لا يشبه مركز فوش الجامعي للخصوبة، الباريسي العريق، المراكز الاخرى. ما يميزه ليست فقط التقنيات الحديثة جداً، والمعدات التي صمم بعضها خصيصاً له وفق مواصفات طبية معينة، إنما الجانب الإنساني وفريق عمل محترف على رأسه الطبيب اللبناني الأصل البروفسور جمال الأيوبي الذي يدهشنا بإنجازاته العلمية التي تشبه وجه لبنان الحضاري.
يعتبر مركز فوش الأكثر تطورا في فرنسا وأوروبا للخصوبة، “هو مشروع علمي للمحافظة على الخصوبة في الأساس، قبل التوصل الى علاج العقم، خصوصاً وأن ثنائياً من اصل ستة يعانيان من ضعف الخصوبة”. ولأنه مؤمن أنه لا يعطي الحياة بل يشارك في نقلها، أصر البروفسور الايوبي أن يحوط هذا المركز بالالتزام والإنتظام والجدية، فحقق حلمه بمساعدة فريق عمل محترف.
للمركز ركائز خمس كما أوضح رئيس قسم الطب النسائي في مستشفى فوش ورئيس “مركز فوش الجامعي للخصوبة” جمال الأيوبي لـ”النهار”، فقال: فيه أبرز ٥ اختصاصيين في مجال العقم في فرنسا وأوروبا، الى فريق عمل كامل يضم نحو ٤٠ شخصاً من اختصاصات طبية متنوعة، ويمتد على مساحة ١٦٠٠ متر مربع مخصصة له فقط. وفيه أهم التقنيات الحديثة، منها الميكروسكوب الحاضنة، حيث توضع الأجنة، وحاضنة خاصة لكل زوجين، مع مراقبة دائمة لمدة ٤٨ ساعة للبويضة والسائل المنوي، أي الفترة اللازمة لتكوّن الجنين، حيث نحتاج الى ضوء معين من خلال معدات تصوّر تكوّنه، وهكذا يمكننا مراقبة طريقة تكاثر الخلايا”. أضاف: “ركزنا كثيرا على هذه الفترة المهمة والمصيرية لما تحتاجه من عناية خاصة. فلكل تقنية في المختبر إهتمام خاص، كالمحافظة على البويضة والسائل المنوي، في حين أن مراحل الاهتمام بالثنائي والمرأة، والإجراءات الطبية، تحصل في المركز نفسه، من المعاينة الأولى الى حين حصول الحمل، وهذا مهم جداً، بالإضافة الى اهتمام المركز بالبحوث والتعليم، بمشاركة كلية الطب في باريس الغربية ومؤسسة فوش ومستشفى فوش”.
واعتبر ان انشاء هذا المركز هو لمقاربة الجودة العالية وخدمة الازواج الذين يعانون ضعفاً في الخصوبة ومتابعتهم علاجياً. فـ”خصوصية هذا المركز، تكمن في جمعه أفضل التقنيات الحديثة والاعتناء بالأزواج، مركزاً على الجانب الإنساني، أي تحسين طريقة العناية الطبية وتسهيلها. ولديه افضل الخبراء المشهود لهم محليا وعالمياً، وزار 10 منهم ابرز المراكز المماثلة في العالم للبحث عن التقنيات الأفضل واختيارها، مع تفادي ما ليس ضرورياً”.
وتحدث في حفل افتتاح المركز رئيس مجلس إدارة مستشفى فوش جان بول فيرميس، عن أهمية هذا الحدث الذي سيضيف الكثير الى هذا المستشفى. وقال رئيس جمعية فوش جان لوي بول: “أدهشتني نوعية المركز والخدمات المقدمة. شعرت بالسرور لانطلاقته”. وقال رئيس بلدية سورين عضو المجلس الدستوري والنائب في البرلمان الفرنسي كريستيان دوبوي، انه على رغم الصعوبات التي مر بها المستشفى فما زال يتقدم، “انا فخور ان هذا القسم رأى النور هنا في سورين، خصوصاً وأنه الأهم في فرنسا، وسيلبي حاجة بعض الأزواج لهذا النوع من الخدمات الطبية. ومن هذا المشروع ستولد الحياة”. وعبّر مدير المستشفى جاك ليغليز عن سروره وفخره، فقال: “هذه ورشتنا انطلقت وسيليها العديد من المشاريع الجديدة”.
وتحدث عدد من الأطباء العاملين في المركز: البروفسور رينيه فيردمان او “أب اماندين” أول طفل أنبوب في أوروبا، فقال: “نحتاج الى الوسائل الحديثة لنعطي نتائج، وهذا ما حصلنا عليه، ولكن أردنا ان نؤمن مكاناً لا يعتمد على هذه التقنيات الحديثة وحسب، بل يعتمد الطب التكاملي، لذلك سلّطنا الضوء على الأبعاد الأخرى للإهتمام بالأزواج، خصوصاً النفسية، حيث يضم فريق العمل اختصاصيين في علم النفس والتغذية، والتسمم والعوامل البيئة، أي مجموعة العوامل التي تؤدي دوراً في تحسين النتائج، بالإضافة الى الوسائل التقنية المتطورة البحتة.
وقال الدكتور ريناتو فانشان، ان “هذا المركز هو التحدي الجديد، وها هو ينطلق ليصل الى الأهداف التي وضعها”.
النهار