“إنّها لغة المافيا المشتركة، عمليّة موت تكسر التعايش بين الأشخاص وتعزّز الجرائم وتُدمِّر من يقوم بها” هذا هو الفساد بحسب ما كتبه البابا فرنسيس في مقدّمة كتاب الكاردينال بيتر توركسن الذي صدر ظهر أمس الخميس ويحمل عنوان “الإنحلال”.
كتب البابا فرنسيس تذكّرنا كلمة “corrotto” (فاسد) بالقلب المكسور “Cuore rotto”، قلب منكسر ومُلطّخ؛ عاد البابا في هذه المقدِّمة للتأمُّل حول أكثر الشرور التي يدينها في حبريّته، وتوقّف عند ظاهرة الفساد في “نقائلها” التي تستثمر حالة الأشخاص الداخلية والواقع الإجتماعي. استهل الأب الأقدس تأمّله من العلاقات الثلاثة التي تميّز الحياة البشريّة: العلاقة مع الله والعلاقة مع القريب والعلاقة مع البيئة. وعندما يكون الإنسان صادقًا يعيش هذه العلاقات بمسؤوليّة في سبيل الخير العام، أما الإنسان الذي يسمح للفساد أن يسيطر عليه يعيش سقطة، والسلوك المعادي للمجتمع الذي يسببه الفساد يقود إلى حلّ هذه العلاقات، فتنكسر أعمدة التعايش بين الأشخاص لأنَّ المصالح الخاصة هي كالسم الذي يُسمِّم كل وجهة نظر عامة.
تابع البابا فرنسيس إن الفساد نتن وتفوح منه رائحة كريهة، رائحة قلب مهترئ يكون في أساس الاستغلال والانحلال والظلم الاجتماعي و”إماتة” الجدارة وغياب خدمة الأشخاص، هذا ما يقوم أيضًا في أساس العبوديّة وإهمال المدينة والخير العام والطبيعة. إنَّ الفساد هو نوع من أشكال التجديف وهو سلاح المافيا ولغتها المشتركة وعمليّة موت تولِّد ثقافة الموت في الذين يدبّرون الجرائم. واليوم وفيما يُصعب تصوّر المستقبل يشكّل الفساد تهديدًا للرجاء وفي هذا الإطار حذّر الأب الأقدس الكنيسة من أخطر أشكال الفساد “الدنيوية الروحيّة” والفتور والرياء واللامبالاة.
وختم البابا فرنسيس مذكّرًا بجمال المكان الذي يكتب فيه داخل الفاتيكان وأشار إلى أنَّ الجمال ليس مجرّد “قطعة تكميليّة” وإنما أمر يتمحور حول الشخص البشري، وعلى هذا الجمال أن يقترن بالعدالة؛ لذلك ينبغي علينا أن نفهم الفساد وندينه لكي تنتصر الرحمة على الجشع والإبداع على الاستسلام. إنَّ الفاسد ينسى أن يطلب المغفرة لأنّه تعب وغير مبال وممتلئ من ذاته. وبالتالي يمكن للكنيسة والمسيحيين أن يتَّحدوا لكي يولِّدوا أنسنة جديدة.
إذاعة الفاتيكان