عندما توفي الرئيس الغيني جون أتا ميلس في 2012، إنتظرت المحطة التي تعمل فيها المحررة جاهو نيان 3 ساعات لتعلن الخبر، في وقت لم يستطع موقع La Silla Vacia في كولومبيا مقاومة نشر خبر وفاة القائد في الفارك الفانسو كانو، فوقع في فخ الخبر العاجل.شهادتان تلقيان الضوء على جزء من التحديات التي تواجه الإعلام في عالم اليوم، في ظلّ الفورة التي أحدثتها وسائل التواصل الإجتماعي، فبات السبق الصحفي في غالب الأحيان يتقدّم على دقة الخبر وصحته، وقد عرضتا خلال مؤتمر «ديمومة الإعلام الرقمي: مقاربات من الشرق الأوسط والعالم» لعام 2016، الذي نظّمته مؤسسة «مهارات» وأكاديميّة «دوتشيه فيلليه» في بيروت، وقد اختتم أعماله في 1 كانون الأول.
فصمتُ المحطة الغينية التي تعمل فيها نيان خلقَ الشكوك، لكنّه أتاح في الوقت نفسه للصحافيين التحقّق من الخبر والعودة إلى نشر تقرير مفصّل تضمّن تأكيد خبر الوفاة من رئيس الموظفين في القصر الرئاسي، مُطعّماً بمعلومات إضافية.
وتقول نيان التي تعمل اليوم في JOY FM : «المهم أن ننقل الأخبار الصحيحة لا أن نكون الأوائل، والمسألة ليست في عدد النقرات، ولكن في التأثير والفرق الذي تحدثه تقاريرنا الإعلامية».
وتشير الى أنّه في غانا عندما عرض التلفزيون قصة لثلاثة أطفال كانوا يتناوبون على لبس الزي المدرسي، بالتعاون مع اليونسيف، تمّ توفير التعليم والزي المجاني لهؤلاء الأخوة.
في المقابل، يعتبر نائب رئيس التحرير خوان استيبان لووين في موقع La Silla Vacia في كولومبيا أنّ «السمعة التي كوّنتها على مدار 30 سنة قد تخسرها في دقيقة»، مشيراً الى أنّ الموقع اضطرّ الى الاعتراف بالخطأ في اليوم الثاني والإعتذار عنه، ليعود ويكسب تدريجاً ثقة القرّاء.
ويشدد لووين على أنّ التحدي الأبرز يتمثّل في جذب اهتمام الجيل الجديد الى الأخبار.
ويقول: «نتحدث بلغة الشباب حتى في الجانب السياسي والإخباري، من خلال التواصل عبر «تويتر» و»فايسبوك» و»سناب تشات»، ونستخدم الفيديوات والإحصاءات بطريقة بعيدة عن الملل».
وتتفق اولينا تريبوشنا، نائبة رئيس تحرير Novea Vermya في أوكرانيا، مع لووين بضرورة إيلاء الإهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي لأنّها المنصة التي يتواجد عليها الشباب.
وتقول: «إنّ الشباب لا يقرأون الأخبار، تهمّهم المواضيع الرياضية والترفيهية المتعلّقة بالحياة الواقعية. الخطأ يقع خلال نقل الخبر لأنّ التواصل الاجتماعي يتطلّب السرعة، لكننا نسعى قدر الإمكان للحفاظ على الصدقية والدقّة والجودة في نقل الخبر».
ولكن يبقى الأساس أن يكون هناك خطة عمل للمشاريع الإعلامية لضمان ديمومتها، حسبما يؤكّد شكيب عبدالله، وهو مستشار في مجال التسويق والإعلانات ومدرّب من أكاديمية «دوتشيه فيلليه» الألمانية، ويقول: «علينا أن نعرف من نحن؟ كيف سنقوم بعملنا؟ من هو الجمهور المستهدف؟ وكيف يمكننا جمع المال لدفع التكاليف؟».
وتجدر الإشارة إلى أنّ المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام، شارك فيه نحو 50 خبيراً وناشطاً في مجال الإعلام الرقمي من الشرق الأوسط والعالم وعاملين في «تويتر» و«فايسبوك»، وتركّز النقاش على هاجس المؤسسات الإعلامية في تحقيق ديمومتها عبر الإعلام الرقمي من حيث التمويل والاستقلالية وجودة المضمون.
وتخلل المؤتمر عرض لمشروع «كامبجي»، من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهو أوّل منصة إعلامية في مخيم، والهدف منها الإضاءة على الإيجابيات التي تفوق السلبيات.
مي الصايغ
الجمهورية