بعد أسابيع من انهيار المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية وفي حدث غير مسبوق، أحيا البابا فرنسيس في حدائق الفاتيكان أمسية صلاة للسلام في الشرق الاوسط شارك فيها الرئيسان الفلسطيني محمود عباس والاسرائيلي شمعون بيريس، وانتهت بغرس شجرة زيتون في الحدائق رمزاً للسلام.
وتعانق عباس وبيريس في بهو المبنى الذي يعيش فيه البابا فرنسيس وتبادلا المزاح وجلس الرئيس الاسرائيلي الى يمين البابا والرئيس الفلسطيني الى يساره خلال الامسية التي امتدت ساعتين و تخللتها صلوات يهودية ومسيحية واسلامية في الحدائق التي تظللها بازيليك القديس بطرس. وتليت الصلوات بالعبرية والانكليزية والعربية والايطالية مع فواصل موسيقية نابعة من تراث المعتقدات الثلاثة. وتركزت الصلوات على ثلاثة أفكار مشتركة بين الديانات الثلاث، تشكر الله على الخلق، وتسعى الى نيل الغفران عن الافعال الخاطئة وتتضرع الى الله من اجل احلال السلام في المنطقة.
وفي النهاية تصافح البابا وعباس وبيريس وحملوا رفوشاً واهالوا التراب على شتلة زيتون في حضور البطريرك المسكوني برتلماوس الاول تعبيراً عن وحدة المسيحيين.
وفي ختام الصلاة، خاطب البابا عباس وبيريس اللذين يلتقيان للمرة الاولى منذ سنة وهما اللذان صاغا اتفاقي اوسلو عام 1993، بأن “عليهما الاستجابة” لشعبيهما التواقين الى السلام في الشرق الأوسط وأن يجدا “القوة لمواصلة الحوار بشجاعة”. وأوضح “إن صنع السلام يتطلب شجاعة أكبر بكثير من الحرب. فهو يدعو إلى الشجاعة في أن نقول نعم للقاء ولا للصراع… نعم للحوار ولا للعنف… نعم للمفاوضات ولا للاقتتال… نعم لاحترام الاتفاقات ولا لأعمال الاستفزاز… نعم للإخلاص ولا للرياء. كل ذلك يتطلب شجاعة ويتطلب قوة وصلابة”. ورأى أن السعي من أجل السلام “عمل من أعمال المسؤولية العليا أمام ضمائرنا وأمام شعوبنا”، مشيرا إلى أن الملايين في أنحاء العالم ومن كل العقائد يصلون معهم من أجل السلام. وأضاف: “لقد استمعنا الى دعوات… ويتعين علينا الاستجابة. إنها دعوات لكسر مسلسل الكراهية والعنف ولكسره من خلال كلمة واحدة بمفردها: كلمة (شقيق)”.
وقال ايضاً إن الأطفال الذين كانوا الضحايا البريئة للحروب والصراعات جعلوا السعي من أجل السلام أمراً محتماً، و”إن ذكرى هؤلاء الأطفال تغرس فينا شجاعة السلام والقوة للاستمرار بشجاعة في الحوار… والصبر على أن ننسج يوماً بيوم لنصنع نسيجا أقوى من ذي قبل من الاحترام والتعايش السلمي… لتمجيد الرب ولخير الجميع”. واعلن انه أراد ان يجعل من هذه الصلاة “رحلة جديدة” نحو السلام.
وحضّ بيريس الفلسطينيين والاسرائيليين على اقامة السلام، قائلاً إن “من واجبنا حمل السلام الى ابنائنا”. وشدد على “اننا نستطيع معاً والان، كاسرائيليين وفلسطينيين تحويل رؤيتنا (الدينية) الى واقع من الازدهار ورغد العيش. في امكاننا حمل السلام الى ابنائنا. هذا واجبنا ومهمتنا المقدسة كأهل”.
وتلاه عباس فقال: “ربنا، اجعل السلام الشامل والعادل يحل علينا وعلى ربوع منطقتنا. نريد السلام لنا ولجيراننا”. ودعا أيضاً الى “جعل مستقبل شعبنا زاهرا” والى “ان يعيش بكرامة وحرية في وطنه السيد المستقل”.
النهار