لم تتأهل مصر لكأس العالم منذ العام 1990، لكنّ ملايين المصريين يجدون في متابعة نتائج المونديال، أشبه بمهمّة مقدّسة. ورغم ارتفاع سعر الاشتراك في باقة «بي إن سبورتس» القطريّة، إلّا انَّ المصريين قرّروا تحدي «الاحتكار». تطوّع الإعلام المصري لمساعدتهم في ذلك، من خلال نشر تردّدات قنوات تبثّ المباريات مجاناً.
يحتاج كلّ منزل مصري، لمبلغ ألف جنيه (نحو 140 دولار تقريباً)، ليتمكن من الاشتراك في «بي ان سبورتس». لا يعدّ ذلك المبلغ قليلاً بالنسبة لشعب يقع الملايين من سكانه تحت خط الفقر. هكذا انتشرت على المواقع الإخبارية المصريّة، مواضيع من نوعية «ننشر لكم ترددات قنوات تذيع مباريات كأس العالم مجاناً للمصريين». تحوّلت تردّدات البثّ المجّاني لمباريات كأس العالم، إلى خبر أوّل. ولا ترى الصحف أو المواقع التي تنشر تلك المعلومات، أيّ تعدٍّ على حقوق الشبكة القطرية، بل على العكس، يجدونها فرصة لضرب قطر و«الجزيرة» التي تعاني من انخفاض شعبيّة كبير في الشارع المصري، بعد تحوّلها إلى منبر لدعم الإخوان.
بعض التقارير الإخباريّة والمقالات، باتت أشبه بمدّ اللسان لـ«الجزيرة». على سبيل المثال، ينشر موقع وشوشة المصري تقريراً بعنوان «افرحوا يا مصريين.. هكذا تشاهدون كأس العالم رغما عن الجزيرة». جاء في تقرير آخر على موقع «صدى البلد» إنّ «فكّ شيفرة قنوات المونديال يضرب الجزيرة في مقتل». ينسحب ذلك النمط على مواقع أخرى، تعتبر أنّ نشر أساليب كسر الاحتكار، «مهمّة وطنيّة».
لم تنفرد المواقع الإخبارية المستقلة بتلك المهمّة، إذ نشرت صحيفة «الأهرام» القومية أمس الأوّل تقريرا بعنوان «دليل القنوات التي تبث مباريات كأس العالم». وأوضح التقرير أنّ التلفزيون المصري بذل جهوداً كبيرة لبث البطولة، لكنه فشل في ذلك بسبب الكلفة الضخمة لذلك. وكتبت الصحيفة القومية الأشهر في مصر، إنّ هدفها من نشر تردّدات القنوات المجانية هو «كسر احتكار الجزيرة الرياضية»، وتبعتها في ذلك صحف قومية أخرى مثل «الأخبار»، و«الجمهورية»، و«الأهرام الرياضي»، و«المسائي».
منطقة باب اللوق هي منطقة في وسط القاهرة تحتوي على متاجر تشتهر ببيع مستلزمات البث الفضائي بأسعار رخيصة. في الأيام الأخيرة، راحت تلك المتاجر تنشر إعلانات كتب فيها: «الآن يمكنك فك شفرات مونديال 2014»، إذ نجح بعض الفنيين العاملين في المنطقة بابتكار جهاز جديد يمكنه تلقّي بثّ قنوات «بي إن سبورتس». ويباع الجهاز بسعر رخيص مقارنة بسعر الاشتراك في «الجزيرة». يحدث ذلك بشكل علني ومن دون أي مضايقات من الحكومة المصرية لأصحاب تلك المحلات، في ما يمكن ترجمته كرضا رسميّ عن تلك «القرصنة». الإعلام المصري احتفى بذلك، معتبراً أنّه «اختراع مصري لضرب الجزيرة»، متجاهلاً كل ّالاعتبارات القانونيّة المرتبطة بحقوق البثّ، مشدداً على أنّه «من حقّ المصريين مشاهدة المونديال».
لم يكن المصريون وحدهم الراغبين بتوحيه ضربات قاضية لـ«بي إن سبورتس»، إذ انّ مجموعة «أنونيموس» نشرت شريطاً جديداً على «يوتيوب» بالأمس، تتوعد فيه الشبكة القطريّة بالتشويش على بثّها للمونديال. الشبكة القطرية لم تملك أمام ما يحدث سوى أن تتوعد من ينتهك حقوقها، بالملاحقة القضائية.
مصطفى فتحي / السفير