تجعل الدنيوية عيون روحنا مظلمة غير قادرة على رؤية الفقير الذي يعيش بجوارنا مع كل جراحاته، هذه هي الرسالة التي سعى البابا فرنسيس أن يوصلها لنا من خلال عظته اليوم من دار القديسة مارتا في الفاتيكان وبحسب ما جاء في إذاعة الفاتيكان قال البابا في تعليق منه حول إنجيل لعازر والرجل الغني الذي كان يلبس الأرجوان والكتان الناعم ويتنعم كل يوم بمأدبة فاخرة، أننا لم نسمع أية كلمة سوء عنه ولا نعلم إن كان رجلا سيئًا، يمكن أن يكون رجلا صالحًا متدينًا على طريقته، لربما كان يصلي ويقصد الهيكل ليقدم الأضاحي، ولربما كان الكهنة يستقبلونه ويجلسونه في مقاعد الشرف ولم يلحظ أحد لعازر الفقير الذي كان جائعًا…
العالم الخيالي…
من وجهة نظره شرح البابا وضع الغني كما نتخيل وضع الأغنياء جميعًا: يتنقل في المدينة بسيارة فخمة مع زجاج داكن حتى لا يراه أحد ولكن ما هو داكن حقًّا بنظر الأب الأقدس هي عيون روحه فكان يرى فقط ما يوجد داخل حياته، هو لم يكن شريرًا ولكن كان مريضًا، مريضًا بالدنيوية والدنيوية تحوّل الروح وتجعلها غائبة عن الحقيقة، فكان يعيش في عالم وهمي من صنعه، الدنيوية تخدّر الروح لذلك لم ير الرجل الدنيوي الحقيقة.
ما هي الحقيقة؟
الفقراء يعيشون من حولنا ويواجهون الكثير من الصعوبات ولكن إن كان قلبنا دنيويًّا لن نفهم ذلك أبدًا، لأن صاحب القلب الدنيوي غير قادر على استيعاب حاجات الغير. صاحب القلب الدنيوي قد يذهب الى الكنيسة، ويصلي…ولكن يسوع، وعلى حد قول البابا، على أية نية صلى في العشاء الأخير؟ صلى كي لا يقع التلاميذ في فخ الدنيوية، فالدنيوية هي خطيئة خفية، هي حالة خطيئة تعيشها الروح…
العبرة من الإنجيل
شرح البابا وجهي القصة وهما أولا نقمة الرجل الذي يثق بالعالم وثانيًا نعمة الرجل الذي يثق بالرب، الرجل الغني أبعد قلبه عن الله فروحه فارغة كصحراء قاحلة، والدنيوي يعيش وحيدًا مع أنانيته، قلبه مريض متعلق بالحياة التي يحياها،ولم يكن له اسم لأن الدنيوي يخسر اسمه ولكن الفقير عرفنا اسمه فقد كان لعازر.
تابع فرنسيس شارحًا أن الغني يموت ويجد نفسه في الجحيم يقاسي العذاب فيسأل ابراهيم أن يبعث احد الأموات ليحذر أفراد عائلته الذين لا يزالون على قيد الحياة فيجيبه إنهم إن لم يستمعوا الى موسى والأنبياء فلن يقتنعوا وإن قام واحد من الأموات. أضاف الأب الأقدس أن الدنيوي يريد مظاهر غير عادية ولكن يسوع شرح لنا في الإنجيل أنه هو الطريق..وفي نهاية الإنجيل نجد كلمة تعزية حين يسأل الغني ابراهيم (ابراهيم يمثل صورة الله الآب) كي يرسل لعازر ليبرد لسانه فيجيبه: “يا بنيّ”…خسر الغني اسمه وإن كنا نتبع الدنيوية سنخسر اسمنا أيضًا ولكننا لسنا يتامى ففي النهاية نحن لدينا أب ينتظرنا فلنسلم أنفسنا إليه، هذا الآب الذي أجابه :يا بني…نعم، في وسط هذا العالم الدنيوي…نحن لسنا يتامى.
زينيت