ما الحاجة بعد إلى رئيس للجمهورية و”الشغل ماشي” بضرب المناصفة؟
بيار عطاالله / النهار
ليس صحيحاً ان الادارات العامة تواجه مشكلات في ادائها وان احداً لا يحرك معاملة في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية المركز المسيحي الابرز في لبنان والشرق وصولاً الى الفيليبين. في الحقيقة “الشغل ماشي” و “الامور كلها تسير” ولا يبدو ان الحاجة الى انتخاب رئيس امر ملح واساسي على جدول اعمال الكثير من الشركاء في الوطن.
الرئيس التنفيذي لمؤسسة “لابورا” الاب طوني خضرا، أعيته الحيلة في الوصول الى تحقيق مبدأ الشركة والمناصفة، وهو من على فراشه في المستشفى يروي سيرة “مخجلة” فعلاً لمسار الأمور وما وصلت اليه الاحوال في القطاع العام، وعلى رغم النجاحات التي تحققت في المناصفة الفعلية، في قطاعات اساسية مثل الامن العام والامن الداخلي وامن الدولة.
نموذجان يختصران مشكلة المسيحيين في الدولة، اولهما يتمثل في ما جرى في امتحانات مجلس الخدمة المدنية لمصلحة وزارة المال، إذ اجريت اخيراً مباراة مراقب ضرائب، التي تعتبر من الوظائف الاكثر دقة في الجمهورية وهي فئة رابعة. وكانت المفاجأة فوز اكثر من 220 متبارياً لا تتجاوز نسبة المسيحيين من بينهم 15 في المئة بعدما كانت تقليدياً 50 في المئة واكثر. ويعود ذلك الى قيام مجلس الخدمة بإلغاء جميع المسابقات التي كان بعض المرشحين يواجهون فيها صعوبات في اللغات الاجنبية، مثل الغاء فحص اللغتين الفرنسية والانكليزية، وتعليق العمل بالعلامة اللاغية التي كانت تساهم في التوازن، اضافة الى الغاء فحص البرمجة، واعتماد اللغة العربية حصراً في المسابقات وفي مناهج قريبة من التعليم في جامعات معينة تعتمد اللغة العربية فقط، ما ادى الى رسوب غالبية المتقدمين المسيحيين الذين لا يتقنون بعض العلوم في العربية. أضف أن من تم تعيينهم في اللجان الفاحصة، هم في غالبيتهم ممن يقومون بتدريب المرشحين وتحضيرهم، في احزاب “الجماعة الاسلامية” و”المستقبل” وحركة “أمل” و”حزب الله”، وقت استبعد نظراؤهم المسيحيون الذين يقومون بتدريب المتقدمين من المسيحيين سواء في “لابورا” او لدى الاحزاب المسيحية وبقرار كيدي مئة في المئة.
اما النموذج الثاني فيتمثل في ما يجري في وظائف بلدية بيروت، لجهة الاجحاف الكبير اللاحق بالتمثيل المسيحي والذي يضرب مبدأ المناصفة وحتى المثالثة ولا يبقي لهم (والمقصود المسيحيين) بالكاد 20 في المئة من الوظائف في البلدية. وكانت النقطة التي طفح بها الكيل في البلدية، مصلحة الشؤون المصنفة التي انتزعت من المسيحيين الموارنة واسندت الى السنة، اضافة الى خسارة المسيحيين مركزهم التقليدي في موقع المراقب العام والذي كانت آخر من تولته ديالا ضومط.
يقول اعضاء المجلس البلدي في بيروت، ان المسيحيين لم يتبق لهم سوى اربعة مراكز من اصل 11 مصلحة وادارة اساسية في بلدية بيروت، وتتوزع كالآتي: الشؤون الادارية تتولاها جاهدة عيتاني (سنة)، المالية: علي عثمان (سنة)، المصنفة: باسم العويني (سنة) بعدما كان يتولاها جوزف منعم (ماروني)، فوج الاطفاء: العقيد محمد الشيخ (سنة)، امانة المجلس البلدي: بدرية عبدالله (شيعة)، فوج حرس بيروت: العميد علي شحرور (شيعة)، النظافة: ربيع حيدر (درزي). في حين يتولى الهندسة ايلي اندريا (ارثوذكسي)، والصحة: فادي صالحاني (ارثوذكسي)، التفتيش: الياس هدايا (ارثوذكسي)، والمسالخ ويتولاها جوزف منعم الماروني.
لكن الاسوأ لا يقتصر على مديري المصالح، بل على مستوى الدوائر ايضاً اذ تراجع الحضور المسيحي من المناصفة الى نسبة 20 في المئة على الاكثر، وكذلك على مستوى الموظفين حيث تم اغراق الادارة بالموظفين من غير المسيحيين، ولم تجد كل المحاولات لإعادة تعديل الامور وتصحيح الخلل، وخصوصاً لجهة تثبيت المتعاقدين المسيحيين الذين جرى ادخالهم لتصحيح الوضع قليلاً ولكن من دون أي نتيجة تذكر.