تلا قداسة البابا فرنسيس”إفرحي يا ملكة السماء” وتحدث إلى المؤمنين قبل الصلاة عبر الشبكة من مكتبة القصر الرسولي بدلا من الإطلالة التقليدية من النافذة المطلة على ساحة القديس بطرس، ويأتي هذا التغيير في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا، وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها: يقدّم إنجيل هذه الأحد رسالتين: الحفاظ على الوصايا ووعد الروح القدس.
تابع البابا فرنسيس يقول يربط يسوع المحبّة تجاهه بالحفاظ على الوصايا ويصرّ على هذا الأمر في خطاب الوداع إذ يقول: “إِذا كُنتُم تُحِبُّوني، حَفِظتُم وَصاياي”؛ “مَن تَلَقَّى وَصايايَ وحَفِظَها فذاكَ الَّذي يُحِبُّني”. يطلب منا يسوع أن نحبّه ولكنّه يشرح أنّ هذا الحب لا ينتهي في مجرّد الرغبة به أو في شعور ما، لا! وإنما هو يتطلّب الجهوزيّة لاتباع دربه أي مشيئة الآب. وهذا الأمر يتلخّص في وصيّة المحبة المتبادلة التي أعطاها يسوع نفسه: “أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً. كما أَحبَبتُكم أَحِبُّوا أَنتُم أَيضاً بَعَضُكم بَعْضاً”. لم يقل: “أحبّوني كما أنا أحببتكم”، وإنما “كما أَحبَبتُكم أَحِبُّوا أَنتُم أَيضاً بَعَضُكم بَعْضاً”. هو يحبّنا بدون أن يطلب منا شيئًا بالمقابل. إن محبّة يسوع مجانية ولا تطلب منا أبدًا شيئًا بالمقالب وهو يريد أن يصبح حبّه المجاني الشكل الملموس للحياة بيننا: هذه هي مشيئته.
أضاف الأب الأقدس يقول لكي يساعد التلاميذ على السير في هذه الدرب، يعد يسوع تلاميذه بأنّه سيصلّي إلى الآب لكي يرسل “مُؤَيِّدًا آخَرَ”، أي معزٍّ ومدافع يأخذ مكانه ويمنحهم الذكاء لكي يصغوا والشجاعة لكي يحافظوا على كلماته. هذا هو الروح القدس، عطيّة محبّة الله التي تحلُّ في قلب المسيحي. بعد ان مات يسوع وقام من الموت، مُنحت محبّته لجميع الذين يؤمنون به وتعمّدوا باسم الآب والابن والروح القدس. إن الروح القدس هو الذي يقودهم وينيرهم ويقوّيهم لكي يتمكّن كل فرد منهم من السير في الحياة حتى وسط المحن والصعوبات وفي الأفراح والآلام ثابتين على درب يسوع. هذا الأمر ممكن فقط بالطاعة للروح القدس لكي يتمكّن، بحضوره الفاعل، لا من أن يعزّي وحسب وإنما من أن يحوّل القلوب ويفتحها على الحقيقة والحب.
تابع الحبر الأعظم يقول إزاء خبرة الخطأ والخطيئة – التي نعيشها جميعًا – يساعدنا الروح القدس لكي لا نستسلم ويجعلنا نفهم ونعيش بالكامل معنى كلمات يسوع: “إِذا كُنتُم تُحِبُّوني، حَفِظتُم وَصاياي”. إن الوصايا لم تُعطى لنا كمرآة نرى فيها انعكاس بؤسنا وتناقضاتنا. لا! إن كلمة الله قد أُعطيت لنا ككلمة حياة تحوّل القلب والحياة وتجدّد، كلمة لا تحكم لتدين وإنما هي كلمة تشفي وهدفها المغفرة. كلمة تكون نورًا لخطانا. وهذا كلّه هو عمل الروح القدس! إنّه عطيّة الله، إنّه الله نفسه الذي يساعدنا لكي نكون أشخاصًا أحرارًا؛ أشخاص يريدون ويعرفون أن يحبّوا، أشخاص فهموا أن الحياة هي رسالة لكي نعلن العظائم التي يحققها الله في الأشخاص الذين يثقون به.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة “إفرحي يا ملكة السماء” بالقول لتساعدنا العذراء مريم، مثال الكنيسة التي تعرف كيف تصغي إلى كلمة الله وتقبل عطيّة الروح القدس، لكي نعيش الإنجيل بفرح وفي اليقين بأن الروح القدس يعضدنا، تلك النار الإلهية التي تُدفئ قلوبنا وتنير خُطانا.
أخبار الفاتيكان