واصل البابا فرنسيس اليوم الأربعاء خلال المقابلة العامة مع المؤمنين تعليمه الأسبوعي متوقفا عند الغيرة الرسولية في كلمات القديس بولس.
أجرى البابا فرنسيس اليوم الأربعاء ١٢ نيسان أبريل مقابلته العامة مع المؤمنين حيث واصل تعليمه حول شغف البشارة مذكرا بحديثه قبل أسبوعين عن الغيرة الرسولية للقديس بولس، وأضاف أننا سنتعمق اليوم في هذا الأمر انطلاقا مما كتب بولس الرسول في بعض رسائله. وأسهب الأب الأقدس أن القديس بولس، وانطلاقا من خبرته، لا يتجاهل خطر غيرة غير صحيحة تسير في اتجاه خاطئ، وهو ما حدث له هو شخصيا قبل أن توقفه العناية الإلهية على طريق دمشق. وعاد البابا فرنسيس هنا إلى كلمات بولس الرسول “إِنَّهم يَتَوَدَّدونَ إِلَيكَم لِغايَةٍ غَيرِ حَسَنَة” (غلاطية ٤، ١٧)، وذلك للإشارة إلى ما قد يكون لدينا في بعض الأحيان من اهتمام خاطئ التوجه يحرص على احترام قواعد بشرية بحتة باطلة بالنسبة للجماعة المسيحية.
وتابع قداسة البابا مشددا على أنه لا يمكن تجاهل اهتمامات للبعض، حتى في الجماعات المسيحية، وادعاء غيرة إنجيلية زائفة ترتبط في الواقع بالتباهي والقناعات الشخصية وحب الذات. ولكن ما هي الغيرة الإنجيلية الحقيقية حسب القديس بولس، تساءل الأب الأقدس، وعاد هنا إلى النص الذي قُرئ اليوم الذي يعدد فيه بولس الرسول ما وصفها بأسلحة المعركة الروحية، ومن بينها الاستعداد لنشر الإنجيل، وهو ما يترجمه البعض إلى الغيرة، والذي يشير إليه القديس بولس في شد الأقدام. ولِم إذن هذا الرباط بين النشاط لإعلان الإنجيل وما يشد به الشخص قدميه، قال البابا، وواصل أن هذه الاستعارة تستعيد نصا للنبي أشعيا: “ما أجمل على الجبال قدمَي المبشِّر، المُخبِر بالسلام المبشِّر بالخير، القائل لصهيون: “قد مَلك إلهُكِ”” (٥٢، ٧). فهنا أيضا هناك إشارة إلى الأقدام وذلك لأن مَن ينطلق للإعلان عليه أن يتحرك، أن يسير.
وواصل البابا فرنسيس حديثه عن الغيرة الإنجيلية واصفا إياها بالركيزة التي يقوم عليها الإعلان، وأضاف أن المعلِنين هم مثل أقدام جسد المسيح الذي هو الكنيسة. ما من إعلان بدون حركة، بدون انطلاق، بدون مبادرة، قال البابا، ويعني هذا أن المسيحي لا يكون مسيحيا إن لم يكن في سير، إن لم يخرج عن الذات لينطلق في سير حاملا الإنجيل. وتابع قداسته: لا يمكن أن نعلن الإنجيل بينما نكون متوقفين أو منغلقين داخل مكتب خلف طاولة أو أمام حاسوب، الإعلان يتم من خلال الحركة، السير، الذهاب.
عاد البابا فرنسيس من جهة أخرى إلى كلمات بولس الرسول في رسالته إلى أهل روما: “إِعمَلوا لِلرَّبِّ بِهِمَّةٍ لا تَفتُر ورُوحٍ مُتَّقد” (١٢، ١١). وواصل قداسته أن الدعوة إلى هذا التصرف قد وُجهت في سفر الخروج: “وهكذا تأكلونه: تكون أحقاؤكم مشدودة ونعالكم في أرجلكم وعصيُّكم في أيديكم، وتأكلونه على عجل فإنه فصحُ للرب” (١٢، ١١).
مَن يعلن الإنجيل هو على استعداد للانطلاق، تابع البابا فرنسيس، وعليه أن يتحرر من القوالب وأن يكون جاهزا لأفعال غير منتظرة وجديدة. لا يمكن لمعلن الإنجيل، واصل الأب الأقدس، أن يتحجر في أنماط قديمة، بل عليه أن يكون مستعدا ليتبع حكمة ليست من هذا العالم حسب ما يقول القديس بولس: “ولَم يَعتَمِدْ كَلامي وتَبْشيري على أُسلوبِ الإِقناعِ بِالحِكمَة، بل على أَدِلَّةِ الرُّوحِ والقُوَّة، كَيلا يَستَنِدَ إِيمانُكُم إِلى حِكمَةِ النَّاس، بل إِلى قُدرَةِ الله” (١ قور ٢، ٤-٥).
وفي ختام تعليمه الأسبوعي شدد البابا فرنسيس على أهمية توفُّر هذا الاستعداد أمام جديد الإنجيل، وهذا يعني اتخاذ المبادرات وعدم إهدار الفرص لإعلان إنجيل السلام، ذلك السلام الذي يعطيه المسيح أكبر وأفضل مما يعطيه العالم. ولهذا أحثكم على أن تكونوا مكرِّزين بالإنجيل في سير، بدون خوف، حاملين جمال يسوع وجديده الذي يغير كل شيء، ختم البابا
هذا وعقب اختتام تعليمه اليوم ذكَّر البابا فرنسيس بأن الأحد القادم هو أحد الرحمة ودعا إلى التفكير في رحمة الله الذي يستقبلنا ويرافقنا دائما ولا يتركنا بمفردنا أبدا. كما ودعا قداسته إلى الصلاة المثابرة من أجل أوكرانيا المتألمة. ولمناسبة الذكرى الستين لصدور الرسالة العامة “السلام في الأرض” للقديس البابا يوحنا الثالث والعشرين أشار الأب الأقدس إلى أهمية هذه الرسالة في الفترة التي صدرت فيها إلى جانب كونها معاصرة وآنية، ودعا المؤمنين والأشخاص ذوي الإرادة الطيبة إلى قراءة هذه الوثيقة ورفَع الصلاة كي يستلهم منها قادة الأمم في مشاريعهم وقراراتهم.