“الرياء ليس لغة يسوع، ولا ينبغي أن يكون لغة المسيحي، لأن المرائي قادر على قتل جماعة بأسرها” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان؛ وأكّد الحبر الأعظم أنّه على مثال يسوع ينبغي على المسيحي أيضًا أن يتكلّم لغة الحق، وحذّر في هذا السياق من تجارب الرياء والتزلُّف.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجية اليوم من القديس مرقس وتمحورت حول كلمة “مراؤون”؛ الكلمة التي يستعملها يسوع على الدوام ليصف علماء الشريعة. إنّهم مراؤون لأنّهم يُظهرون أمرًا فيما يفكّرن بشيء آخر. لقد كان علماء الشريعة هؤلاء يتحدّثون ويحكمون على الآخرين فيما يفكّرون بأمور أخرى وهذا هو الرياء. الرياء ليس لغة يسوع ولا لغة المسيحيين. ولا يمكن للمسيحي أن يكون مرائيًّا كما لا يمكن للمرائي أن يكون مسيحيًّا. وهذا أمر بديهيّ. إنها الصفة التي يستعملها يسوع دائمًا مع هؤلاء الأشخاص المرائين الذين يتصرّفون بتزلُّف على الدوام.
تابع البابا فرنسيس يقول لقد كان هؤلاء الأشخاص يتزلّفون إلى يسوع، والتزلّف هو عدم قول الحقيقة والمبالغة وتنمية الغرور. يبدأ التزلُّف دائمًا بنيّة سيئة، تمامًا كعلماء الشريعة الذين يخبرنا عنهم إنجيل اليوم والذين أَرسَلوا إِلى يَسوعَ أُناسًا مِنَ الفِرّيسِيّينَ وَالهيرودُسِيّينَ لِيَصطادوهُ بِكَلِمَة، فبدؤا أولاً بالتزلُّف قائلين: “يا مُعَلِّم، نَحنُ نَعلَمُ أَنَّكَ صادِقٌ لا تُبالي بِأَحَد، لأنَّكَ لا تُراعي مَقامَ النّاس، بل تُعرِّفُ سَبيلَ اللهِ بِالحَقّ”، ثمَّ سألوه ليحرجوه: “أَيَحِلُّ دَفعُ الجِزيَةِ إِلى قَيصَرَ أَم لا؟ أَو نَدفَعُها أَم لا نَدفَعُها؟”.
أضاف الحبر الأعظم يقول إن الرياء مزدوج الوجه، ويسوع إذ َفَطِنَ لِرِيائِهِم، َقالَ لَهُم: “لِماذا تُحاوِلونَ إِحراجي؟ هاتوا دينارًا لأراه”، فيسوع يجيب دائمًا على المرائين والإيديولوجيين بالحقيقة، والحقيقة تختلف تمام الاختلاف عن الرياء والإيديولوجية. ولكن هذه هي الحقيقة: “هاتوا دينارًا لأراه” وأراهم ما هي الحقيقة وأجابهم بالحكمة التي تميّزه: “أَدّوا لِقَيصَرَ ما لِقَيصَر، وللهِ ما لله” لأنَّ الصورة والكتابة الموجودتان على الدينار هما لقيصر.
أما الجانب الثالث، تابع البابا فرنسيس يقول، فهو أن لغة الرياء هي لغة الخداع وهي اللغة عينها التي استعملتها الحيّة مع حواء. تبدأ بالتزلُّف لتدمّر الأشخاص بعدها يمكنها أيضًا أن تجرّد الإنسان من شخصيّته ونفسه وأن تقتل الجماعات. عندما يكون هناك شخص مرائي في جماعة ما، يكون هناك خطر كبير، ولذلك يقول لنا يسوع: “لِيَكُن كَلاَمُكُم: نَعَم نَعَم، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ”.
أضاف الأب الأقدس يقول ما أكبر الأذى الذي يُسببه الرياء للكنيسة، وحذّر المؤمنين في هذا السياق من المسيحيين الذين يسقطون في هذا الموقف الذي يقتل، وقال إن المرائي قادر على قتل جماعة بكاملها، لأنّه يتحدّث بلطافة مع الشخص فيما يحكم عليه بشكل سيّئ. المرائي هو قاتل. لنتذكّر هذا الأمر على الدوام: عندما يبدأ أحدهم بالتزلُّف إلينا علينا أن نجيب بالحقيقة؛ لأن الرياء هو لغة الشيطان الذي يزرع في الجماعات ذلك اللسان المتشعِّب ليدمّرها. لنطلب من الرب أن يحفظنا كي لا نسقط في رذيلة الرياء، ليمنحنا الرب هذه النعمة: “يا رب ساعدني لكي لا أكون مرائيًّا وأعرف كيف أقول الحقيقة أو أبقى ساكتًا إن لم يكن بإمكاني قولها ولا أكون مرائيًّا أبدًا”.
اذاعة الفاتيكان