملفَّهما، أن تكون أوّل مَن يُبشّرُها بالخبَر السعيد.
وقد أثنى الأب صاموئيل على كلامٍ صدَر أخيراً عن لسان متروبوليت بيروت وتوابعها للسريان الأرثوذكس المطران دانيال كورية واصفاً إياه بالإيجابي، ومنوّهاً بالدور المسيحي الصالح الذي يلعبه في هذا الملف.
وقد تواصلت «الجمهورية» مع كورية مستفهمة عمّا قصده الاب صاموئيل، خصوصاً أنه عضو مؤثر في اللجنة البطريركية المتابعة ملف المطرانين. فاستهلّ حديثه بشكر كل جريدة وصحافي وكل مؤسسة أحيت الذكرى السنوية الثانية لاختطاف المطرانين الجليلين، بالقول: «نقدّر تعبكم ونشكر محبتكم لأننا ابناء القيامة والحياة. وعلّمتنا المسيحية أن نكون ابناء الرجاء لذلك نكرّر المثل المتعارف عليه تفاءلوا بالخير تجدوه».
وفي السياق شكر كورية للكنيستين السريانية والارثوذكسية البيان «الجميل» المشترك الذي تُلي في القداس الاحتفالي الذي ترأسه البطريرك اليازجي في البلمند، مشيراً الى أنّ كلّ كنائس السريان الأرثوذكس في سوريا شاركت أيضاً في الصلاة على نية المطرانين من خلال صلاة مسكونية ترأسها البطريرك افرام الثاني.
وكشف كورية: «بصفتي عضواً في اللجنة اؤكد الكلام الصادر عن لسان الاب صاموئيل كوموش وأؤيّده، وأضيف: لدينا معلومات إيجابية جداً ونحن نترقب قريباً أن يكون المطرانان موجودين بيننا».
وتمنّى على «الجمهورية» إيصال ما يقوله حرفياً، فتوّجه الى العالم والمشكّكين قائلاً: «مَن لا يقبل او يرفض فكرة أنّ المطرانين على قيد الحياة، فليعطنا إثباته».
وبنبرة عالية وقاسية خاطب المنظّرين المتشائمين الذين يطلقون الاشاعات يميناً ويساراً ويخلفون الحزن والاحباط لدى الناس: «كفاكم كذباً وافتراءً وتشاؤماً، واذا لم تملكوا أيّ اثبات على موت المطرانين فاصمتوا الى الابد».
والأقارب يؤكّدون أيضاً
بدورهم، ابناء شقيق المطران يوحنا ابراهيم المقيمون في الولايات المتحدة أيّدوا ما صدر عن الاب صاموئيل والمطران كورية، كاشفين أنهم متأكدون من معلوماتهم بعد حصولهم على دليل حسّي بأنّ المطرانين على قيد الحياة وبصحّة جيدة، ومع أحد الاطراف المتقاتلة، وهما لا يزالان وفق آخر المعلومات داخل الاراضي السورية، داعين الدول المعنية الى «التحرّك خصوصاً المسؤولين الروحيين القادرين على الاتصال والتواصل مع الحكام والانظمة الحاكمة في المناطق التي يتمّ فيها احتجاز المطرانين».
وأثنت العائلة على جهود الاب صاموئيل واللواء عباس ابراهيم بالقول: «صدر عن اللواء اشارات إلى أنّ المطرانين على قيد الحياة، ونحن بدورنا نقول إنّ الاشارات والمعلومات في اللغة العربية معناها واحد، ونحن نشير إلى أنّ المعلومات توافرت ويبقى على الغيورين والمهتَمّين من روحيين وحكام وانظمة ودول التحرك. شبِعنا صمتاً وصلاةً، وغداً (اليوم) يدخل خطف المطرانين عامه الثالث وقد قدّمنا ما علمناه وأوصلنا الرسالة الى المعنيين. ألم يحن وقت الحراك؟!»
ليبانون فايلز