كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
ليس الاستقلال احتفالاً وطنياً أو عرضاً عسكرياً، ولا هو مشهد لهوٍ لأولادنا حين يحملون علم البلاد وينشدون النشيد الوطني. قد تكون هذه المظاهر مكملةً للتعبير عن استقلال حقيقيّ ولكنّها في ظل استقلال معدوم أو منقوص لا تعبّر عن المعنى الحقيقي للإحتفال بهذه المناسبة.
الاستقلال يعني أن لا تكون لأي سلطةٍ أو دولةٍ أو جهةٍ أجنبيةٍ سيطرة بأي شكلٍ من الأشكال على البلد ومقدّراته وعلى الدولة وقوانينها ودستورها وعلى حدودها، وتحويل البلد إلى ساحةٍ للصراعات وتصفية الحسابات، وهذه هي حال لبنان اليوم، ما يعني أن لا استقلال. الاستقلال يعني أن يكون ولاء أبناء الوطن لوطنهم، لا لأوطانٍ أخرى ولا لمشاريع سياسيةٍ ودينيةٍ لا تمتّ للوطن بصلة، وألّا يكون بعض أهل هذا البلد يتفوّقون بالقوة على أقرانهم، يفرضون عليهم ما يرغبون ويشيطنونهم إن تصدّوا لهم وطالبوا بممارسةٍ ديمقراطيةٍ سليمة.
الاستقلال يعني أن تتمتع بعلاقات من الندّ للندّ مع كلّ الدول التي تقيم علاقاتٍ معها، فلا يجوز أن تفرّط بعلاقاتٍ مع كل دول العالم كرمى لدولةٍ واحدةٍ، تفرض عليك من خلال أنصارها في لبنان نمط علاقاتٍ دوليةٍ وإقليميةٍ لا أحد يرغب فيها نظراً للضرر الذي ألحقته وتلحقه بالبلد. الاستقلال يعني أن تحترم جيش بلادك وأن لا تقلل من شأنه وأن تترك له وحده قرار الحرب والسلم وأن تطلق يده في حماية الحدود، وأن لا تستجلب الأعداء للبلاد فتثير مخاوف أهلها لتدّعي حمايتهم في ما بعد.
الاستقلال لا يعني أن تأخذ البلاد والعباد رهينةً، وأن ترفض إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى الحياة الطبيعية لأنك ستخسر بعض نفوذك وسطوتك، فتطبق القول الشائع «عليَّ وعلى أعدائي». فلا رئيس ولا حكومة وإدارة ولا اقتصاد ولا أمن. الاستقلال هو أن تتركوا لبنان وشأنه، وأن تتركوا شعبه يعيش برفاهية، وأن تلتزموا بمشروع لبناني يحفظ اللبنانيين في بلدهم. الاستقلال هو أن لا نخاف من قول الحقيقة ومن المطالبة بالحق وأن لا نقبل الظلم. الاستقلال بعبارة واحدة هو أن تكون لبنانياً وفي لبنان.