ترأس قداسة البابا فرنسيس القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس بمناسبة عيد العذراء سيّدة غوادالوبي وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها “َطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ” بهذه الكلمات تصف أليصابات حضور مريم في بيتها. كلمات تولد من أحشائها، كلمات تشكِّل صدى لكل ما اختبرته في زيارة نسيبتها لها: “ما إِن وَقَعَ صَوتُ سَلامِكِ في أُذُنَيَّ حتَّى ارتَكَضَ الجَنينُ ابتِهاجاً في بَطني، فَطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ”.
تابع الأب الأقدس يقول إن الله يزورنا في أحشاء امرأة، ويحرِّك أحشاء امرأة أُخرى بنشيد بركة وتمجيد وفرح. عندما يزورنا الله يتركنا قلقين، وإنما هو قلق سليم، قلق الذين يشعرون بأنّهم مدعوون كي يعلنوا أنّه حيّ وأنه في وسط شعبه. هكذا نراه في مريم، التلميذة الأولى والمُرسلة، تابوت العهد الجديد الذي، وبدلاً من أن تبقى في المكان المُخصص لها في هياكلنا، تخرج لزيارة نسيبتها وترافقها بحضورها خلال حملِها بيوحنا. وهكذا أيضًا خرجت عام 1531 إلى تيبيّاك لتخدم وترافق هذا الشعب الذي كان يتمخّض وأصبحت له أمًّا.
أضاف الحبر الأعظم يقول مع أليصابات نريد نحن اليوم أيضًا في عيدها أن نحييها قائلين: َطوبى لِمَن آمَنَت” ولا تزال تؤمن بتمامِ “ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ”. مريم هي أيقونة التلميذ والمرأة المؤمنة والمُصلّية التي تعرف كيف ترافق وتُعزّز إيماننا ورجاءنا في مُختلف المراحل التي نمرُّ بها. لأننا نجد في مريم الانعكاس الأمين لا لإيمان شاعري وإنما لإيمان راسخ وعلينا بالتأكيد أن نتعلّم من هذا الإيمان الراسخ والعامل الذي يميّز أمَّنا، هذا الإيمان الذي يعرف كيف يدخل في التاريخ ليصبح ملحًا ونورًا في حياتنا ومجتمعنا. إن المجتمع الذي نبنيه لأبنائنا قد أصبح أكثر فأكثر مطبوعًا بعلامات الانقسام والتفتُّت وبالتالي يترك العديد “خارجًا” لاسيما الذين أصبح من الصعب عليهم أن يؤمِّنوا أدنى مقوّمات العيش لكي يعيشوا حياتهم بكرامة. مجتمع يحبُّ أن يتباهى بإنجازاته العلميّة والتقنيّة ولكنه لا يبالي إزاء آلاف الوجوه التي لا يمكنها متابعة المسيرة ويتمُّ إقصاؤها بسبب كبرياء البعض الأعمى.
تابع الأب الأقدس يقول كم هو صعب علينا أن نفتخر بمجتمع الرفاهية عندما نرى أن قارتنا الأمريكيّة الحبيبة قد اعتادت على رؤية آلاف وآلاف الأطفال والشباب يتسوّلون في الشوارع وينامون في محطات القطارات. أطفال وشباب يتمّ استغلالهم في أعمال غير شرعيّة أو يجبرون على العمل عند تقاطع الطرقات في تنظيف الزجاج الأمامي في سياراتنا… كم من العائلات قد طبعها الألم لرؤيتهم لأولادهم ضحايا لتجار الموت… كم هو قاس أن نرى أننا قد حوّلنا إقصاء مُسنّينا إلى أمر طبيعي، فنجبُرَهم على العيش وحيدين فقط لأنهم لا يمكنهم أن يُنتجوا بعد الآن… إزاء جميع هذه الأوضاع، ينبغي علينا أن نقول مع أليصابات: “َطوبى لِمَن آمَنَت: فسَيَتِمُّ ما بَلَغها مِن عِندِ الرَّبّ” ونتعلّم هذا الإيمان الراسخ والعامل الذي يميّز أمَّنا.
أضاف البابا فرنسيس يقول إن الاحتفال بمريم هو قبل كلِّ شيء الاحتفال بتذكار الأُم وبأننا لن نكون أبدًا شعبًا يتيمًا. لدينا أمٌّ! وحيث تكون الأم نجد على الدوام بيتًا. حيث تكون الأم يمكن للإخوة أن يتشاجروا ولكنَّ الوحدة ستنتصر على الدوام. حيث تكون الأم لا يغيب أبدًا الكفاح في سبيل الأخوّة! إن النظر إلى العذراء سيّدة غوادالوبي هو تذكُّر أن الرب يزورنا دائمًا من خلال الأشخاص الذين يُجسِّدون كلمته ويسعون لتجسيد حياته في أحشائهم جاعلين من أنفسهم علامات حيّة لرحمته. الاحتفال بتذكار مريم هو التأكيد على أنّه في قلب وحياة شعبنا ينبُض شعور قويّ بالرجاء بالرغم من أوضاع الحياة التي تبدو وكأنّها تحجب كل رجاء.
تابع الأب الأقدس يقول مريم أحبَّت لأنّها آمنت ولأنّها خادمة للرب ولإخوتها. إن الاحتفال بتذكار مريم هو الاحتفال بأننا وعلى مثالها قد دُعينا للخروج والانطلاق للذهاب للقاء الآخرين بنظرتها وتصرّفاتها وأحشائها: أحشاء الرحمة؛ والتأمُّل بها هو أن نشعر بقوّة بالدعوة للتشبُّه بإيمانها. حضورها يحملنا على المصالحة ويمنحنا القوّة لكي نخلق روابطًا في أرض أمريكا اللاتينيّة المباركة فنقول “نعم” للحياة و”لا” لجميع أشكال اللامبالاة وإقصاء الشعوب والأشخاص وتهميشهم.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لا نخافنَّ أبدًا من الخروج للنظر إلى الآخرين بنظرة مريم، نظرة تجعلنا إخوة. ونحن نقوم بذلك لأننا، وعلى مثال خوان دييغو، نعرف أنّ أمنا حاضرة هنا وبأننا تحت ذيل حمايتها مصدر فرحنا وأننا بين ذراعيها.
إذاعة الفاتيكان
الرئيسية | أخبار الكنيسة | البابا فرنسيس: إنَّ الرب يزورنا دائمًا من خلال الأشخاص الذين يُجسِّدون كلمته
الوسوم :البابا فرنسيس: إنَّ الرب يزورنا دائمًا من خلال الأشخاص الذين يُجسِّدون كلمته