“أَحِبّوا أَعداءَكُم، وَصَلّوا مِن أَجلِ مُضطَهِديكُم” هذا هو السرُّ الذي ينبغي على المسيحيين أن يتشبّهوا به ليكونوا كاملين كالآب” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم من الإنجيلي متى وقال المغفرة والصلاة ومحبّة من يريد أن يؤذينا وعدوّنا وحدها كلمة الله بإمكانها مساعدتنا لعيش هذه الأمور وشدد في هذا السياق على الصعوبة البشريّة في اتباع مثال أبانا السماوي الذي يتمتّع بهذا الحب الشامل وبالتالي فالتحدي الذي يواجهه المسيحي هو أن يطلب من الرب نعمة أن يصلّي من أجل أعدائه ويلتزم في محبّتهم.
تابع الحبر الأعظم يقول نفهم إذًا أنّه علينا أن نسامح أعداءنا. نقول هذا يوميًّا في صلاة الأبانا عندما نطلب من الآب أن يغفر لنا كما نحن نغفر لمن خطئ وأساء إلينا ونضعها كشرط… حتى وإن كان الأمر صعبًا. كذلك أيضًا هي الصلاة من أجل الآخرين ولاسيما من أجل الذين يسببون لنا المشاكل أو الذين يضعوننا في محن وصعوبات، ولكننا نصلّي من أجلهم أو أقلّه قد نجحنا أحيانًا في فعل ذلك. لكن أن أصلّي من أجل الذين يريدون لي الأذيّة والأعداء لكي يباركهم الرب هذا الأمر يصعب فعلاً فهمه. لنفكّر في القرن الماضي عندما كان المسيحيون الروس يُرسلون إلى سيبيريا ليموتوا من البرد لمجرَّد أنّهم مسيحيين وكان عليهم أن يصلّوا من أجل الحكومة الشرّيرة التي كانت ترسلهم إلى الموت! كثيرون كانوا يصلّون. لنفكّر في أوشفيتز أيضًا ومعسكرات الاعتقال الأخرى حتى هناك كان عليهم أن يصلّوا من أجل الديكتاتور الذي كان يريد عرقًا نقيًّا وكان يقتل بدون أي رادع، وكانوا يصلّون أيضًا لكي يباركه الله وكثيرون كانوا يقومون بذلك.
أضاف البابا فرنسيس يقول إنّه منطق يسوع الصعب والذي نجده في الإنجيل في الصلاة التي رفعها على الصليب طالبًا المغفرة للذين كانوا يقتلونه: “يا أَبَتِ اغفِر لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون”، لقد طلب يسوع المغفرة لهم وهكذا أيضًا طلب القديس اسطفانوس المغفرة للذين كانوا يقتلونه. ما أبعدنا عن هذه المغفرة نحن الذين غالبًا لا نسامح على الأمور الصغيرة والبسيطة فيما هذا هو ما يطلبه منا الرب بالتحديد وقد أعطانا مثالاً لذلك: أن نغفر للذين يسيئون إلينا ويريدون أن يدمِّروننا. تصعب المغفرة احيانًا في العائلات، فلا يمكن للزوجين أن يغفر واحدهما للآخر بعد شجار ما أو هناك من لا يسامح حماته وإلى ما هنالك… ليس أمرًا سهلاً، كذلك ان يطلب الابن المغفرة من أباه ليس أمرًا سهلاً. فكيف بالحري أن تغفر للذين يقتلونك ويريدون التخلُّص منك لا بل أن تصلّي من أجلهم أيضًا وأن تطلب من الله أن يحفظهم وأن تحبّهم! وحدها كلمة الله بإمكانها أن تشرح هذا الأمر وأن تساعدنا على عيشه، لأننا وحدنا لا يمكننا أن نصل إلى هذا الحد.
وبالتالي تابع الحبر الأعظم يقول إنها نعمة علينا أن نطلبها وهي أن نفهم ولو القليل من هذا السرِّ المسيحي لنكون كاملين كالآب الذي يمنح الخيرات للصالحين والأشرار، سيفيدنا أن نفكّر بأعدائنا واعتقد أن لكلٍّ منا أعداءه، سيفيدنا اليوم أن نفكِّر بعدوٍّ لنا وأعتقد أن لكلٍّ منا شخص قد آذاه أو يريد أن يؤذيه أو يحاول أن يؤذيه، ليفكّر كل منا بهذا الشخص ولتكن صلاتنا لا صلاة الانتقام “سوف تدفع الثمن” وإنما الصلاة المسيحيّة “باركه يا رب وعلّمني أن أحبّه”. ليفكّر كلٌّ منا في هذا الشخص في حياته وليصلّي من أجله سائلاً من الرب أن يعطيه نعمة أن يحبّه.
إذاعة الفاتيكان