تلا قداسة البابا فرنسيس صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يقدّم لنا إنجيل هذا الأحد لحظة اعتراف بطرس بإيمانه بيسوع كالمسيح وابن الله. إن اعتراف الرسول هذا هو ثمرة سؤال يسوع الذي أراد أن يقود تلاميذه لكي يقوموا بالخطوة الحاسمة في علاقتهم معه. في الواقع، إن مسيرة يسوع مع الذين يتبعونه، ولاسيما مع الاثني عشر، هي مسيرة تربية لإيمانهم. فهو يسألهم أولاً: “مَنِ ابنُ الإِنسانِ في قَولِ النّاس؟”. إن الحديث عن الآخرين ليس مُلزمًا، حتى وإن كان السؤال في هذه الحالة من وجهة نظر الإيمان لا الثرثرة. ويبدو أن التلاميذ كانوا يتسابقون في نقل مختلف الآراء التي وربما كانوا يوافقون عليها بأنفسهم. ففي الجوهر يسوع الناصري كان يُعتبر نبيًّا.
تابع الأب الأقدس يقول أما بالسؤال الثاني فيسوع يلمسهم بشكل مباشر: “وَمَن أَنا في قَولِكُم أَنتُم؟”. هنا يبدو لنا أننا نشهد على بضع لحظات من الصمت، لأن كل فرد من الحاضرين مدعو للمشاركة، موضحًا سبب اتباعه ليسوع؛ لهذا السبب فإن بعض التردد هو أكثر من شرعي. عندها أنقذهم سمعان من الإحراج، وأعلن بحماس: “أنت المسيح، ابن الله الحي”. هذا الجواب الكامل والمنير، لم يأتِ من اندفاعه، مهما كان سخيًّا، وإنما هو ثمرة نعمة خاصة من الآب السماوي. في الواقع، قال له يسوع: “لَيسَ اللَّحمُ وَالدَّمُ كَشَفا لَكَ هَذا، بَل أَبي الَّذي في السَّمَوات”. في الوقت عينه اعترف يسوع بتجاوب سمعان السريع لإلهام النعمة وقال معلنًا: ” أَنتَ صَخرٌ، وَعَلى الصَّخرِ هَذا سَأَبني كَنيسَتي، فَلَن يَقوى عَلَيها سُلطانُ المَوت”. بهذا الإعلان أفهم يسوع بطرس المعنى الجديد للاسم الذي أعطاه إياه، “صخر”: إن الإيمان الذي أعلنته هو الصخر الثابت الذي يريد ابن الله أن يبني عليه كنيسته، أي الجماعة.
أضاف الحبر الأعظم يقول نسمع اليوم، سؤال يسوع موجه إلى كل فرد منا: “وَمَن أَنا في قَولِكُم أَنتُم؟”. يتعلّق الأمر بإعطاء جواب غير نظري، لكنه يتضمن الإيمان، أي الحياة، لأن الإيمان هو حياة! جواب يتطلب منا أيضًا، على مثال التلاميذ الأوائل، الاصغاء الداخلي إلى صوت الآب والانسجام والتوافق مع ما تواصل الكنيسة المجتمعة حول بطرس إعلانه. يتعلّق الأمر بأن نفهم من هو المسيح بالنسبة لنا: إن كان هو محور حياتنا وهدف كل التزام لنا في الكنيسة وفي المجتمع.
تابع الأب الاقدس يقول إنه أمر لا غنى عنه وجدير بالثناء أن يكون العمل الراعوي في جماعاتنا منفتح على العديد من الفقراء وحالات الطوارئ. المحبة هي على الدوام الطريق الرئيسية للكمال. لكن من الضروري ألا تصرف أعمال التضامن انتباهنا عن العلاقة بالرب يسوع، لأن المحبة المسيحية ليست مجرّد عمل خيري، بل هي من جهة أن ننظر إلى الآخر بعيني يسوع، ومن جهة أخرى، أن نرى يسوع في وجه الفقراء.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لتكن لنا مريم الكليّة القداسة، التي نالت الطوبى لأنها آمنت، المرشد والمثال في مسيرة الإيمان بالمسيح ولتجعلنا ندرك أن الثقة به تعطي المعنى الكامل لمحبّتنا وحياتنا بأسرها.
أخبار الفاتيكان