“أن يسير المرء في حضرة الله وأن يكون كاملاً، هذه هي المسيرة نحو القداسة” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وأكّد أن هذه المسيرة هي التزام يحتاج لقلب يعرف كيف يرجو بشجاعة وكيف يُسائل ذاته وينفتح ببساطة على نعمة الله.
قال الأب الأقدس القداسة لا تُشترى ولا نكتسبها بفضل قوانا البشريّة؛ لا! إن القداسة البسيطة لجميع المسيحيين، وقداستنا أيضًا، أي تلك التي ينبغي علينا أن نعيشها كل يوم، هي مسيرة يمكن المبادرة فيها فقط إن كانت تعضدها هذه العناصر الأربعة الجوهريّة: الشجاعة والرجاء والنعمة والارتداد.
استهل البابا فرنسيس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من رسالة القديس بطرس الأولى والتي يمكن اعتبارها “دراسة صغيرة حول القداسة” والتي هي قبل كل شيء مسيرة في حضرة الله. هذا السير: القداسة هي مسيرة، القداسة لا تُشترى ولا تباع ولا تُهدى حتى. القداسة هي مسيرة في حضرة الله ينبغي عليّ أن أقوم بها شخصيًّا إذ لا أحد يمكنه أن يقوم بها باسمي. يمكنني أن أصلّي من أجل الشخص الآخر ليكون قدّيسًا ولكن ينبغي عليه أن يقوم بالمسيرة شخصيًّا ولا يمكنني أن أقوم بها نيابة عنه. أن يسير المرء في حضرة الله وأن يكون كاملاً هذه هي القداسة؛ وأنا اليوم سأستعمل بعض الكلمات التي تعلّمنا كيف هي القداسة في الحياة اليوميّة، تلك القداسة التي يمكننا القول أيضًا أنها تتم في الخفاء. الكلمة الأولى هي الشجاعة، إن المسيرة نحو القداسة تتطلّب الشجاعة.
تابع الحبر الأعظم يقول إن ملكوت السماء الذي يحدِّثنا عنه يسوع هو للذين يملكون الشجاعة ليسيروا قدمًا، والشجاعة يحركها الرجاء على الدوام، وبالتالي فالكلمة الثانية في الرحلة التي تقودنا نحو القداسة هي الرجاء. وبالتالي فهي شجاعة ترجو بلقاء يسوع، ومن ثمّ هناك العنصر الثالث وهو ما يكتب عنه بطرس في رسالته: “ٱجعَلوا كُلَّ رَجائِكُم في ٱلنِّعمَةِ”. لا يمكننا أن نحقق القداسة وحدنا، لا! إنها نعمة. أن يكون المرء صالحًا وأن يكون قديسًا يسير كل يوم خطوة إضافيّة في الحياة المسيحية هي نعمة من الله ينبغي علينا أن نطلبها. إذًا شجاعة ومسيرة! مسيرة ينبغي أن نقوم بها بشجاعة ورجاء وجهوزيّة لنوال هذه النعمة. والرجاء هو رجاء المسيرة، وفي هذا السياق أنصحكم بأن تقرؤوا الفصل الحادي عشر من الرسالة إلى العبرانيين إنه فصل جميل جدًّا! يخبرنا عن مسيرة آبائنا، أول من دعاهم الله وكيف ساروا قدمًا في مسيرتهم، وعن أبينا إبراهيم يقول: “بِالإِيمانِ لَبَّى إِبراهيمُ الدَّعوَة فخَرَجَ إِلى بَلَدٍ قُدِّرَ لَه أن يَنالَه ميراثًا، خَرَجَ وهولا يَدري إِلى أَينَ يَتَوجَّه”.
تابع البابا فرنسيس يقول في رسالته يسلّط بطرس الضوء على أهميّة عنصر رابع، لاسيما عندما يدعو محاوريه لكي لا يستسلموا “إِلى ما سَلَفَ مِن شَهَواتِهم في أَيّامِ جاهِلِيَّتِهم” ويحثّهم بشكل خاص ليغيّروا قلوبهم من الداخل من خلال عمل يوميّ داخلي ومستمرّ: الارتداد اليومي! قد يقول لي أحدكم “هل ينبغي علي أن أقوم بأعمال تكفير لكي أرتد؟” أقول لكم: “لا! تكفي أعمال الارتداد الصغيرة‘ على سبيل المثال إن كنت قادر على عدم اغتياب الآخر، فأنت تسير على الدرب الصحيح نحو القداسة، إنه أمر بسيط!” إن شعرت بأنني أريد أن انتقد جاري أو زميلي في العمل علي أن أضبط لساني قليلاً، قد ينتفخ ربّما ولكن روحي ستصبح أكثر قداسة في هذه المسيرة؛ لستُ بحاجة لإماتات كبيرة لا! إن مسيرة القداسة بسيطة جدًّا، يكفي ألا أتراجع وإنما أن أسير دائمًا إلى الأمام وبشجاعة!
إذاعة الفاتيكان
الوسوم :البابا فرنسيس: القداسة هي أن نرجو بشجاعة يومًا بعد يوم