“صحة الشعوب، صحة الأرض: مسؤوليتنا حيال التبدلات المناخية وتلوّث الأجواء والصحة”. هذا هو عنوان مؤتمر دولي تنظمه في الفاتيكان، وعلى مدى ثلاثة أيام، الأكاديمية البابوية للعلوم، ويشارك فيه حوالي أربعين خبيراً وأكاديمياً وباحثاً وقانونياً وسياسياً قدموا من عدد من الدول الأوروبية والأمريكية والآسيوية. هذه الأكاديمية ـ التي تضم أكاديميين متخصصين في مختلف المجالات ومؤمنين ينتمون إلى ديانات عدة وأشخاصا غير مؤمنين ـ دقت ناقوس الخطر منذ قرابة العشرين عاماً محذّرة من النتائج التي تترتب على ظاهرة الاحتباس الحراري للأرض، ووضعت الأسس اللازمة لمناقشة هذه المسألة وإيجاد الحلول لها. هذا ما قاله المسؤول عن الأكاديمية البابوية للعلوم المونسينيور مارسيلو سانشيز سوروندو في الخطاب الذي افتتح فيه أعمال المؤتمر والتي تستغرق لغاية يوم السبت المقبل. ولفت إلى أن النشاط البشري يساهم في تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري وذلك للمرة الأولى في التاريخ معتبرا أن الجماعة الدولية لم تبذل الجهود اللازمة لمعالجة هذه المشاكل، كما أن المقررات التي صدرت عن قمة “كوب 21” ليست كافية لتوفير حلول ناجعة.
للمناسبة أجرى القسم الإيطالي في راديو الفاتيكان مقابلة مع المونسينيور سانشيز الذي أوضح أن المؤتمر يضم نخبة من الخبراء في هذا المجال، لافتاً إلى وجود حاكم ولاية سان لويس بالأرجنتين، وهي المنطقة التي تسعى إلى اعتماد مصادر الطاقة النظيفة، فضلا عن حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية التي تُدرك جيداً حجم هذه المشكلة وتسعى جدياً للبحث عن الحلول. وأشار المسؤول الفاتيكاني إلى أن المشكلة تكمن في غالب الأحيان بعدم توفّر الرغبة السياسية لمعالجة هذه المسائل، وهذا الأمر مرتبط أحياناً كثيرة بمنطق الربح المادي أي عندما يُقدَّم السعي إلى جني الأرباح على مبدأ الدفاع عن الخير العام وعن الأرض والبيت المشترك.
ولم تخلُ كلمة المسؤول عن الأكاديمية البابوية للعلوم من الإشارة إلى أهمية التربية في عالم اليوم من أجل تحسيس الأجيال الناشئة على هذه المشكلة، وقال إن الأكاديمية تولي التربية أهمية كبيرة، مشيراً في هذا السياق إلى ضرورة أن تكون المناهج التربوية محدَّثة على الصعيد العلمي. ولفت على سبيل المثال إلى أن البلدان حيث النسبة الأكبر من السكان تتمتع بمستوى علمي وتربوي عال ـ شأن ألمانيا على سبيل المثال ـ يُدرك سكانها أهمية معالجة المشاكل المرتبطة بالبيئة وهذا الأمر لا ينسحب على الدول حيث لم يحصل السكان على المستوى المطلوب من التعليم. من هذا المنطلق لا بد من التشديد على أهمية التربية في هذا المجال، وقد تحدث البابا فرنسيس عن هذا الموضوع في رسالته العامة “كن مسبحا”.
وقد أجرى القسم الإيطالي في إذاعة الفاتيكان مقابلة ثانية ـ على هامش أعمال المؤتمر الدولي ـ مع الطبيبة الإسبانية ماريا نيرا، وهي مديرة قسم الصحة العامة والبيئة في المنظمة العالمية للصحة التي ذكّرت بأن الهيئة الأممية أعدت منذ سنوات طويلة دراسة أظهرت أن حوالي ثلاثة عشر مليون شخص يموتون سنوياً لأسباب مرتبطة بالتلوّث بشكل عام، وخصوصاً تلوّث المياه والهواء. وأكدت أن حكومات الدول تدرك هذا الأمر جيداً وهي يمكنها اليوم أن تتخذ الإجراءات الكفيلة في الحد من التلوث، شأن إعادة النظر في مصادر الطاقة والتطوير المُدني ووسائل النقل العام، وهذه الحلول قادرة على تخفيض عدد الضحايا.
وقالت السيدة نيرا إن الحكومات لا تتصرّف بالسرعة المرجوة مع أن بعض المبادرات اتُخذت في هذا السياق لكنها ليست كافية على الإطلاق. واعتبرت أن التغيير الحقيقي يبدأ من المجتمع، لا من الطبقة الحاكمة، وعندها ستتحسن الأمور أي عندما تمارس القاعدة الشعبية الضغوط على المسؤولين السياسيين. وختمت مديرة قسم الصحة العامة والبيئة في المنظمة العالمية للصحة حديثها لإذاعتنا مؤكدة أن العالم الأكاديمي مدعو اليوم إلى التصرف إذ ينبغي أن يقول: لدينا الأجوبة والحلول وعلينا أن نترجمها على أرض الواقع، كما أن وسائل الإعلام مدعوة هي أيضا إلى الاضطلاع بدورها في هذا المجال.
إذاعة الفاتيكان
الرئيسية | أخبار الكنيسة | الأكاديمية البابوية للعلوم تنظم مؤتمرا دوليا في الفاتيكان حول موضوع: صحة الشعوب، صحة الأرض
الوسوم :الأكاديمية البابوية للعلوم تنظم مؤتمرا دوليا في الفاتيكان حول موضوع: صحة الشعوب صحة الأرض